خلال جلسة قبل عامين في كلية التواصل بجامعة نافار ا الإسبانية، أعرب رئيس الجامعة ألفونسو سانشيز تابيرنيرو عن قلقه بشأن مستقبل الإعلام الجيد، ورأى أن المؤسسات الإعلامية التقليدية لم تستجِب بشكل فعال للتحدي الذي تشكّله الوسائط الرقمية.
هذا الحديث دفع كاتب هذا المقال جيمس برينير وزميلته مرسيدس ميدينا لافيرون إلى العمل بهدف مواجهة هذا التحدي والسعي إلى إيجاد حلول ومسارات واعدة للعمل الصحفي، وبالفعل توصلا إلى إعداد ورقة بحثية حول هذه المسألة.
وقال برينير: "حدّدنا 20 مثالًا للعمل الصحفي الجيّد والذي يحقق استدامة في 20 مؤسسة إخباريّة ضمن أربع مناطق هي أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، وبعدها قمنا بفحص عناصر نماذج الأعمال لمعرفة ما إذا كانت هناك مسارات واعدة وتجارب مفيدة".
ويمكن الاطلاع على ملخص للبحث مع رسم بياني تفصيلي لـ 20 مؤسسة إخبارية عبر الضغط هنا، وقد خلص البحث إلى أنّ هناك خمسة عناصر مشتركة بين هذه المؤسسات الناجحة.
أولاً: الإستقلالية والمصداقية
أوضحت جميع المؤسسات الإخبارية أنها تعمل بشكل مستقل عن السلطات السياسية والتجارية، معتبرةً أنّ هذه الإستقلالية مرتبطة بالمصداقية والحصول على ثقة المتابعين، كما شدّدت المؤسسات على المحتوى المميز والالتزام بالخدمة العامة. وبهدف إثبات المصداقية والشفافية، حدّدت هذه المؤسسات المالكين أو المستثمرين أو المساهمين أو المانحين أو الرعاة، وكشفت عن معظم البيانات المالية بشكل مفصّل وتظهر الإيرادات والنفقات. كما قدّمت جميع المؤسسات الإخبارية ملفات تعرّف عن المديرين التنفيذيين والمحررين والعاملين الآخرين والتقنيين.
وتهتمّ 14 من أصل 20 مؤسسة إخبارية بصحافة المساءلة والصحافة الاستقصائية، وكشفت معظم المؤسسات كيفية العمل على جمع معلومات لإعداد التقارير الاستقصائية وكيفية اتخاذ القرارات حول تقديمها.
ثانيًا: التركيز على المستخدمين
تركّز جميع المؤسسات الإخبارية على احتياجات ومشاكل المستخدمين بشكل أساسي، وهذا الإهتمام يدفع المستخدمين والمتابعين إلى الدفع مقابل الاشتراك الرقمي والحصول على محتوى مميّز، فيما يأتي المعلنون والجهات الراعية في المرتبة الثانية لدى بعض المؤسسات، فيما لا تقبل نصف هذه المؤسسات الإعلانات.
ثالثًا، هذه المؤسسات رقمية
تُدرك هذه المؤسسات أهمية التواصل الرقمي وتباينه عن الوسائط التقليدية، وتضع جميعها روابط في التقارير للمصادر الرئيسية والمستندات والوثائق الأصلية لتقديم الدليل وتوضيح السياق، كما تقدّم هذه المؤسسات التقارير باستخدام وسائط متعددة، ما يجعل العمل اجتماعيًا ويمكن مشاركته على منصات التواصل الإجتماعي، حيث يفضل المستخدمون استهلاك الأخبار والمعلومات.
رابعًا، المؤسسون هم صحفيون مخضرمون
أسّس صحفيون مخضرمون معظم هذه المؤسسات الإخبارية، مستعينين بخبرتهم وسمعتهم ومصداقيتهم، أي رأس مالهم الاجتماعي، لجذب المستثمرين والمساهمين والموظفين. أمّا موقع Perspective-Daily الألماني فقد أسسه خبيران ويركزان في العمل على صحافة الحلول.
خامسًا: إشراك الجمهور وتشجيع المشاركة
تشجّع المؤسسات جمهورها على المشاركة في جمع المعلومات، أو ما يسمّى بـ"التعهيد الجماعي"، وذلك من خلال التواصل والتفاعل معه للحصول على اقتراحات بشأن تقارير جديدة ونصائح إخبارية ولإجراء تحقيقات جماعية. ويعدّ أفضل دليل على مشاركة المتابعين هو استعدادهم للدفع مقابل الإشتراك الرقمي أو العضوية.
وفيما يدرك الصحفيون العاملون في هذه المؤسسات الإخبارية مدى أهمية أدوارهم ومساهماتهم في النجاح المالي للمؤسسات، تمّ توثيق أنّ سبعة من أصل 20 مؤسسة لا تتوخّى الربح، أمّا 13 منها فلديها نموذج أعمال يهدف إلى تحقيق الربح.
إذًا، اخترنا في هذا المقال خمسة معايير لاستدامة المؤسسات الإخبارية، ويمكن الإطلاع أيضًا على مقال حول 10 نماذج جديدة من الصحافة الجيدة.
نُشر هذا المقال للمرة الأولى على مدونة جيمس برينير وأعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.
جيمس برينير هو زميل سابق في مركز نايت للصحافة التابع للمركز الدولي للصحفيين. أطلق ويدير مركز الصحافة الرقمية في جامعة غوادالاخارا. يمكن زيارة موقعيه الإلكترونيين News Entrepreneurs وPeriodismo Emprendedor en Iberoamérica.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة ماركوس سبايسكي.