يعيش ما يُقدر بحوالي 1.3 مليار شخص حول العالم بإعاقة كبيرة، ومع تزايد الأمراض غير المُعدية، فمن المتوقع زيادة هذا الرقم.
في هذا الإطار، ناقش خبراء في مؤتمر Online News Association المُنعقد في وقت سابق من العام الجاري، أوجه القصور في التغطية الحالية للموضوعات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وكيف يمكن أن تجتهد غرف الأخبار لتصبح أكثر شمولًا.
وقدمت مديرة جمعية الصحفيين من ذوي الإعاقة، كارا ريدي، ورئيس جمعية المحاربين القدامى في الصحافة، راسل ميدوري، والصحفي والزميل في مؤسسة القرن، ريان بريور، إرشادات للمراسلين لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في تغطياتهم بشكل أفضل.
وإليكم بعض الملاحظات من الجلسة:
اجعل غرفتك الإخبارية ملائمة أكثر لذوي الإعاقة
على الرغم من الجهود المبذولة لزيادة التنوع والشمول في غرف الأخبار، إلا أنّه لا يزال أمام العمل الصحفي طريق طويل عندما يتعلق الأمر بتلبية احتياجات الصحفيين ذوي الإعاقة. وأوضحت ريدي أنّه على الرغم من أنّ تحويل غرفتك الإخبارية لتكون ملائمة أكثر لذوي الإعاقة قد يبدو مكلفًا، إلا أنّ العديد من هذه الإضافات ليست باهظة الثمن.
وشرحت ريدي: "تبلغ تكلفة أغلب الترتيبات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة 500 دولار أميركي أو أقل، وعادة عندما تنفق هذا المبلغ تصبح الترتيبات متاحة للجميع، ولا تكون تكلفة متكررة".
ولا تُدر القدرة على إتاحة هذه الترتيبات نفعًا على الصحفيين والأشخاص ذوي الإعاقة فقط، وإنّما تُمكّن المنظمة أيضًا من سرد قصص أكثر شمولًا تصل إلى قطاع أكبر من الجماهير وتدمجهم.
وأوضح ميدوري: "كمؤسسات صحفية، نهدف بشكل عام إلى البحث عن الحقيقة.. أليس كذلك؟ إنّ توفير تلك الترتيبات الخاصة للصحفيين ذوي الإعاقة يجعلك أقرب إلى الحقيقة؛ لأنّ دور التنوع لا يكمن فقط في كونه شيئًا رائعًا الآن، وإنّما يساعدنا في سرد قصصنا بشكل أفضل".
كن مرنًا
قد تتطلب احتياجات بعض الموظفين والمصادر منك تعديل كيفية إجرائك لعملك، وينبغي عليك تفهم ذلك وبذل قصارى جهدك لتلبية احتياجاتهم.
وقال بريور: "سيرغب العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة في إجراء المقابلات عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية؛ لأنّهم يكونون أكثر ارتياحًا في الكتابة بدلًا من التحدث معك مباشرة".
وقد يقتضي هذا منك أن تطلب من محررك المزيد من الوقت لكتابة مقالك، ومن الأهمية بمكان أن تسرد هذه القصص بدلًا من حذفها لأنها تستهلك وقتًا أطول لإنجازها.
يختلف الجميع في تصنيفاتهم لأنفسهم
هناك جدال مستمر في الصحافة حول ما إذا كان ينبغي تصنيف أعضاء الجماعات المهمشة. لقد تعلّم الكثير من الصحفيين البدء بالشخص أولًا ثم اتباعه بالهوية، ومع ذلك، هذه ليست الطريقة التي يختار الجميع تصنيف أنفسهم بها.
وأوضحت ريدي: "اعتدت أن أقول إنني شخص مصاب بالتقزم، ولكن الآن أقول إنني قزمة لأنّ هذه هويتي، وهذه هي الطريقة التي أمضي بها في العالم، ويتوصل الناس إلى فكرة الهوية والإعاقة هذه بطرق مختلفة وفي أوقات مختلفة من حياتهم".
وينبغي على الصحفي عند إجراء مقابلات مع مصادر من ذوي الإعاقة سؤالهم كيف يريدون أن يتم تعريفهم، وحتى إذا كان الصحفي يعرف المصدر مسبقًا لربما اختلفت طريقة تصنيفهم لأنفسهم. ويجب على الصحفي إدراك أنّ الأشخاص قد لا يعتبرون إعاقتهم جزءًا من هويتهم، وربما يختارون عدم ذكرها لتجنب التعرض للتمييز، أو العنف، أو فقدان الوظيفة، أو وجود افتراضات بحاجتهم للمساعدة.
أصحاب الإعاقة خبراء أيضًا
عندما كان بريور يعدّ كتابه "The Lone Haul"، لاحظ أنّ المرضى الذين حاورهم عن الآثار طويلة المدى لكوفيد-19 كانوا أفضل المصادر عن هذا الموضوع.
وقال بريور: "أردت التواصل مع الأشخاص الأكثر معرفة بالموضوع، وفي كثير من الأحيان، كانت مقابلاتي مع الأطباء والعلماء من بين الأكثر إحباطًا"، موضحًا: "كنتُ أحاول الحصول على المعلومات من خلال الحوارات فقط، وكانت المعلومات موجودة لدى المرضى بينما لم تكن كذلك عند الأطباء".
وللوهلة الأولى، ربما تبدو محاورة طبيب أو باحث الخيار الوحيد لسرد قصة عن الإعاقة وآثارها، ولكن يمكن للأشخاص المصابين بهذه الإعاقة أن يكونوا مصادر أيضًا نظرًا لتجربتهم الحياتية، ويمكنهم أن يجعلوا المقابلة أكثر جاذبية مع إضافة عنصر الاهتمام الإنساني لقصتك أيضًا.
وقال بريور: "المرضى هم الخبراء، فالأشخاص أصحاب التجربة الحياتية لديهم معرفة إما 10 مرات أو ربما حتى 50 مرة أكثر من الخبراء".
وتلعب الإعاقات دورًا في العديد من القصص، ولكنها غالبًا ما يتم إهمال ذلك الارتباط أو تجاهله أو تصنيفه كقضية متخصصة. فعلى سبيل المثال، يعيش الأشخاص ذوو الإعاقة في فقر بمعدل يزيد عن ضعف معدل الفقر لدى الأشخاص الذين لا يعانون من الإعاقة، ومع ذلك لا تذكر الكثير من القصص المكتوبة عن الفقر الإعاقات.
وقالت ريدي: "نحاول دفع الصحفيين لكي لا ينظروا إلى الإعاقة كأمر طبيعي"، موضحة "لأنّ الفقر لا يسبب الإعاقة فقط وإنّما يفاقمها أيضًا، فلماذا لا نتحدث عنها أكثر؟".
ويرى بريور أنّ النظر في الآثار على الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن أن يُشكل نقطة انطلاق جيدة لأي تحقيق استقصائي. واختتم قائلًا: "إذا كنت تريد تقديم صحافة استقصائية جيدة ابدأ بالأشخاص ذوي الإعاقة".
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة إليزابيث وولنر.