تقدّر منظمة الصحة العالمية أنّ أكثر من مليار شخص حول العالم يعانون من أحد أشكال الإعاقة. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن تزايد عدد المتعايشين مع الإعاقة يرجع جزئيًا إلى شيخوخة السكان وزيادة الإصابة بالحالات الصحية المزمنة.
ولذلك سعت المؤسسات الإعلامية في السنوات الأخيرة إلى زيادة نسبة تمثيل الأشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصّة. وقد كشفت شركة "نيلسن" المتخصصة في مجال الأبحاث التسويقية في تقريرها لعام 2021 أن حجم المحتوى الذي يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة زاد بنسبة تتعدى 175% على مدى العقد الأخير. وحسب التقرير ذاته، يرى 8% من المتعايشين مع الإعاقة أن الإعلام يصوّرهم بشكل غير دقيق، كما يقول 7% منهم إن المحتوى لا يمثلهم بالشكل الكافي.
ولكن من خلال زيادة التمثيل الإعلامي وإتاحة المحتوى للأشخاص ذوي الإعاقة، يمكن للمؤسسات الإخبارية أن توسّع نطاق جمهورها وتقدم تمثيلًا أكثر دقة لمختلف أنواع السكان حول العالم.
فيما يلي بعض النصائح لمساعدة الصحفيين في تحسين تغطيتهم لهؤلاء الأشخاص:
تذكّر أن الأشخاص ذوي الإعاقة ليسوا مجموعة موحّدة
في عام 2011، كشفت منظمة الصحة العالمي في تقريرها العالمي حول الإعاقة أن هناك 253 مليون شخص يعانون من أحد أشكال العمى وضعف البصر، وأن 466 مليون يعانون من الصمم وفقدان السمع، بينما يتعايش 200 مليون شخص مع الإعاقة الذهنية. إضافة إلى ذلك، يحتاج 75 مليون شخص إلى الكراسي المتحركة يوميًا. وفي حين أن هذه الأرقام لا تمثل سوى الإعاقات الأكثر إنتشارًا، هناك العديد من الأشكال الأخرى التي تؤثر على الأشخاص حول العالم.
وبمناسبة اليوم الوطني لاستقلال ذوي الإعاقة، قال الناشط تشيلا مان عبر صفحته على إنستجرام: "إسألوا كل منّا على حدة عن احتياجاتنا". لذا من المهم التحدث إلى أعضاء هذا المجتمع حول احتياجاتهم عند محاولة جعل وسائل الإعلام أكثر إتاحة وشمولًا. ويُمكن القضاء على الصور النمطية من خلال تنويع الموضوعات الإعلامية لتشمل الأشخاص الذين يعانون من مختلف أشكال الإعاقة.
استخدم الوسائط المتعددة في السرد القصصي لجعل المحتوى أكثر إتاحة للجميع
لقد تطورت الصحافة بشكل هائل خلال القرن الحادي والعشرين بفضل الإنترنت والتقدم التكنولوجي. لذلك توفر التغطية الصحفية في العصر الرقمي مساحة أكبر للسرد القصصي عبر الوسائط المتعددة، مقارنة بالصحافة المطبوعة وحدها.
ولجعل المحتوى الإعلامي أكثر إتاحة للجمهور من ذوي الإعاقة، يجب أن يدرك الإعلاميون أنهم مجموعة متنوعة من الأشخاص وأن يضعوا استراتيجيات متعددة الأوجه للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس.
فعلى سبيل المثال، يمكن إضافة نسخة صوتية للمقال المكتوب، مما يسمح للأشخاص الذين يعانون من العمى أو ضعف البصر بالتفاعل مع المحتوى. أما بالنسبة للمحتوى المرئي، فيمكن للصحفيين أن يضيفوا الترجمة المكتوبة على الشاشة لإتاحته للصم أو ضعاف السمع.
وهكذا ينبغي على الصحفيين الذين يهدفون إلى إنتاج محتوى متنوع وأكثر إتاحة أن يستشيروا الجمهور ويتبعوا أساليبًا إبداعية في السرد القصصي بما يناسب احتياجاتهم.
تخلص من الصور النمطية المؤذية وتفادى الترميز
في خارطة الطريق لتحقيق الشمول، تسلط مؤسسة فورد الضوء على بعض الصور النمطية السائدة في الإعلام حول الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تؤدي إلى المزيد من الوصم الإجتماعي.
كما كشف تقرير منظمة RespectAbility الهادفة إلى تغيير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة أن 23% من الشخصيات التي تعاني من الإعاقة في الأفلام العائلية الشهيرة تقع تحت فئة "الخارق" النمطية، حيث "تنتصر" تلك الشخصيات على إعاقاتها، بينما تتحوّل 9% من الشخصيات إلى أشرار بعد استسلامهم "للمعاناة".
ومن بين الصور النمطية السلبية الأخرى في الإعلام هي صورة الضحية، حيث يوضح تقرير مؤسسة فورد أن "الشخصيات ذات الإعاقة عادة ما يتم تصويرها على أنها ضحية لهذه الإعاقة، والتي تصبح السمة المميزة لهم وتتحول إلى محور حياتهم، مما يجعلهم يبدون كأشخاص فاشلين أو يثيرون الشفقة".
ولذلك ينبغي على الإعلاميين أن يدرسوا تاريخ الصور النمطية لذوي الإعاقة في الإعلام من أجل تقييم تغطيتهم الصحفية ومعرفة ما إذا كانت تساهم في مثل هذا التشويه والتنميط.
ومن خلال صنع محتوى إعلامي أكثر إتاحة وشمولًا للأشخاص ذوي الإعاقة، يستطيع الإعلاميون أن يغيروا الصور النمطية من أجل الأجيال القادمة. ويمكننا أن نمثل جمهورنا بشكل أفضل عن طريق تثقيف أنفسنا واتباع الأساليب الإبداعية وسؤال ذوي الإعاقة عن احتياجاتهم وعن الصور التي يسعون إليها.
الصورة الرئيسة حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع بيكسيلز بواسطة شفيتس برودكشن.
نازلي أربي هي فنانة وصحفية مقيمة في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا.