كيف يُمكن للصحفيين الحصول على صور الأقمار الصناعية عالية الجودة للأرض؟

بواسطة Rowan Philp
Mar 13, 2025 في تغطية قضايا البيئة
صورة لقمر صناعي

أصبح بإمكان الصحفيين الآن الوصول إلى صور الأقمار الصناعية وتنزيلها بجودة عالية، بحيث تُتيح رؤية المباني الفردية في كل مكان تقريبًا على وجه الأرض، وذلك في دقائق، بدون الحاجة إلى امتلاك مهارات خاصة، وبشكل مجاني تمامًا.

وبطبيعة الحال، لا توجد ضمانات بأن الصور التي تريدها ستكون مُلتقطة في التاريخ المحدد الذي تريده، أو أنها ستكون خالية من الغيوم.

لكن الخبراء يقولون إنّ قدرة أي صحفي، في أي مكان، على الحصول بسهولة على صورة لأي موقع عبر منصات المصادر المفتوحة لموضوعات متعددة تُمثل تغييرًا كبيرًا لعمل الصحفيين الاستقصائيين، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في غرف الأخبار ذات الموارد المحدودة.

كانت هذه إحدى أهم النقاط المهمة في الويبينار الذي عقدته الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية العالمية (GIJN) مؤخرًا بعنوان "كيفية الحصول على صور أقمار صناعية مجانية لتحقيقاتك"، والذي شارك فيه ثلاثة خبراء، وهم: كارل تشرشل، صحفي متخصص في الرسوم البيانية في صحيفة وول ستريت جورنال، وياو هوا لو، الصحفي المتخصص في الشؤون البيئية وحاصل على جوائز من ماليزيا، ولورا كورتزبيرج، وهي أخصائية التمثيل البصري للبيانات والمهندسة السابقة في شركة الأقمار الصناعية التجارية Descartes Labs. وقد عكس الويبينار اهتمامًا كبيرًا لدى الصحفيين للتعرف على نصائح تساعدهم في الوصول إلى صور الأقمار الصناعية، حيث جذب 616 مشاركًا من 114 دولة، مما جعله واحدًا من أكثر الويبينارات شعبية في تاريخ الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية GIJN.

ولتلخيص هذا الواقع الجديد، قال تشرشل للحاضرين: "معظم بيانات الأقمار الصناعية مجانية، ومفتوحة، وعالمية". ولكن النقطة الثانية المهمة التي استخلصها الصحفيون هي اكتشاف أن الصور الفضائية عالية الجودة، والباهظة الثمن، والتي تنتجها الشركات التجارية وتكون واضحة بما يكفي لتمييز سيارة فردية، يمكن الحصول عليها أيضًا بشكل مجاني، وخصوصًا إذا عرفت كيف تطلبها.

وقد أشار الخبراء إلى أنّ هناك تصورًا خاطئًا لدى العديد من غرف الأخبار ذات الموارد المحدودة، بأن هذا النوع من الأدلة الجنائية مقيد باتفاقيات حصرية أو يحتاج إلى مهارات متقدمة في كيفية التعامل مع مصادر البيانات المفتوحة، وأن شركات الأقمار الصناعية الخاصة لا ترحب بطلبات الحصول على بيانات مجانية من وسائل إعلامية لا يعرفونها.

من جانبه، قال تشرشل: "إننا نعمل في غرفة أخبار كبيرة في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل الناس يفترضون أننا نمتلك الكثير من الأدوات السرية والمُكلفة للوصول إلى صور الأقمار الصناعية، لكننا في الحقيقة لا نملك ذلك"، مضيفًا: "معظم الأدوات التي نستخدمها هي ذاتها المتاحة لأي شخص".

وعلى الرغم من وجود العديد من البوابات العامة المميزة مثل NASA WorldView، وEO Browser، فقد أوضحت كورتزبيرج أن هناك أداتين مفتوحتين المصدر وسهلتي الاستخدام، وهما Google Earth Pro، ومتصفح Copernicus Browser الذي تم إطلاقه مؤخراً، وتُلبي هاتان الأداتان احتياجات الصحفيين في أغلب تطبيقات صور الأقمار الصناعية. (بالنسبة لمن لديهم خبرة في التعامل مع متصفح EO Browser، يُمكنهم الاطلاع على الاختلافات بينه وبين متصفح Copernicus Browser الأحدث من خلال  الضغط على هذا الرابط).

A map
 توضح الخريطة النطاق العالمي لبيانات الأقمار الصناعية المجانية، كما أن المناطق المُظللة باللون الأخضر (في الأعلى) هي المواقع التي تم تصويرها بواسطة مجموعة أقمار Sentinel 2 المعروفة بدقتها المتوسطة إلى العالية كل خمسة إلى ستة أيام. هذه الصورة مأخوذة من وكالة الفضاء الأوروبية.

وقد أشار تشرشل إلى أن صور الفسيفساء المعالجة التي تُقدّمها "جوجل إيرث" غالبًا ما تتضمن صورًا عالية الدقة يمكنها أن تساعد الصحفيين في فهم تفاصيل معالم الأرض التفصيلية والتغيرات بمرور الوقت، ولكنها لا تُتيح للصحفي بالتحكم المباشر في الصور الفردية.

وقد ركز عرضه التقديمي على أداة كوبرنيكوس التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، ويرجع ذلك لأن الأداة على عكس جوجل إيرث، تسمح للمستخدمين بتنزيل صور فردية.

وباستخدام دراسة حالة منجم ذهب مغلق على الحدود بين السنغال ومالي، أوضح للحاضرين كيف:

  • تعتمد أداة "كوبرنيكوس" بشكل أساسي على كوكبة الأقمار الصناعية سنتينل 2، التي توفر صورًا بدقة متوسطة إلى عالية بدقة تبلغ 10 أمتار، وتُعيد زيارة المواقع نفسها ــ في الصباح غالبًا بالتوقيت المحلي ــ كل أسبوع. ولن تحتاج على الأرجح إلى مصدر بديل، أو أي معرفة تقنية بقدرات الأقمار الصناعية المختلفة، وهو ما أشار إليه تشرشل قائلاً إنّ "أي شيء بدقة 10 أمتار لكل بكسل أو أعلى من المرجح أن يكون متاحًا بشكل مجاني، مضيفًا: أنّ "هذه الجودة كافية لتمييز المباني الفردية، فضلاً عن متابعة تطورات استخدام الأراضي بسهولة".  
  • وإذا نقرت على أيقونة السحابة في قائمة كوبرنيكوس في الرئيسية، ستجد شريط تمرير "الحد الأقصى لتغطية السحب"، والذي يسمح لك برؤية الأيام التي التقطت فيها أقمار Sentinel  صورًا لذلك الموقع وفقًا لمستوى الغطاء السحابي الذي تفضله، وذلك من خلال عرض رقمي للتقويم. (يمكنك العثور على أيام صافية عن طريق تحريك شريط التمرير إلى الطرف الأيسر). ثم يمكنك بعد ذلك النقر على التاريخ والانتظار لفترة وجيزة حتى يتم تحميل صورة يمكنك تنزيلها.
  • كما تُتيح أشرطة تردد النطاق الموجودة في القائمة خيارات عرض سهلة، مثل الألوان.
  • وبعد تحديد موقعك من خلال الإحداثيات أو اسم المكان، يمكنك ببساطة تكبير الصورة وتحديد الاتجاهات من خلال النقر فوق بيانات الطبقات مثل الطرق أو الحدود، وذلك ضمن علامة التبويب "التسميات" الموجودة في الركن العلوي الأيمن.
  • انقر على أيقونة التنزيل في القائمة اليمنى لبرنامج كوبرنيكوس لكي تقوم بتحميل الصورة بصيغة JPG، والذي سيقوم أيضًا بتحميل الطابع الزمني والإسناد وأي تسميات مرفقة. لا تنس إسناد المصدر عند النشر. وللحصول على تحليل متقدم للبيانات، أشار تشرشل إلى أنه بعد إنشاء حساب على كوبرنيكوس، يمكنك النقر على علامة التبويب التحليلية من أجل إنشاء ملف TIFF غني بالبيانات، والذي يمكنك استخدامه لإجراء تحليل معمق باستخدام برنامج QGIS.

استخدام صور الأقمار الصناعية كأداة استراتيجية في التغطية الميدانية
في حين أن الجمهور معتاد على رؤية صور الأقمار الصناعية في القصص الصحفية التي تتناول الحروب وإزالة الغابات، أكد ياو هوا لو أن الصور الفضائية المجانية تُقدّم استخدامات متنوعة لموضوعات غير مغطاة بشكل كاف، بل يمكن أن تكون أداة استراتيجية فعّالة في التغطية الصحفية.

وعلى سبيل المثال، يُمكن للصحفيين المتجهين إلى مواقع غير مألوفة استكشاف الرحلة بسهولة على متصفح كوبرنيكوس قبل مغادرة المكتب، مما يساعدهم في تحديد العقبات وظروف المنطقة، والفرص غير المتوقعة للتغطية الصحفية، بالإضافة إلى مسارات التنقل، وطرق الإخلاء المحتملة.

وقد أعطى لو مثالاً لمنطقة غابات زارها في ماليزيا، حيث كانت المساحة فارغة على خرائط جوجل، ولكن البحث باستخدام برنامج كوبرنيكوس أسفر عن المسارات والعقبات، والمسافات الدقيقة من خلال صور الأقمار الصناعية.

وفي هذا الصدد، قال لو إنه أخبر دليله المحلي عمّا سيواجهانه خلال الرحلة، مضيفًا: "هذا مفيد جدًا بالنسبة لي؛ فإذا كنت ذاهبًا إلى مكان غير مألوف، فسوف أتحقق منه بالتأكيد من خلال صور الأقمار الصناعية أولاً".

  • تتضمن التطبيقات الإبداعية الأخرى ما يلي:
  • التحقق من الادعاءات. أوضح لو: "عندما تزعم إحدى الشركات بأنها أنجزت عملاً على الأرض في منطقة نائية، يُمكننا استخدام صور الأقمار الصناعية للتحقق من صحة هذا الادعاء".
  • قياس انحدارات التضاريس. يوفر كوبرنيكوس أداة الملف الارتفاعي، والتي تُتيح رسم خط على الصورة، لتوليد رسم بياني جانبي لمنحدرات التضاريس على طول هذا الخط، كما يُمكن استخدامها في التحليل الطوبوغرافي، وذلك من أجل التحقق مما إذا كانت المعالم الجغرافية عبارة عن كثبان رملية أو فوهات بركانية.
  • الجولات بصرية للمواقع الكبيرة. استخدم لو برنامج جوجل إيرث وخطوطًا مرسومة يدويًا، وذلك لتوضيح التداعيات الناجمة عن المقترح الحكومي بإنشاء محمية طبيعية تمتد لمسافة 50 مترًا على جانبي النهر، حيث أوضح كيف سيؤثر هذا القرار على  العديد من الشركات والبنية التحتية في المنطقة.
  • تتبع تغيرات استخدام الأراضي بمرور الوقت. شاهد الحاضرون كيف كشفت الصورة التي التقطت عام 2024 عند مقارنتها بصورة عام 2017، عن تراجع الشريط الساحلي في ماليزيا بمقدار 15 مترًا، بسبب تآكل السواحل.
Satellite imagery
تستخدم أداة كوبرنيكوس للصور الفضائية بيانات من القمر الصناعي Sentinel 2 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. الصورة: لقطة شاشة، وكالة الفضاء الأوروبية.

كيفية تقديم الطلبات إلى مقدمي الخدمات التجارية
وفي الحالات النادرة التي يحتاج فيها التحقيق الذي تعده إلى صورة من لحظة معينة، أو رؤية واضحة لجسم بحجم مركبة، فمن المحتمل أنك ستحتاج إلى صورة بدقة متر واحد أو أقل، وهو ما يتطلب عادةً دفع رسوم. وباستثناء الأقمار الصناعية العسكرية، يتم جمع الصور عالية الدقة فقط من قبل مزودي الخدمات التجارية مثل Planet Labs وMaxar Technologies، وAirbus Earth Observation، وBlackSky.

وفي حالة وقوع حوادث عالمية كبرى، تبادر بعض الشركات طوعًا إلى إرسال مجموعة أولية من الصور المجانية عالية الدقة المتعلقة بالحدث للصحفيين، ولكن يتعين على الصحفيين التسجيل في قوائم الصحافة الخاصة بهذه الشركات للحصول هذه الصور.

وفي بعض الحالات، ستحتاج إلى التواصل مع أحد مسؤولي التسويق أو الاتصالات في تلك الشركات لطلب صورة مجانية، واستنادًا إلى خبرتها السابقة في هذا المجال، قالت كورتزبيرج في حديثها للمشاركين: "لا تتردوا في التواصل لطلب المحتوى البصري".

وفي هذا الصدد، أوضحت كورتزبيرج: "من المفيد إرسال بريد إلكتروني أو ملء نموذج الاتصال، لأن الشركات غالبًا ما تكون مهتمة جدًا بأن يستخدم الصحفيون من المنظمات الصغيرة، والمحلية، والعالمية صورها"، وأضافت: "يساعدهم ذلك في الترويج لاسم الشركة، وتحسين صورتها".  

كما أوصت كورتزبيرج الصحفيين بعدم تضمين التفاصيل التقنية المعقدة في طلباتهم الأولية، مثل مستويات الدقة المحددة في الصورة أو نسب تغطية السحب.

واختتمت كورتزبيرج حديثها قائلةً: "كن مهذبًا، واشرح الغرض من استخدام الصور، وقدم نبذة عن مؤسستك، والمشروع المميز الذي ستعمل عليه، واجعل بريدك الإلكتروني قصيرًا"، واستكملت حديثها من خلال إبداء هذه النصيحة: "لا بأس إن لم تكونوا على دراية بالتفاصيل الفنية. ففي كثير من الأحيان، سيساعدك العلماء الذين يعملون في هذه الشركات في عملية التحليل".

وللمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكنكم الاطلاع على نصائحنا التفصيلية حول كيفية طلب الصور من الشركات من كل من: كورتزبيرج ودانييل وولف الصحفي بواشنطن بوست، والتي تتضمن عناوين البريد الإلكتروني المفيدة ومعلومات حول توجيه الأقمار الصناعية، وذلك ضمن قسم "التعامل مع مقدمي الخدمات التجارية" في الدليل الذي أنتجته الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية بعنوان: "نصائح للحصول على صور الأقمار صناعية المجانية".


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع pexels بواسطة SpaceX.

نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية، وأعيد نشرها على موقع شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن.