يُمكن أن تكون عملية العثور على لقطات الفيديو مهمة بطيئة، ومملة، وأحيانًا مُحبطة بالنسبة لصحفيي الفيديو، خصوصًا عند العمل بميزانية ضئيلة أو معدومة.
إنها مشكلة واجهناها نحن، سانشي بيسواس ومانون فيرشوت، المُؤسسان المُشاركان لشركة InOldNews، في العديد من غرف الأخبار التي عملنا بها. ومنذ تأسيس شركتنا في عام 2020، قدمنا الدورات التدريبية، والدعم لآلاف الصحفيين وغرف الأخبار في أكثر من 25 دولة.
وسواء كنا نغطي قضايا تغير المناخ، أو الصيد الجائر، أو الانتخابات، كان من الصعب دائمًا العثور على لقطات مناسبة من البلدان التي كنا نغطي أخبارها. وفي وقت لاحق، عندما بدأنا في تقديم تدريبات للصحفيين في دول مثل الجابون، ورواندا وسيراليون، واجهنا صعوبة في العثور على لقطات تتناسب مع سياقهم لاستخدامها في التدريبات العملية التي أعددناها لهم.
لا تستطيع العديد من غرف الأخبار تحمُّل تكاليف الاشتراك في وكالات الأنباء مثل وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، ورويترز، أسوشيتد برس (AP)، خاصة مع خفض ميزانيتها وأعداد موظفيها. لذلك، فهي مُجبرة على الاعتماد على الموارد المُتاحة مجانًا. وبالرغم من وجود العديد من المصادر المجانية الرائعة للمواد المُصورة عبر شبكة الإنترنت، إلا أنّ معظمها يركز بشكل كبير على الولايات المتحدة وأوروبا، مما يجعل الأمر صعبًا على الصحفيين الذين يقومون بتغطية الأحداث في مناطق أخرى من العالم.
وعلى سبيل المثال، يُقدّر المحتوى المرئي المتوفر على منصة "ويكيميديا كومنز" في المملكة المتحدة بعشرة أضعاف مقارنةً بما هو موجود في تنزانيا أو تايلاند، رغم أن عدد سكان في هاتين الدولتين متقارب. أما بعض الدول الأخرى، مثل بروناي، فتكاد تكون غائبة تمامًا عن منصات المواد المُصوّرة المجانية. وحتى في الدول التي تتوفر فيها كميات كبيرة من المواد المُصوّرة، مثل الولايات المتحدة، هناك فجوات كبيرة خارج المراكز الإعلامية الرئيسية. وهذا النقص في التمثيل البصري قد يُؤثر على علاقة الصحفيين بجمهورهم.
وقد توصلت دراسة أجراها معهد رويترز لدراسة الصحافة إلى أنه إذا لم يشعر الجمهور بالتمثيل الكافي في وسائل الإعلام يؤدي إلى "ضعف ثقتهم في الأخبار".
ومنذ بضع سنوات، أدركنا أننا قادرون على المساهمة في سد هذه الفجوات. لذلك بدأنا في بناء مكتبة من المواد المُصوّرة المجانية القابلة للاستخدام والمُرخصة بموجب Creative Commons، والتي أطلقنا عليها اسم شبكة الصحافة المفتوحة.
وفي المراحل الأولى من هذا المشروع، بدأنا بتسجيل المواد المُصوّرة بأنفسنا كما أجرينا تدريبات للصحفيين في البلدان الأقل تمثيلاً، وكنا نُسجل لقطات عامة للمباني الحكومية والأسواق، والمعالم التاريخية، والمتاحف، وشوارع المدن. وبعد ذلك كنا نرفع هذه اللقطات على منصات مثل Flickr، وPexels، وPixabay.
ولم يمض وقت طويل حتى تأكدنا من وجود حاجة حقيقية لهذا النوع من المواد المُصوّرة في الأماكن التي لا تتوفر فيها الكثير من المقاطع. وقد حظيت مقاطعنا بملايين المشاهدات، وعشرات الآلاف من عمليات التنزيل في غضون أشهر قليلة، مما عزز ثقتنا ودفعنا للقيام بما كنا نطمح إليه منذ البداية: العمل مع صحفيين محليين للمساعدة في زيادة تمثيل مجتمعاتهم من خلال استخدام صحافة الفيديو. وكنا نعلم منذ البداية أنه من الضروري العمل مع صحفيين يفهمون السياق المحلي ولديهم فهم أعمق للقضايا.
لذلك،عرضنا هذه الفكرة على برنامج رواد الصحافة الريادية (EJCP) في كلية كريج نيومارك العليا للصحافة في جامعة مدينة نيويورك CUNY. وخلال البرنامج الذي استمر لمدة 100 يوم، عملنا على تحويل هذا المشروع إلى مبادرة مُستدامة، وإعداد عرض تقديمي من شأنه أن يجذب المانحين المُحتملين، مما أدى إلى حصولنا على أول منحة من شبكة صحافة الأرض التابعة لمؤسسة إنترنيوز والوكالة السويدية للتنمية الدولية.
وقد أتاحت لنا هذه المنحة زيادة توفر المواد المُصوّرة التي تتعلق بتغير المناخ من 13 دولة. وسجّل المساهمون لدينا أكثر من 700 مقطع فيديو يُغطي أحداثًا إخبارية عاجلة مثل إعصار بيريل، ومقاطع دائمة الخضرة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات الحر، والأنواع الغازية، واستعادة أشجار المانجروف، والطاقة المتجددة وغيرها، كما تلقينا منحة ماجيك من معهد براون للابتكار الإعلامي في كلية الصحافة بجامعة كولومبيا.
واعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول 2024، أصبحت مكتبتنا تضم 1,800 مقطع فيديو من 29 دولة. وتمكّنا في هذا العام وحده من التعاون مع نحو 30 صحفيًا ودفع أجورهم في 14 دولة. وقد نُشرت جميع المواد المُصوّرة عبر الإنترنت مجانًا بموجب ترخيص CC BY، مما يعني أنه يمكن لأي شخص استخدامها بأي طريقة طالما ذكر المصدر، كما يتضمن وصف كل مقطع فيديو متطلبات الإسناد الخاصة به، ويُمكن أيضًا استخدام لقطات الشاشة لهذه المقاطع سواء في المقالات أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مع الالتزام بنفس متطلبات الإسناد.
بالإضافة إلى القصص البيئية، ساعدتنا شبكتنا من الصحفيين في تغطية الانتخابات الهندية والأميركية من مواقع غالبًا ما تحظى بتغطية أقل، وقد تم استخدام مقاطعهم من قبل الصحفيين المستقلين والمؤسسات الإخبارية التي تغطي هذه الموضوعات. إنّ معرفة النطاق الفعلي لانتشار مقاطع الفيديو التي استخدمت مكتبتنا ليست مهمة سهلة، ولكن من خلال ما تمكّنا من تتبعه، فقد حصدت التقارير الإخبارية المُصوّرة التي استخدمت مكتبتنا أكثر من 4 ملايين مشاهدة.
إذن، ما هي الخطوة التالية لشبكة الصحافة المفتوحة؟ بفضل منحة ماجيك، نعمل على بناء منصتنا الخاصة لاستضافة مكتبة المحتوى المرئي. ورغم أننا حققنا نجاحًا على هذه المنصات مثل فليكر، وبيكسلز، وبيكساباي، فإنّ الحقيقة هي أن هذه المنصات لم تُصمم في الأساس لخدمة الصحفيين. فقد يكون من الصعب على الصحفيين التنقل فيها والعثور على ما يحتاجون إليه فعليًا. وسنواصل أيضًا تكليف المساهمين بإنتاج ونشر محتوى مرئي في جميع أنحاء العالم، وتدريب المزيد من الصحفيين على مهارات إنتاج الفيديو.
ونواصل العمل أيضًا على إقامة شراكات مع الصحفيين، وغرف الأخبار، ومنظمات تطوير وسائل الإعلام المُهتمة بالأساليب الإبداعية لمعالجة نقص التنوع في وسائل الإعلام. ونحن ندرك أننا مجرد جزء صغير من الحل لهذه المشكلة- ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه.
للتواصل معنا بشأن التعاون أو الدعم، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى: editor [at] inoldnews [dot] com.
الصور المنشورة في المقالة، والصورة الرئيسية مُقدمة من سانشي بيسواس ومانون فيرشوت.