دليلك لإضافة صور وبيانات الأقمار الصّناعيّة في العمل الصحفي

بواسطة مصطفى فتحي
Feb 4, 2022 في صحافة البيانات
صورة

هناك أماكن عديدة على الأرض ترفع في وجه الصحفيين لافتة كُتبَ عليها "ممنوع الاقتراب أو التصوير"، لكن مع التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده عالمنا في السنوات الأخيرة، أصبح لدى الصحفيين فرصة لمعرفة ما يدور من حكايات، حتى لو كانت تفاصيلها تتمّ في دول آخرى، أو في مناطق نزاع لا يرحّب المسيطرون عليها باقتراب الكاميرات من قلب الحدث. وبالاستعانة بأجسام تدور في الفضاء، يمكن لكلّ صحفي معرفة ما يدور على الأرض.. كيف؟ هذا ما ستخبركم به شبكة الصحفيين الدوليين.

في حزيران/يونيو من العام 2021، نشرت "رويترز" تحقيقًا بعنوان "نهر الدم.. القتل العرقي في إثيوبيا"، يوثّق تصاعد عمليات القتل العرقي في منطقة تيغراي غرب إثيوبيا في العام 2020، واستخدم صحفيو الوكالة الدولية في إنجاز التحقيق أدوات الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر لتوثيق عمليات القتل.

وقبل هذا التحقيق بعامين، وبالتحديد في كانون الأول/ديسمبر من العام 2019، نشر موقع "VICE عربية" تحقيقًا للزميل علي الإبراهيم عن القتل المنظم للمعتقلين في السجون السورية، حمل عنوان "تزوير الموت في السجون العسكرية السورية.. القتل مرتين"، استخدمَ في إنجازه صور الأقمار الصناعية كوسيلة للتحقق من صحة الصور ومقاطع الفيديو عن طريق مقارنة النقاط المرجعية للمباني والتضاريس، مع صور القمر الصناعي من Google Earth وDigitalGlobe.

وقبل هذا التاريخ بعام، وبالتحديد في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2018، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية، تحقيقًا حملَ عنوان "معسكرات الصين المخفية"، اعتمد بشكل أساسي على صور الأقمار الصناعية.

ما سبق ليس سوى نماذج قليلة من عشرات التحقيقات الصحفية التي كانت الأقمار الصناعية بطلةً من أبطالها، وساعدت الصحفيين في تزويد قصصهم بمعلومات مهمة، لكن بالتأكيد ليس من السهل أن تطلق بنفسك –باعتبارك صحفيًا- قمرًا صناعيًا يساعدك في الحصول على صور وبيانات من الأرض تفيدك في عملك، لكن من حسن الحظ أنّ لديك فرصة لاستخدام مصادر تقدّم بيانات الأقمار الصناعية،  ولا تقلق من الكلفة المادية، فهي مصادر مجانية.

الفكرة تقودك للأداة

في تحقيقها "قرنة حسن فتحي.. ما تبقى من الحلم" المنشور على موقع مصراوي في العام 2018، استعانت الصحفية المصرية مها صلاح الدين، الحائزة على جوائز عربية ودولية، أبرزها، جائزة الاتحاد الأوروبي لقضايا الهجرة، وجائزة أريج عن أفضل تحقيق مدفوع بالبيانات في الوطن العربي عام 2018، بصور وبيانات الأقمار الصناعية كي تظهر ما تبقى من حلم القرية التي صمّمها المعماري الراحل حسن فتحي بجنوب مصر في منتصف أربعينيات القرن الماضي، بعد مرور سبعين عامًا من تنفيذها.

استعانت الصحفية بالتقنية نفسها في تحقيقات أخرى منها "منفى الزعيم.. البحث عن سعد زغلول في مالطا" المرشح لجائزة True story، و"طرح المكس.. وداعًا فينيسيا الإسكندرية"، و"أرض الشمس"، وتحقيقات أخرى.

تؤمن صلاح الدين بأنّ فكرة القصة الصحفية هي التي تحدّد مدى الحاجة للاستعانة ببيانات وصور الأقمار الصناعية من عدمه، أو كما تقول لشبكة الصحفيين الدوليين "الفكرة هي التي تقودك للأداة وليس العكس"، وتشرح أنّ توظيف أي أداة في الصحافة يجب أن يتم بطريقة صحيحة، وأن يكون الهدف الرئيس هو أن تخدم الأداة الفكرة، وليس أن يتم حشرها عنوة كي يقال إنّ التحقيق استعان بتقنيات فحسب.

"حين تكون المقارنة بين الماضي والحاضر ضرورة وإضافة للقصة، فنحن هنا بحاجة لصور وبيانات الأقمار الصناعية، وحين يكون المكان الذي نرغب في التوجه إليه مغلقًا أمامنا كصحفيين، مثل بعض المناطق في سيناء المصرية على سبيل المثال، فإنّ الاستعانة هنا بصور الأقمار الصناعية ليست مجرد رفاهية"، تقول مها صلاح الدين.

تكمل الصحفية التي حصدت جائزة نقابة الصحفيين المصريين مرتين أنّه "حين نستخدم تقنية صور وبيانات الأقمار الصناعية في العمل الصحفي، فمن المهم أن نشرح للقارئ كيف قمنا بذلك بطريقة بسيطة خالية من التعقيدات، فجمهورنا في الأغلب من غير المتخصصين، وبالتالي يكمن دورنا بأن نبسط له المعلومة وفي الوقت نفسه نقدم له تقنيات حديثة لفهم العالم من حوله، فربما قرر القارئ بنفسه الاستعانة بها ذات يوم، وهنا سنكون قدّمنا له قصة شيقة وخدمة عن تقنية حديثة نستخدمها في عملنا ويمكن أن تفيده كقارئ".

وبحسب صلاح الدين، فإنّ الصحفي المهتم باستخدام التقنيات الحديثة في عمله يجب أن يطوّر نفسه بشكل مستمر، ويتابع كل أخبار المصادر المفتوحة من مصادر موثوقة، حتى يصبح على علم بكل جديد. وفي هذا السياق، ترشّح صلاح الدين منصة "Bellingcat" التي سبق وقدمت للصحفيين أكثر من دليل مهم عن المصادر المفتوحة، إضافةً إلى مواقع تقدّم خدمات صور وبيانات الأقمار الصناعية للصحفيين، ولا يفوتكم هذا الدليل الشيق عن كيفية استخدام العرض ثلاثي الأبعاد لبرنامج Google Earth في الصحافة.

مصادر مجانية لاستخدام صور وبيانات الأقمار الصناعية

Google Earth

يمكن القول إنّ خدمة جوجل إيرث - Google Earth هي أشهر خدمة مجانية حين نتحدث عن بيانات وصور الأقمار الصناعية، ربما لأنها متاحة للجميع وبشكل سهل وبسيط، مع وجود خدمات مضافة مثل الصور والفيديوهات على الخرائط، والرسم على الخرائط، فضلًا عن إمكانية الحصول على الصور بطريقة ثلاثية الأبعاد. لكنّ أبرز عيوب هذه الخدمة هو أنها لا توفر صورها للمستخدمين بجودة عالية.

Landsat

نحن هنا أمام مصدر عظيم ومجاني تابع لوكالة ناسا، يوفر للصحفيين صورًا من كل مكان على سطح الأرض. لاندسات هي مجموعة أقمار صناعية أطلقتها ناسا في بداية العام 1972 ولا زالت مستمرة حتى الآن، وقد أطلقت عليها تسميات متسلسلة؛ فهناك لاندسات 1 ولاندسات 2 وهكذا. وتتوفر خدمات لاندسات بشكل مجاني على موقع usgs.gov الذي يرفع شعارًا هو "العلم من أجل تغيير العالم".

Copernicus

لنتحدث الآن على برنامج كوبرنيكوس، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وهو مصدر مجاني مهم يوفر إلى جانب بيانات رصد الأرض، مجموعة بيانات وصورًا عديدة خاصة بما يحدث على الأرض، لا سيما في الأماكن التي تتعرّض لحالات الطوارئ مثل الكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية.

World View

توفّر لكم خدمة "ورلد فيو" من ناسا مجموعة عظيمة من التصميمات البصرية والصور الملتقطة بالأقمار الصناعية، وتتوفر في الخدمة تقنية بحث سهلة.

Earth Time

"إيرث تايم" هي إحدى الخدمات المجانية المقدمة من معمل تمكين التكنولوجيا التابع لجامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة الأميركية، وتوفر هذه الخدمة للمستخدمين بشكل عام والصحفيين بشكل خاص صورًا خاصة للأرض تظهر كل التغييرات التي حدثت عليها على مر الزمن.

خرائط مجانية مفصلة

توفر لكم خرائط جوجل صورًا وخرائط مفصّلة، كما توفر خدمة "جوجل ستريت فيو" صورًا رائعة لسطح الأرض، وهي مشابهة لتلك التي تقدمها "بينج" وتوفّر خرائط "مايكروسوفت"، كما تعرض تفاصيل كل شوارع العالم.

مصادر غير مجانية

هناك مصادر أخرى مهمّة، يمكن أن تفيد العمل الصحفي بدرجة كبيرة، ورغم أنها مصادر تجارية ولا تقدم منتجاتها بشكل مجاني، إلا أنها أحيانًا توفّر بعض الخدمات المجانية للمستخدمين، خاصة حين يتعلق الأمر بالأزمات والكوارث، مثل شركة ماكسار لتكنولوجيا الفضاء، ويمكنكم التعرف على كل الخدمات التي توفرها ماكسار من هنا، كذلك ستجدون خدمات جيّدة على شركة تابعة لـ"ماكسار"، وهي شركة DigitalGlobe التي تعتبر مورِّدًا تجاريًا أميركيًا لصور الفضاء والمحتوى الجغرافي المكاني.

ننصحكم كذلك بإلقاء نظرة على موقع Planet الذي يوفر صورًا وبيانات مهمة يومية لكوكب الأرض، والتي ستفيدكم في عملكم الصحفي، لا سيما أنّ الموقع يقدم قسمًا خاصًا يعرض خلاله أبرز القصص الصحفية التي تم إنجازها في أهم وسائل الإعلام العالمية والتي تمّت الاستعانة في تنفيذها بصور وبيانات من الموقع (الرابط هنا).

انتهى مقالنا، وننتظر أن نتعرف أكثر على تحقيقاتكم المقبلة التي ستستخدمون فيها الأداة التي تدور في الفضاء وتعدنا بمساعدتنا في عملنا الصحفي.. الأقمار الصناعية.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة وكالة "ناسا".