صحيفة إلكترونية مُخصصة للأطفال تُمهد الطريق للجيل القادم من قرّاء الأخبار

بواسطة Priyal Shah
Jan 23, 2025 في إشراك الجمهور
الصورة لكتب مُخصصة للأطفال

نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع The Fix، وأُعيد نشرها على موقع شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على الإذن. تعرّف على أحدث الأخبار في عالم وسائل الإعلام الأوروبية من خلال التسجيل في النشرة الإخبارية الخاصة بهم.


أدركت سونيا ميرلياك زدوفك، الصحفية ورئيسة التحرير التنفيذية في صحيفة ديلو اليومية الوطنية في سلوفينيا، الخطر الوشيك بفقدان جيل كامل من قرّاء الأخبار. وقالت: "لدينا جيل من الآباء الذين لا يقرأون الصحف، مما يؤدي إلى ظهور جيل من الأطفال لا يقرأونها، بل ولا يعرفون حتى ماهيتها". إنّ تراجع اهتمام الأجيال القادمة بقراءة الأخبار يُشكل مصدر قلق كبير يُهدد استمرارية الصحافة.

لقد أدركت سلطات الاتحاد الأوروبي ندرة المحتوى التثقيفي المُوجه للأطفال عبر الإنترنت، فمعظم المحتوى الذي يواجهه الأطفال موجود على منصة تيك توك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وتفتقر هذه المنصات غالبًا إلى الضوابط الحاكمة لعملها، ومعايير الجودة، وبالرغم من ذلك، تظل هذه المنصات المساحة الوحيدة التي يمكن من خلالها مخاطبة الأطفال. وتعلق ميرلياك زدوفك على هذا الأمر قائلةً: لا أحد في وسائل الإعلام التقليدية يخاطب الأطفال باعتبارهم ناخبين أو مستهلكين في المستقبل، كما أن الأطفال لن ينتقلوا من منصة تيك توك إلى الصحف الجادة بمفردهم، وأنا مندهشة من توقعاتنا بأنّ هؤلاء الأطفال سيصبحون ناخبين يومًا ما".

تجربة منصة Časoris في إعادة تشكيل تجربة قراءة الأخبار للقراء الصغار

قررت ميرلياك زدوفك تغيير هذا الواقع وخلق جيل جديد من قرّاء الأخبار، وبالتالي تأسست Časoris عام 2015 كصحيفة إلكترونية مجانية تستهدف الأطفال السلوفينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 12 عامًا. واسم الصحيفة نفسه عبارة عن تلاعب لفظي يجمع بين كلمتي "الصحيفة" (časopis) و"الرسم" (risati). وعلى الرغم من أنّ الجمهور المستهدف للموقع هو الأطفال، إلا أنه يُدار بطريقة الصحيفة التقليدية؛ فهي تحتوي على أقسام متنوعة تغطي السياسة، والأعمال التجارية، والرياضة، والترفيه. وأضافت ميرلياك قائلةً: "إنّ الصحيفة الإلكترونية Časoris تشبه أي صحيفة مُوجهة للبالغين، ولكنها مُخصصة للصغار".

في الوقت الحالي، سجلت الصحيفة 13,000 زائرًا شهريًا على موقعها الإلكتروني، ولا يعكس هذا الرقم عدد قرائها، حيث يدخل العديد من الأطفال إلى الصحيفة الإلكترونية من عناوين الإنترنت الخاص بمدارسهم، وخلال فترة كوفيد-19، بلغ عدد زوار الصحيفة حوالي 27,000 زائرًا.

 وتحافظ الصحيفة على نموذجها المجاني من خلال عقد ورش العمل، والحصول على تمويل من خلال المنح، وقد استضافت العديد من ورش العمل، والفعاليات المتعلقة بالتربية الإعلامية، ومؤخرًا من خلال صندوق المساواة في الأخبار التابع لمبادرة أخبار جوجل، وحصلت أيضًا على منح من مؤسسة إنترنيوز وسفارة الولايات المتحدة في ليوبليانا وجهات أخرى.

ويُمكن أن تساعد تجربة الصحيفة الإلكترونية Časoris الناشرين على كيفية جذب الأطفال وإشراكهم كمستهلكين للأخبار، وتعليمهم أيضًا كيفية توسيع قاعدة قرائهم. وفي هذا السياق، قالت ميرلياك زدوفك: "أود بالطبع أن أوصي بأن تُقدّم الوسائل الإعلامية التقليدية محتوى مُوجهًا للأطفال، فهذا لن يساعدهم فقط في تطوير أعمالهم التجارية، بل سيساعد الأطفال أيضًا على اكتساب مهارات القراءة وتطوير مستويات المعرفة لديهم".

وأضافت ميرلياك زدوفك، قائلةً: "يُمكن للصحيفة المُخصصة للكبار أن تتعلم الكثير من الصحيفة الموجهة للأطفال وذلك من خلال كيفية جذب الجمهور، والتحدث إليهم، وإشراكهم في المحتوى المُقدّم لهم، هذا ما نقوم به مع الأطفال طوال الوقت. نحاول دائمًا معرفة ما هو مهم بالنسبة لهم وكيفية تقديمه".

وإليكم أربع طرق لتقديم الأخبار للأطفال:

كيف نجعل الأطفال مستهلكين للأخبار؟
(1) إتاحة المحتوى للجمهور المستهدف
أشارت ميرلياك زدوفك إلى أنّ قواعد الصحافة التقليدية تنطبق أيضًا على الصحافة المُوجهة للأطفال، وذلك من خلال جعل الجمل قصيرة وبسيطة، ولكن لا تجعلها تبدو مملة. ولإشراك الأطفال في الأخبار، تستخدم الصحيفة الإلكترونية العديد من التقنيات، يأتي في مقدمتها مخاطبة الأطفال بلطف واهتمام.

نكتب الموضوعات الإخبارية بلغة سهلة الفهم للأطفال، ولا نتعامل معها أبدًا بطريقة متعالية.
ميرلياك زدوفك. مؤسسة وورئيسة تحرير الموقع الإلكتروني لـČasoris
يدمج موقع Časoris أساليب الصحافة السردية وتقنية الوسائط المتعددة لجعل المقالات جذابة وممتعة للجمهور الصغير. وعلى سبيل المثال، اعتمدت مقالتهم عن الانتخابات الأميركية على جمل بسيطة لشرح المعلومات، مع إضافة منشورات من منصة إنستجرام ومقاطع فيديو من يوتيوب لإثراء المحتوى الموجه للقراء. وقد ركزت مقالتهم عن مؤتمر COP29 على العلاقة بين الاحتباس الحراري والفيضانات في إسبانيا، مما جعل الموضوعات أكثر ارتباطًا بالقراء.

Infographic
الصورة مأخوذة من موقع The Fix Media

 (2) النشاط والتفاعل
تتفرد الصحيفة الإلكترونية Časoris بتقديم  قاموس مصطلحات في نهاية كل مقال، مما يُتيح للقراء فهم الكلمات الصعبة بدون التأثير على استيعابهم للمقال، كما تضيف الصحيفة ثلاثة أسئلة في نهاية كل مقال، وذلك بهدف تشجيع القرّاء على المشاركة والتفاعل بشكل كبير مع الأخبار ومناقشتها مع أقرانهم. وتعتبر هذه الأسئلة أداة فعّالة في الفصل الدراسي، إذ يُمكن للمعلمين استخدامها في حث الطلاب على إجراء مناقشة بناءة.

graphic

مثال على الأسئلة المطروحة في نهاية المقال. المصدر: Na spletu se lahko zavaruješ z digitalno ključavnico، تمت الترجمة بواسطة أداة جوجل للترجمة.

(3) إشراك الأطفال في عملية إنتاج المحتوى الإخباري
تؤمن السياسة التحريرية للصحيفة الإلكترونية Časoris بأن الأطفال لديهم الكثير ليُقدّموه، ولذلك يشجعونهم على المساهمة في الصحيفة، وفي هذا الصدد، ذكرت ميرلياك زدوفك: "نطلب منهم المشاركة عندما نجد موضوعًا مناسبًا أو يأتون إلينا ببعض الأخبار، وندعوهم دائمًا للكتابة وسننشر أعمالهم بكل سعادة واعتزاز".

ولقد جلب إشراك الأطفال الكثير من الفوائد. وكانت أكثر المقالات قراءةً وتأثيرًا في الصحيفة بواسطة طالب في السنة الأولى من المرحلة الثانوية والذي تناول فيها اتجاهًا شائعًا بين الشباب السلوفيني. وفيما بعد، قامت وسائل الإعلام التقليدية بتغطية هذا الموضوع.

(4) تبني نهج الإعلام البطيء
إنّ إرهاق الأخبار ظاهرة حقيقية، ولكنها قد تكون أكثر تأثيرًا على للأطفال، ولهذا السبب تنشر الصحيفة الإلكترونية مقالاً واحدًا في اليوم. وأشارت ميرلياك زدوفك إلى أنّ هذا النهج يمنعهم من نشر الأخبار العاجلة. واختتمت حديثها قائلةً: "لا نريد أن نُثقل قراءنا بالأزمات طوال الوقت". ومع الفيضانات المتتالية في إسبانيا والبوسنة، قررت الصحيفة الإلكترونية Časoris تأجيل نشر مقال عن الفيضانات. يُمكن أن يؤدي اتباع نهج الإعلام البطيء إلى استهلاك أكثر وعياً للمحتوى.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة Element5 Digital.