كيف ننقل الأخبار إلى الشباب؟

بواسطة أمارا إنيس
May 28, 2024 في إشراك الجمهور
امرأة تتحدث إلى هاتف مُثبت على حامل مضاء من الخلف بضوء دائري

يتابع الشباب التغطية الإخبارية بطريقة مختلفة عن الأجيال الأكبر سنًا، ونظرًا لأنّهم نشأوا في ظل منصات التواصل الاجتماعي، من الأرجح أن يلجأوا إلى هذه المنصات مثل تيكتوك وانستجرام لمعرفة أخبارهم.

وقالت هانا أجاكيي، رئيسة FactsMatterNG، والزميلة السابقة لنايت التابعة للمركز الدولي للصحفيين، أثناء جلسة من جلسات القمة العالمية لتمكين الحقيقة: "أؤمن أنّ إحدى الفئات السكانية الرئيسية بالغة الأهمية في الديناميكيات الجديدة هي الشباب في كل مكان في العالم"، مضيفةً "تجربة الأخبار للشباب مختلفة، ويشهد معدل الفئة السكانية التي عادة ما تعتمد عليها في تنسيقات الإعلام التقليدية كالتلفزيون والراديو انخفاضًا".

ونقدم إليكم المزيد من النصائح من أجاكيي حول كيف يُمكن للصحفيين التواصل بفاعلية مع الجماهير الأصغر سنًا اليوم، وإمدادهم بالأخبار الموثوقة.

 

تبني التفكير التصميمي

التفكير التصميمي هو أيديولوجية عمل تُعرف بحل المشكلات القائم على الحلول والذي يُركز على المستخدم. واقترحت أجاكيي أنّه ينبغي على المؤسسات الإخبارية دمج التفكير التصميمي في طريقة إعدادهم وتقديمهم للتغطيات، وشجعت الصحفيين والمؤسسات الإخبارية على النظر إلى تغطياتهم باعتبارها منتجًا يُمكنهم بيعه.

وشرحت أجاكيي: "في أغلب الأوقات، لدينا أسلوبنا الخاص، والطريقة التقليدية التي نتبعها لإعداد تغطيتنا، ونحن فقط نفترض أنّه بما أننا نقوم بها بهذه الطريقة، فينبغي على الناس التفاعل مع هذا المحتوى بهذه الطريقة"، مشددة "ولكن الأزمنة مختلفة".

وتعد معرفة معلومات عن التوجهات الشائعة لدى الجمهور أمرًا مفيدًا عند اعتماد نهج التفكير التصميمي. ضع في اعتبارك أنّ العديد من الشباب يقومون بمهام رقمية متزامنة - أي القيام بعدة أشياء في نفس الوقت على أجهزتهم - مثل الاستماع إلى الموسيقى أثناء تصفح منصات التواصل الاجتماعي، وقد تُحفزك مثل هذه الرؤى لإنتاج بودكاست إخباري يستطيع الناس الاستماع إليه أثناء تأديتهم مهام أخرى.

وقالت أجاكيي إنّه عندما يتعلق الأمر بالتفكير التصميمي، اسأل نفسك: "لمن تبيع هذا؟ هل أنت متأكد أنّك تخدمهم بالطريقة التي يريدون التفاعل بها مع المنتجات؟".

التفكير في "التجربة الإخبارية المثالية"

درس تقرير Next Gen News، المنشور في 2023، الفجوة بين ما يريده الشباب وما كانوا يحصلون عليه من أخبارهم، واستنادًا إلى نتائجهم، ابتكر الباحثون إطار عمل ثلاثي المستويات "للتجربة الإخبارية المثالية" للمستهلك الحديث.

المستوى الأول هو المصادر الموثوقة: تريد الجماهير الشابة تلقي أخبارها من أشخاص لديهم تجربة مباشرة او مشتركة معهم، والذين يتحلون بالشفافية بشأن تحيزاتهم.

وأضافت أجاكيي: "إحدى الطرق التي تستخدمها منظمات تدقيق المعلومات مثل Politifact، لكسب ثقة جماهيرها هي أن تكون شفافة بشأن نواياها ومصادر تمويلها"، مضيفة "بالنسبة للشباب، فهم يريدون أن تتحلى المنظمات والأشخاص بالشفافية بشأن قضايا تضارب المصالح، وأجنداتهم، وتحيزاتهم". 

المستوى الثاني هو الأهمية الشخصية: يريد مستهلكو الأخبار الشباب معرفة الموضوعات والقضايا المهتمين بها، وأن يكونوا قادرين على فعل شيء حيال المشكلات المطروحة، وتُعد صحافة الحلول نوعا شائعا من الأخبار لدى البالغين الشباب

وقالت أجاكيي: "هناك شعور بالإرهاق من الأخبار، فالناس متعبون من سماع الأخبار المحزنة، وخاصّة الأصغر سنًا، ومن ثم، لماذا لا نتعامل مع إنتاج المحتوى من جانب صحافة الحلول؟".

المستوى الثالث هو السرد القصصي المرغوب فيه: يُريد الشباب الأخبار المُخصصة، سهلة الفهم، والمُريحة، وينجذبون إلى المحتوى القصير والذي يحتوي على العناصر المرئية والبيانية، ولكن يحبون أن يُتاح لهم خيار التعمق في قصة إذا رغبوا في ذلك. وتتيح بعض المؤسسات الإخبارية، مثل TLDR News البريطانية، وinshorts الهندية، تنسيقات متعددة لقرائها، وتُنتج فيديوهات أو قصصًا مكتوبة مُصغرة مُرافقة للموضوعات الأطول.

توظيف المؤثرين

قد يُشكل المشاهير المتواجدون عبر الإنترنت الذين ينتشرون كالنار في الهشيم عند مشاركة المعلومات الخاطئة والمضللة، مصدر إزعاج كبير للمؤسسات الإخبارية، ولكن الشراكة مع صنّاع المحتوى الذين يتوافقون مع مهمتك بإمكانه تعزيز الحقيقة ونشرها.

وأشارت أجاكيي: "في نيجيريا، يمتلك الكثير من المؤثرين عدد متابعين أكثر من منظمات تدقيق المعلومات، وهم قادرون على الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص مقارنة ببعض المنصات الإعلامية"، مشددة "هؤلاء أشخاص لا يمكنك تجاهلهم؛ لأنّ العديد من الناس يتلقون أخبارهم ومعلوماتهم من المؤثرين، ويتابعونهم، ويثقون بهم".

وتعاونت منظمة أجاكيي، FactsMatterNG، وشركاؤها مع مؤثرين نيجريين؛ لنشر الأخبار، وتشجيع التدقيق الشخصي للمعلومات. وبشراكتهم مع صنّاع المحتوى هؤلاء، تمكنوا من مكافحة المعلومات الخاطئة في البلاد، فضلًا عن الترويج لمنظمتهم لدى جماهير ربما لم يكن بإمكانهم الوصول إليهم عبر الوسائل التقليدية.

وأوضحت أجاكيي: "عادة ما يكون لدى الناس تحفظات بشأن الاستعانة بالمؤثرين"، مؤكدة "ولكنّنا لم نعد حُراس البوابة الوحيدين في هذه المهنة. نحتاج إلى البدء في النظر في خلق محادثات".

وباستطاعة غرف الأخبار أيضًا تشجيع صحفييها على التفاعل مع الجماهير مباشرة، مثلما يفعل المؤثرون. فإذا تمكن المشاهدون من ربط الأخبار بالأوجه، سيميلون أكثر إلى التواصل مع الصحفي والثقة في المعلومات المُشاركة.

استخدام لغة مفهومة

وبغض النظر عن التنسيق المستخدم، من المهم أن تكون اللغة المستخدمة مفهومة للجيل الأصغر، فالبالغون الشباب يريدون عامة أن تكون أخبارهم "سهلة الفهم، وغير رسمية، وجذابة" بدون أن تكون مُبَسَّطة بصورة مُفرطة.

وشرحت أجاكيي: "إذا كنت تتعامل مع قضايا متعلقة بالسياسات والاقتصاد، اعرض الأخبار الجادة في تنسيق سهل التقييم والاستيعاب". لست مضطرًا لنثر اللغة العامية أو التعبيرات الطنانّة في مقالات للحصول على القراءات، وفي المقابل، قدّم السياق، واشرح المصطلحات المعقدة، وضمن طرقًا للقراء ليجدوا رابطا أو صلة مشتركة.

وحتى خارج الفئات العمرية الأصغر، يقرأ العديد من الأشخاص بمستوى آخر، إذ يعجز نصف الأميركيين عن القراءة عند مستوى الصف الثامن، ويمتلك واحد من كل ستة بالغين في إنجلترا "مهارات قراءة وكتابة سيئة للغاية". وسواء كنت تقدم أخبارًا تستهدف الشباب تحديدًا أم لا، فإن قابلية الفهم أمر أساسي، وباستطاعة أدوات مثل Hemingway، مساعدتك على التحقق من مستوى قراءة محتواك. 

وترى أجاكيي أنّه إذا كنت تعيش أو تعمل في مكان حيث الإنجليزية ليست اللغة الأولى "يتعين عليك أيضًا أن تضع في اعتبارك هذه المجتمعات؛ لأنّه في أغلب الأحيان، يتعرض هؤلاء الأشخاص للتجاهل، ولا تقدم لهم خدمات كافية من وسائل الإعلام الرئيسية". وتشاركت FactsMatterNG، مع صنّاع محتوى عبر الإنترنت، مثل أبيس فولاني وفرانك دونجا؛ لإنتاج المحتوى بالهوسا واليوروبا، وهما اللغتان المحليتان الأكثر تحدثًا في نيجيريا؛ لنشر رسالتها على نطاق أوسع.

إنّه عالم سريع الوتيرة ومكتظ بالمعلومات، وتتغير طريقة استهلاك الناس للأخبار سريعًا، وأوضحت أجاكيي أنّه في هذه البيئة الإعلامية، هناك ثلاثة أسئلة هامة يتحتم على الصحفيين طرحها على أنفسهم بانتظام: "ما الذي تحتاج إلى البدء في فعله؟ ما الذي تحتاج إلى التوقف عن فعله؟ ما الذي تحتاج إلى تغييره في استراتيجية المحتوى التي تمتلكها؟".

وفي النهاية، من خلال طرح هذه الأسئلة، بإمكان الصحفيين وغرف الأخبار اتخاذ خطوات هامة للوصول بشكل أفضل إلى الجماهير، بما في ذلك الشباب.


يدير المركز الدولي للصحفيين برنامج مكافحة المعلومات المضللة بتمويل رئيسي من مؤسسة سكريبس هوارد، وهي مؤسسة تابعة لصندوق سكريبس هوارد، الذي يدعم الجهود الخيرية لشركة إي. دابليو. سكريبس. ومن المقرر أن يمكّن المشروع الممتد لثلاث سنوات، الصحفيين وطلاب الصحافة من مكافحة انتشار المعلومات المضللة في وسائل الإعلام الإخبارية.  

الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على Pexels بواسطة ميخائيل نيلوف.