قبل انتقالي للعمل المستقل، كنت أحب جلسات وضع الاستراتيجيات في نهاية العام، وبالتأكيد، قد يشعر أغلب الأشخاص العاملين في مكان عمل عادي بالملل من هذا الإجراء، إلا أنّني شعرتُ بأنّه من المهم تقييم العام الماضي والتخطيط للمستقبل.
وعندما بدأت مسيرتي المهنية في العمل المستقل، عقدتُ اجتماعات تخطيطية بمفردي ووجدت أنّها ترسم مسار عامي بأكمله. ونظرًا لأنّه لا يعُد الجميع جداول البيانات وأوراق العمل من باب التسلية والمتعة، بدأت في دعوة أصدقائي العاملين بشكل مستقل إلى جلساتي السنوية، والمعروفة الآن باسم "الاجتماع العام السنوي للصحفيين المستقلين"، وهو بكل فخر في عامه الثالث.
وأقدم إليكم بعض الدروس التي تعلمتها من هذه الاجتماعات، والتي يُمكن للصحفيين الاستفادة منها، بغض النظر عن مناصبهم:
(1) قبعة الإدارة
عندما تكون صحفيًا مستقلًا، تقع على عاتقك مسؤوليات كثيرة، وذلك خلاف الحال عندما تتقلد منصبًا عاديًا داخل مؤسسة، وهذا يعني أنّك تقوم بجميع الأعمال الرائعة على أرض الواقع، ولكنّك تتحمل أيضًا مسؤولية وضع الاستراتيجيات والإدارة.
ولا تكمن إحدى الحيل في مجرد إدراكك أنّك العامل والمدير معًا فقط، وإنّما في أن تجد الأوقات المناسبة لتولي كل دور لتؤدي عملك بفاعلية. وعلى سبيل المثال، ليس من المثمر اتخاذ قرار في منتصف يوم عمل مزدحم ومُرهق بشأن ما إذا كان يتحتم عليك تغيير مهارات العمل بالكامل أو تنويع مصادر دخلك.
وتُمثل استراتيجيات نهاية العام فرصة للعامل الموجود بداخلك للاسترخاء وارتداء قبعة الإدارة، وهذا يعني أن تحلم أحلامًا كبيرة وتستفيد مما تريد القيام به في المرحلة المقبلة، ولكنّه يعني أيضًا أن تكون صادقًا واستراتيجيًا بشأن نقاط ضعفك والأمور التي تقوضك، ومن ثم ينبغي عليك أخذ هذا الأمر على محمل الجد.
وبشكل شخصي، أحب عقد اجتماعي العام السنوي في فترة ما بعد الظهيرة الهادئة في أحد المقاهي، وبعيدًا عن مواعيد التسليمات النهائية؛ لأتمكن من التركيز في الاجتماع.
(2) واجه حقائق التعليقات
ولا تهم نوعية الاستراتيجية التي تستخدمها لمراجعة عامك، طالما تقوم بذلك بصدق ودقة. وفي أغلب الأوقات، نحاول بناء ما ينبغي علينا القيام به في المرحلة التالية بِناء على مشاعر عميقة، ولكن غامضة قليلًا، مثل "ستُحسن وظيفة أخرى كل الأمور" أو "لا أجني ما يكفي من المال في عملي كصحفي مستقل".
وعلى الرغم من أنّ الأمر قد يكون مؤلمًا، ولكن من الضروري تخصيص بعض الوقت للتعامل بصدق مع ما حدث في العام الماضي، وربما يُمكنك إعداد تحليل شهري أو قائمة بالقصص أو العملاء، وحاول التفكر في نوعية العمل الذي أنجزته، فيما يتعلق بكل من الوسيلة الإعلامية والمحتوى، وإذا كان لديك دخل مُتغير، قد يكون من المفيد استخدام أموالك كمتتبع لإعطائك فكرة بشأن كيفية سير السنة.
كما أُوصي بالنظر إلى بيئة عملك كمجال أساسي للمراجعة. هل أعجبك مقدار العمل؟ ومكان العمل؟ وبأي إيقاع؟ كيف حال شبكات علاقاتك وهياكل الدعم؟ هل التغييرات ممكنة؟، ويُمكنك جمع كل هذه الأمور معًا لتمنحك فهمًا أفضل بكثير لما حدث بالفعل أثناء العام.
(3) لا بأس أن تُخيفك أحلامك
وأتذكر أنّني نظرت حول الطاولة بعد أول اجتماع سنوي، وبمجرد انتهاء الجميع من وضع الاستراتيجيات بمفردهم، كان هناك شعور بالثُقل والقلق. وفي النهاية، اعترف أحدهم: "والآن وبعد معرفتي بأهدافي أشعر أنّ لدي شيء ما لأخسره". اتفق الجميع معه، على الرغم من أنّ أحلامهم كانت مختلفة.
وأعتقد أنّ الخوف من الفشل قد يعني أنّك لمست الاتجاه الذي يتحتم عليك السير نحوه، وإحدى الاستراتيجيات التي وجدتها ناجحة في هذا الأمر هي تمرين من ثلاث خطوات مُستوحى من المراسلة المستقلة ريبيكا إل. ويبر.
أولًا، ركز على رغباتك واحتياجاتك فقط، وفكر فيها قبل المضي قدمًا إلى الأمام. هل تحتاج إلى جني المزيد من الأموال كي تتمكن من إعالة عائلتك؟ هل تتعطش بشدة للمزيد من العمل الإبداعي أو الفني؟ أم أنّ رغبتك الكبيرة تكمن في الرحيل عن بيئة عمل سامة؟
وبمجرد التفكير في هذه المشاعر للحظة، حوّل رغباتك إلى أهداف. حاول تحديد هذه الأهداف كأشياء يُمكنك إدراكها إذا حدثت. وبعد تحديد الأهداف، اجعلها عملية، وفكر في الأمور القابلة للتنفيذ، مثل احتساء القهوة مع شخص قد يُرشدك في خطوتك التالية، أو بدء العمل بنظام جديد، أو الانضمام إلى تدريب قد يؤهلك للبدء في تحقيق ذلك الهدف. كن محددًا ومفصلاً.
(4) اترك لنفسك شيئًا في العام الجديد
إنّ سر التخطيط للعام الجديد هو أنّه مجرد نصف القصة فقط، وعندما أقوم بهذا النوع من التسهيلات للعملاء، أؤكد أنّه لا يكفي إجراء مناقشة عظيمة، وإنّما يُحدث فرقًا هو الملخص الذي يُعد بعد ذلك، والمكون من صفحة أو صفحتين للخطط وخطوات العمل التي ينبغي القيام بها.
وبشكل شخصي، أحب كتابة هذه الملخصات كمجموعة من القرارات أو المعايير بدلًا من التعليمات التوجيهية، فعلى سبيل المثال، هدفت ذات مرة إلى تقليل نوع العمل الذي استغرق قدرًا كبيرًا من الوقت ولكنّه لم يجلب لي الكثير من المتعة أو الدخل الكبير، وكانت أفضل ممارسة قررتها هي عدم قبول أي كتابة مقابل مبلغ محدد، وكلي ثقة بأنّ العمل الأفضل سيأتي.
(5) احتفل
وأخيرًا، بغض النظر عما كان عليه العام الماضي، أو ما قد يأتي في العام الجديد، فإنني أُحثك بشدة على الاحتفال. ابتهج بأي شيء تفتخر به، سواء كانت قصة أحببتها، أو مجازفة قمت بها، أو أنكّ صمدت بقوة تحت الضغط.
وفي النهاية، ذكّر نفسك بأنّك كعامل واستراتيجي، تقوم بعمل محترم للغاية، وتأمل أن تعيش عامًا رائعًا.
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة جابرييل هندرسون.