مبادرة جديدة تشجع ابتكارات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار

بواسطة أمارا إنيس
Sep 1, 2022 في الابتكارات الإعلامية
لوحة تحكم

تتطوّر التكنولوجيا في الصحافة باستمرار، فمن صحافة الموبايل وتغطية الأخبار عبر تويتر وتيك توك إلى صحافة البيانات، يعتمد صحفيو اليوم على التكنولوجيا الجديدة لتسهيل عملهم وجعل قصصهم أكثر تأثيرًا وجاذبية.

واليوم، أصبحت غرف الأخبار الكبرى تضيف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الجديدة إلى عملها. أمّا غرف الأخبار الصغيرة، فهي أيضًا مهتمة بهذه الأداة، حتى إن لم يكن استخدامها ممكنًا بعد. وبحسب بعض التوقعات، فإن 90% من الأخبار ستُكتب بواسطة الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2025. بل إنّك من المحتمل أن تكون قد قرأت بالفعل قصة رياضية أو ملخصًا انتخابيًا تم تأليفه جزئيًا على الأقل بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وبشكل عام، يمكن فهم الذكاء الاصطناعي على أنّه أي تقنية تحاكي الذكاء البشري: أي استخراج الأنماط من البيانات والتنبؤ بالأحداث المستقبلية و/أو تكييف الأداء بناءً على أخطاء الماضي. وليست كل أدوات الذكاء الاصطناعي مستقبلية، فعلى سبيل المثال، يستخدم برنامج النسخ الصوتي الذكاء الاصطناعي للتعرُّف على الكلمات ونسخها من ملف صوتي.

ولا يُقصد بالذكاء الاصطناعي أن يحلّ محل الصحفيين. بل إنّه يتولى المهام المتكررة أو البسيطة أو المليئة بالبيانات حتى يتمكن الصحفيون من التركيز على القصص التي تتطلب رؤية إبداعية وتحليلًا متعدد الأوجه وحكمًا جيدًا.

وفي عام 2019، قام مركز Polis المتخصص بأبحاث الإعلام والتابع لكلية لندن للإقتصاد بعقد شراكة مع مبادرة جوجل للأخبار لإطلاق "مبادرة صحافة الذكاء الاصطناعي" (JournalismAI) الهادفة إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي بين الصحفيين. وقد بدأ برنامج زمالة JournalismAI هذا العام بهدف ابتكار أدوات جديدة تساعد في عمل الصحفيين.

ولمعرفة المزيد حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة، أجريت مقابلة مع مدير المبادرة وقائد الفريق ماتيا بيريتي، ومع مديرة برنامج الزمالة لاكشمي سيفاداس، وذلك لمناقشة الزمالة والمبادرة وما تعنيه مشروعات JournalismAI لمستقبل غرف الأخبار.

شبكة عالمية

نشأت الزمالة من سلسلة "تحديات التجارب التعاونية" التي عقدها فريق JournalismAI بين عامي 2020 و2021. ووفقًا لبيريتي، فإنّ السلسلة نشأت "تلقائيًا"، أي بدون عملية تقديم أو تنظيم رسمي للمهتمين بالمشاركة. ومن خلال هذه التحديات، تم استكمال الكثير من مشروعات الذكاء الاصطناعي المفيدة، ولا يزال الكثير منها متاحًا عبر الإنترنت. وفي العام التالي، أصبحت العملية رسمية وتم تعديلها لإطلاق الزمالة.

وفي حين تركز المبادرة على تثقيف الصحفيين الذين ليسوا على دراية بالذكاء الاصطناعي، فإن برنامج الزمالة يخطو خطوة إضافية من خلال تعزيز مهارات الصحفيين الذين يستخدمون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالفعل في غرفة الأخبار.

من جانبه، قال بيريتي إنّ "ما يمكننا فعله من أجلهم عبر الزمالة هو توصيلهم بشبكة عالمية من الأشخاص على نفس المستوى. فمن خلال دفعهم للتعاون مع بعضهم البعض، يمكننا مساعدتهم في تسريع تبني الذكاء الاصطناعي وتطبيقه، وأن نظهر للجميع في مجتمعنا ما يمكن تحقيقه".

وقد تم اختيار 46 صحفي/صحفية من 16 دولة عبر ست قارات للبرنامج. فقد ظهرت بالفعل مشاكل مع الذكاء الاصطناعي الذي يتحيز عنصريًا وجنسانيًا ويظهر التنميط العرقي للأشخاص ذوي البشرة الملونة، لذا شجّع فريق JournalismAI على التنوع عند قبول الزملاء.

وفي هذا الصدد، أوضحت سيفاداس أنّ "ما فكرنا فيه هو أنّه إذا جمعنا أشخاصًا يمثلون المجموعات السكانية الرئيسية حول العالم، فيمكنهم التعرُّف على نوع التحيزات الموجودة في البيانات الحالية". وبعد ذلك، من خلال الأنظمة التي يبنونها أو يطورونها الآن مع الزمالة، سيكونون قادرين على معرفة موقع التحيز في عملية التطوير وتخفيف ذلك أيضًا.

فوائد الذكاء الاصطناعي

يكمن الهدف الرئيسي من الزمالة في إنشاء برنامج يتضمن الذكاء الاصطناعي لإفادة الفرق المشاركة وغرف الأخبار على مستوى العالم. وعلى عكس برنامج OpenAI أو برنامج DeepMind التابع لجوجل، اللذين تركز أبحاثهما على إنشاء ذكاء اصطناعي عام (أي برنامج يعمل كعقل بشري مستقل)، فإن مشروعات JournalismAI كلها تُعد أدوات تتطلب مدخلات أو إشراف من صحفيين بشريين.

وتهدف أغلب هذه المشروعات إلى المساعدة في أحد مجالات الأخبار الثلاثة التي حددها تقرير JournalismAI لعام 2019: جمع المعلومات، أو إنتاج المحتوى، أو توزيع المحتوى النهائي على الجمهور.

وكلٌ من هذه المجالات لديه إمكانات مثيرة للصحافة. فبرامج الذكاء الاصطناعي المتخصصة بجمع الأخبار يمكنها تحديد الاتجاهات ومراقبة ذكر القضايا أو الأحداث المعينة والحصول على المعلومات، مثلًا من خلال جمع المقالات والاقتباسات من مختلف المنافذ الإخبارية التي تناقش جميعها نفس القضية. أمّا البرامج المتخصصة بإنتاج الأخبار، التي تعمل على صنع المحتوى، فيمكنها كتابة مقالات ذات تعداد نقطي أو إعادة صياغة القصص للجماهير المختلفة في جزء بسيط من الوقت الذي يستغرقه الإنسان للقيام بذلك. وأخيرًا، تستطيع البرامج المتخصصة بتوزيع الأخبار أن تستخدم مساهمات المستخدمين لزيادة تأثير الأخبار: مثل البحث عن أنسب الجماهير لمحتوى مؤسسة معينة، أو تتبع سلوكيات القراء وتخصيص تدفق الأخبار حتى يرى القراء أكثر ما يثير اهتمامهم.

وفي هذا السياق، قال بيريتي إنّه "لم يقرر أيٌ من طلاب الصحافة اتخاذ هذا المسار الوظيفي لأنهم كانوا يتوقون للبحث في مستندات PDF يومًا بعد يوم. وهذا أمر يجيده التعلم الآلي، وأعتقد أنّنا يجب أن نتحمس بشأن إمكانية الحصول على دعم البرامج التي تقوم بكل هذه الأشياء بالنيابة عنّا".

ومن بين الموجّهين المشاركين هذا العام إنيس مونتاني، المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية لشركة البرمجيات Explosion؛ وديفيد كاسويل، المدير السابق لمنتجات "مختبر بي بي سي للأخبار"؛ بالإضافة إلى العديد من أعضاء "مختبر نايت" التابع لجامعة نورثوسترن. ويلبي هؤلاء الموجهون احتياجات التدقيق في الحقائق والمهارات التقنية المتقدمة وغير ذلك.

وأوضح بيريتي قائلًا: "لم نُعد قائمة بأسماء الموجهين ولم نخبر [الزملاء] بأن عليهم العمل معهم، فلم تكن هناك فائدة من ذلك، لأننا لم نكن نعلم بعد ما سترغب هذه الفرق بالعمل عليه. لذا حاولنا العثور على خبراء متخصصين يمكنهم المساعدة في الموضوعات المحددة التي يرغبون في استكشافها. وهكذا نبدأ باحتياجات فرقنا".

ضمان المسؤولية

سينتج عن زمالة هذا العام عشرة مشروعات، من بينها برنامج Attack Detector، الذي يهدف إلى الكشف عن خطاب الكراهية تجاه الصحفيين والناشطين البيئيين باللغتين الإسبانية والبرتغالية؛ وبرنامج Parrot، الذي يحدد ويقيس انتشار الإعلام المصنع من قبل الدولة. وإلى جانب المشروعات الأخرى، سيتم عرض هذين البرنامجين في مهرجان JournalismAI المقرر عقده في أوائل ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب بيريتي، فقد تم تطوير كل هذه المشروعات مع مراعاة الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي. ولا يُفترض أن يعمل أيٌ منها بدون إشراف بشري. وأضاف أنّه سيكون من "الخطير للغاية" السماح باستخدام الذكاء الاصطناعي من دون الخضوع للإشراف في الوقت الحالي.

وقال بيريتي إنّ "الكلمة التي نستخدمها بشكل متكرر هي ’المسؤولية‘، فأنا متحمس لما أراه في هذه الصناعة وأود أن أفترض أن بعض ذلك يعود إلى العمل الذي نقوم به. ولكن علينا أن نواصل التأكيد على [الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي] إذا أردنا له أن يصبح ميزة إيجابية للصحافة".

من جهتها، ترى سيفاداس أنّ الذكاء الاصطناعي آخذ في الانتشار في غرف الأخبار العالمية، وأنّه سيكون لا مفر منه قريبًا. ونقلت عن المشاركة السابقة في تحدي 2020 Collab، ميكايلا كانسيلا، قولها إنّ "بإمكانك أن تختار أن تكون جزءًا من صناع القرارات بشأن كيفية استخدامه، أو أن تجلس وتشاهده يدمر الأنظمة والممارسات الأخلاقية التي بُنيت عليها الصحافة".


الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة أمبرتو.

تم تحديث هذا المقال يوم 26 أغسطس/آب.