تأثّر الصحفيون المستقلّون حول العالم بتفشي جائحة "كوفيد 19"، التي كان لها تداعيات سلبيّة على الاقتصاد، ما دفع بعدد كبير من المؤسسات الإخبارية إلى تعليق العمل المستقل أو التقليل من التعامل مع الصحفيين المستقلين.
ومن بين الصحفيين الذين عانوا من الإغلاق التام والتدابير الصارمة وتراجع العمل، كان الصحفي النيجيري فالنتين إيوينوان الذي جمع عددًا من الأفكار والمقترحات لتقارير وأرسلها للمؤسسات الإعلامية التي يعمل معها وكان يظنّ أنّها ستلقى قبولاً، إلا أنّها رفضت.
وفيما كان يسعى إيوينوان ليتمّ قبول موضوع ليعمل عليه، استنفد مدخراته خلال الشهر الثاني من الإغلاق التام، فاقترض المال لتأمين الطعام له ولثلاثة من إخوته الصغار الذين يعيلهم. وقال: "عندما لم يكن لدي ما آكله، لم أستطع التفكير جيدًا، إذ أصبت بصدمة وحزن".
إقرأوا المزيد: كيف أثّرت جائحة كوفيد19 على عمل الصحفيين المستقلين؟
والجدير ذكره أنّ رفض المقترحات لم يكن مشكلة عانى منها إيوينوان فحسب، بل الكثير من الصحفيين المستقلين أيضًا، فيما زاد العمل على إعداد تقارير حول "كوفيد 19" من داخل المؤسسات الإخبارية، في وقت لا يمتلك الكثير من الصحفيين المستقلين مصادر دخل إضافية، بل يعتمدون على إعداد التقارير لإعالة أنفسهم وأسرهم.
أمّا بالنسبة إلى الصحفي المستقلّ لينوس أونا، فقد تمثّلت التحديات الرئيسية بعدم القدرة على التنقّل من أجل إعداد تقارير جديدة، وذلك بسبب القيود المفروضة على التنقّل في نيجيريا. وفي حديثه لـ"شبكة الصحفيين الدوليين"، قال: "حتى عندما تكتشف قصصًا مثيرة للاهتمام وتدرك أنّها مّهمة للعمل عليها، لا تتمكّن من الذهاب إلى المكان الذي يجب العمل فيه لإعداد تقرير عنها". وشدّد على أنّ الجائحة كشفت أهمية الادخار تحسبًا لحالات الطوارئ، التي لم أكن أعيرها اهتمامًا في الماضي، أمّا الآن فأجد من الضروري التخطيط دائمًا لها، فلا أحد يدرك متى يمكن أن تحلّ أزمة كبيرة.
وفي هذا السياق، قال باتريك إيجو وهو صحفي مستقل مقيم في جنوب إفريقيا: "لم يكن لدي سوى القليل من المدخرات لكن في وقت من الأوقات، نفد الطعام". وهنا بدأ إيجو يبحث عن منح ومصادر تمويل من مؤسسات التي يمكن أن تساعد الصحفيين أثناء تفشي "كورونا"، فتعرّف إلى مبادرة مؤسسة روري بيك ترست لدعم الصحفيين المستقلين حول العالم من خلال صندوق المشقّة الخاص بجائحة "كوفيد 19"، علمًا أنّ المؤسسة ومقرّها المملكة المتحدة تقدم الدعم للصحفيين منذ 25 عامًا.
وعن المبادرة، قال إيجو الذي يدرس حاليًا في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرج: "تقدمت بطلب وحصلت على دعم مالي، وأتت مساعدة الصندوق في الوقت المناسب الذي كنت بحاجة إليه".
وقد تقدم إيوينوان وأونا بطلب إلى صندوق المشقة أيضًا، وقال إيوينوان: "عندما تلقيت المال، تمكنت من تحسين مستوى معيشتي وتسديد ديوني، وعادت الحياة إلى طبيعتها، ما دفعني إلى التفكير بالمزيد من المواضيع التي يمكنني العمل عليها".
إقرأوا المزيد: كيف يمكن للصحفيين إيجاد أفكار لإعداد تقارير جديدة؟
وكانت مؤسسة روري بيك ترست قد أطلقت مسحًا لتحديد الاحتياجات الأساسية للصحفيين المستقلين أثناء الأزمة الصحية. ومنذ مستهلّ شهر آب/أغسطس، منحت المؤسسة مساعدات بقيمة 26500 يورو لـ 53 صحفيًا مستقلاً حول العالم، وتراوحت المساعدات بين 200 و900 يورو لكلّ صحفي للتمكّن من إعالة عائلته خلال الأزمة الصحية الطارئة. وفي هذا الصدد، أوضحت المديرة المساعدة في المؤسسة جوانا بيسكو: "ساعدتنا النتائج على فهم احتياجات الصحفيين التي تتعلق أساسًا بالأمور الأساسية والتأمين الصحي والمعدات"، مضيفةً: "سيبقى الصندوق مفتوحًا طالما تسمح الميزانية بذلك، على الرغم من أننا نواصل العمل لإيجاد المزيد من التمويل للمساعدة في مواجهة الأزمة".
تستمر مؤسسة روري بيك ترست باستقبال الطلبات لصندوق المشقّة الخاص بـ"كوفيد 19". ويمكن للصحفيين المستقلين الذين تأثروا من تفشي الجائحة أن يتقدّموا لطلب تمويل من أجل تأمين حاجاتهم الأساسية.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة MChe Lee.