تأملات بتغطية تداعيات الإرهاب على النساء من الفائزة بجائزة نايت من المركز الدولي للصحفيين مريم ويدراوغو

بواسطة Iragi Elisha
Nov 2, 2023 في موضوعات متخصصة
مريم ويدراوغو

تُكرس الصحفية البوركينية مريم ويدراوغو جهودها لتغطية الحرب وعواقبها الوخيمة على المدنيين في بلدها الأصلي بوركينا فاسو.

وأصبحت ويدراوغو أول صحفية إفريقية تفوز بجائزة بايو كالفادوس-نورماندي المرموقة في 2022، عن سلسلة من التقارير التي وثقت من خلالها الأهوال التي تعرضت لها النساء، بما في ذلك الاغتصاب ووقائع الاعتداء على يد الجماعات الإرهابية في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.

وفازت ويدراوغو هذا العام بجائزة نايت للصحافة الدولية لعام 2023 والتابعة للمركز الدولي للصحفيين، والتي احتفت بتغطية ويدراوغو المؤثرة والتزامها بتغطية القضايا الحساسة بلباقة.

وفي عملها، تُعطي ويدراوغو أولوية لتجارب الناجيات ووجهات نظرهن، وتؤمن بأنّه ينبغي على الصحافة التركيز على الإنسانية، إلا أنّ هذا قد يؤثر سلبيًا على الصحة العقلية، ولذلك أخذت ويدراوغو هدنة من التغطيات بسبب آثار اضطراب ما بعد الصدمة. وقالت ويدراوغو: "أسعى للتعافي الآن".

وأثناء جلسة حديثة لمنتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية باللغة الفرنسية التابع للمركز الدولي للصحفيين، تحدثت ويدراوغو عن تغطياتها الصحفية للنساء المتضررات من الإرهاب، وشاركت أفكارها وإرشاداتها لإجراء تحقيقات استقصائية عن الموضوعات الحساسة. كما ناقشت كيفية محاورة الأشخاص حول هذه القضايا بطريقة مسؤولة، وقدمت نصائح حول كيفية اعتناء الصحفيين بأنفسهم.

إليكم بعض النقاط الرئيسية من الجلسة:

حدد أهدافك

سعت ويدراوغو من خلال تغطياتها إلى "فهم ظاهرة العنف الجنسي وتفصيلها، وكشف الغطاء عن مدى العنف، وتوثيق استراتيجيات الصمود لدى الناجيات".

ونصحت ويدراوغو الصحفيين بأهمية وضع أهداف واضحة قبل التوجه إلى الميدان لإجراء التقارير، مشددة أنه "من الضروري فهم كيفية التعامل مع الضحايا إذ إنّهن يتحملن آلامًا بالغة". كما شرحت ويدراوغو: "عندما تتعمق في مثل هذه القضايا الحساسة، من الأهمية بمكان التكيف مع الواقع والتحلي بالصبر وإظهار الحساسية، إذ يدور بناء العلاقة الجيدة حول الحفاظ على التواصل الإنساني، وليس مجرد تولي دور الصحفي".

وتستفيد ويدراوغو من هذا النهج لإقناع محرريها بأهمية عملها، وهو تكتيك تؤمن أنّ بإمكان الصحفيين الآخرين استخدامه، موضحة "لا يزال موضوع الاعتداء الجنسي قضية حساسة في مجتمعنا، وخاصة عندما يتضمن تصرفات يرتكبها أفراد مسلحون".

وذكرت ويدراوغو كيف ذرفت الدموع بجانب إحدى الناجيات من الاعتداء الجنسي، بعد عام من البحث والتغطية المتعمقة والتي تضمنت مناقشات في وقت متأخر من الليل مع الشخصيات التي حاورتهن. ومع ذلك، نصحت الزملاء بالحفاظ على بعض المسافة العاطفية مع المصادر لتجنب إرهاق أنفسهم عقليًا وعاطفيًا. 

كما ينبغي على الصحفيين بعد العودة من الميدان منح أنفسهم بعض الوقت للتكيف والتفكّر، وأضافت ويدراوغو: "خصص وقتًا لمعالجة تجربتك، واسمح لنفسك بالتفكّر، واستوعب إحجامك الأولي عن إعادة النظر في الشهادات".

أعد التحقيقات بطريقة استراتيجية وبلباقة

وقالت ويدراوغو إنّه يجب على الصحفيين دمج وجهات النظر المتنوعة في تغطياتهم، والمزج بين أساليب السرد القصصي، فعلى سبيل المثال، فكر في تجميع تغطيتك في سلسلة من المقالات بدلًا من حشر معلومات كثيرة في مقالة واحدة، وساعدت هذه الاستراتيجية ويدراوغو في الحصول على جائزة بايو كالفادوس-نورماندي.

ومن الضروري إظهار الاحترام للمصادر، والحفاظ على إخفاء هوياتهن عند الضرورة، واقترحت ويدراوغو استخدام الرسومات التوضيحية في قصصك أو صور الناجيات الملتقطة من الخلف والتي لا توضح هوياتهن.

وترى ويدراوغو أنّه لا ينبغي على الصحفيين التردد في التحقيق في موضوع العنف الجنسي، مضيفة "واصل إنتاج هذه المقالات المتعمقة، حتى وإن كانت لا تُدر ربحًا للغرفة الإخبارية، فهي تحث على اتخاذ القرارات وتُحفز على التغيير".

حافظ على سلامتك الجسدية

ولسرد هذه القصص المروعة، حرصت ويدراوغو على الاستماع بانتباه دائمًا، إلا أنّها وجدت نفسها في بعض الأوقات مُثقلة بحكايات القسوة التي لا يمكن تصورها، وحذرت: "ستشعر بالعجز في بعض المواقف".

وأشارت ويدراوغو إلى أهمية التشاور مع السلطات قبل الذهاب إلى الميدان لتتمكن من الفهم الكامل للبيئة المحيطة بك والموضوع محل التحقيق، وأضافت: "ابذل قصارى جهدك للحصول على الأذونات اللازمة، شريطة ألا يعرض ذلك تحقيقك للخطر".

وأوضحت ويدراوغو أنّه على الصحفيين أن يتمتعوا بالمرونة في مواجهة الظروف الميدانية المتغيرة، وأن يوسعوا شبكة مصادرهم، ويكسبوا الثقة، مضيفة "تجنب لفت الانتباه غير الضروري، وفي بعض الأوقات من المفيد تجنب ارتداء الشارات أو السترات للاندماج بصورة أفضل مع البيئة المحيطة بالفرد".

كما ينبغي على الصحفيين أن يكونوا على دراية بالتحديات التي قد يواجهونها، وأن يخططوا لتغطياتهم وفقًا لذلك، وذكرت ويدراوغو كيف تعمقت، في إحدى تغطياتها السابقة، في الحياة اليومية للنساء اللواتي أُجبرن على ممارسة الدعارة؛ لتفهم بعمق أكثر العواقب التي واجهونها. وقالت: "تمكنت من التواصل مع الأشخاص الذين يستغلون النساء المُغتصبات مقابل أسعار زهيدة".

اعط أولوية لصحتك العقلية

أخذت ويدراوغو فترة استراحة من عملها بعد تشخصيها بالصدمة غير المباشرة بسبب طبيعة تحقيقاتها الاستقصائية.

وعلقت ويدراوغو: "إنّه أمر ضروري لأنّ ما تواجهه في الميدان سيختلف غالبًا بصورة كبيرة عن توقعاتك الأولية"، مشددة "اطلب التوجيه من متخصص في الصحة العقلية لتفادي أي انتكاسات عاطفية أثناء العمل".

كما ينبغي على المراسلين أن يأخذوا في اعتبارهم "ندرة البيانات، والقيود المفروضة على الوقت والموارد المالية، خاصة عندما لا توفر غرفنا الإخبارية هذه الموارد".

وفي النهاية، تعتبر حماية المصادر أمرًا بالغ الأهمية، واختتمت ويدراوغو: "حقق التوازن الصحيح بين الحفاظ على إخفاء الهوية وضمان الدقة؛ وذلك حتى لا تُنتج قصة تفتقر إلى المصداقية".


الصورة الرئيسية مقدمة من مريم ويدراوغو.