أنيسة شهيد: صوتٌ لشعب أفغانستان

Oct 28, 2022 في حرية الصحافة
Anisa Shaheed

في ظلّ حكم "طالبان" في أفغانستان من العام 1996 إلى 2001، اقتصرت حياة النساء على البقاء في المنزل، ولم يُسمح لهن بالذهاب إلى المدارس أو العمل في أغلب الوظائف، ووضعت قيود على حصولهن على الرعاية الصحية، كما أنه لم يكن مسموحًا لهن بالتواجد في الأماكن العامة بدون رفقة رجل، إلى جانب العديد من الأمور الأخرى التي قيدت حريتهن.

أثناء نشأتها في وادي بنجشير في شمال شرق أفغانستان، شهدت أنيسة شهيد قمع طالبان للنساء عن كثب، وتقول: "كفتاة صغيرة، كان من الصعب للغاية الدراسة والعمل في دولة تعيش في حالة حرب".

كرست شهيد حياتها الصحفية لمواجهة هذا القهر، وجددت هذا الهدف بعدما أعادت الجماعة المتشددة الاستيلاء على البلاد في العام 2021. تقول شهيد – التي كانت تعيش في كابول قبل مغادرة البلاد العام الماضي – إنّ "شعب أفغانستان، وخاصة النساء، يعيشون تحت ظل طالبان، هذه الجماعة التي تنتهك حقوق الناس".

وتقديرًا للعمل الصحفي الذي قدمته شهيد في الوقت المناسب خلال مسيرتها المهنية، أصبحت واحدة من الفائزين بجائزة نايت للصحافة الدولية الصادرة عن المركز الدولي للصحفيين للعام الحالي. وتعلق شهيد على تقاريرها بقولها "أردت أن أكون أينما وجدت مشكلة، وأن أقوم بإيصال ذلك الصوت وتلك الأخبار للناس، لقد كانت تلك أمنيتي ونجحت في تحقيقها".

 

Anisa Shaheed

سنوات شهيد المبكرة

بعدما فقدت "طالبان" السلطة في أعقاب الغزو الأميركي لأفغانستان في 2001، حصلت شهيد على درجة علمية في الصحافة من جامعة كابول، وحصلت على أول وظيفة لها في المجال كمحررة في صحيفة چراغ ديلي، قبل أن تلتحق بالعمل في قناة تولونيوز المستقلة في 2009.

وتمكنت شهيد من أن تصبح من أبرز الصحفيين في أفغانستان في السنوات التي تلت ذلك، عبر تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها النساء في أفغانستان، وفضح الظلم، ومحاسبة المسؤولين في السلطة.

وفي 2016، حاورت شهيد المسؤول الأفغاني البارز أحمد أشكي، بعد ادعائه أنه تعرض للخطف والإساءة الجنسية بناء على أوامر من نائب الرئيس الأفغاني الجنرال عبد الرشيد دوستم. وأشعلت هذه الادعاءات الغضب الجماهيري وتم توجه اتهامات لدوستم الذي ذهب إلى المنفى فيما بعد.

تهديدات تعرض سلامتها للخطر

ساعدت شهيد في إعادة تعريف معنى أن تكون المرأة صحفية في أفغانستان على الرغم من تعريض ذلك سلامتها لخطر بالغ. تقول شهيد في مقابلة مع "بي بي إس": "يسألني الناس (كيف تذهبين إلى العمل؟ هل ستخرجين مجددًا؟)"، موضحةً: "عندما تخرج إلى الشارع – حتى إن كنت تقف فقط هناك – لا يمكنك معرفة من أين قد يأتي أحدهم ويقتلك".

وأشارت شهيد في المقابلة إلى أن "طالبان" قتلت سبعة من زملائها في هجوم تفجيري منذ سنوات، وقالت: "لقد عملت في أفغانستان على مدار عقد من الزمان، وقتما كانت الدولة في حالة حرب، وفي السنوات الأخيرة، تم إعلان أفغانستان أكثر الدول دموية بالنسبة للصحفيين"، مضيفةً: "من الصعب العمل في دولة تعيش حالة حرب، وخاصة بالنسبة للنساء، فإنّ المشكلات الأمنية والاجتماعية والأسرية تُصعب من عمل الصحفيات".

 

Anisa Shaheed on the job

 

ولم يختلف التزام شهيد بإعداد التقارير الصحفية عندما اجتاحت جائحة كوفيد19 العالم في أوائل العام 2020. فقد غامرت بالذهاب إلى المستشفيات لتعرف المزيد وتشارك المعلومات الصحفية مع المجتمع، بينما كان الآخرون معزولين في منازلهم.

وساعدت تغطيتها الإعلامية المواطنين الأفغان على فهم التهديدات التي يشكلها فيروس كورونا بشكل أفضل، بينما حمّلت مسؤولي الحكومة مسؤولية كيفية إنفاقهم لأموال الإغاثة.

تقول شهيد: "عندما ذهبت للتغطية الإعلامية في المستشفى، قضيت ساعات في الحديث مع المرضى وعائلاتهم والأطباء، واستمعت إلى قصص الجميع، لأنني أردت أن يفهم الناس أنه لا ينبغي عليهم الإصابة بالذعر بسبب كوفيد-19".

إعادة استيلاء طالبان على أفغانستان

تدهورت أوضاع المراسلين والنساء في أفغانستان بشكل ملحوظ منذ استعادة طالبان السيطرة على البلاد في 2021 بعد انسحاب الجيش الأميركي، وخوفًا على سلامتها لجأت شهيد للعيش في الولايات المتحدة.

وعلى بُعد أكثر من 7 آلاف ميل اليوم، تستمر شهيد في التغطية الإعلامية لشؤون بلادها كمراسلة مستقلة، ولم يتزعزع التزامها بخلق درب للأفغانيات وخاصة الصحفيات. تقول شهيد: "أردت أن أقول للناس إنه يمكن للنساء القيام بأي شيء في أفغانستان. بإمكان النساء القيام بأي شيء، وبإمكانهن أن يعملن كصحفيات"، مضيفةً: "تمكنت النساء من العمل في أفغانستان مثلما يعمل الرجال، وذلك على خلاف ما اعتقده الكثير من الناس".

وتأمل شهيد - أثناء دعوتها من الخارج الآن لتحسين معاملة مواطني أفغانستان – بأن تتغير الظروف للأفضل قريبًا. وتقول: "أتمنى أن يكون لفتيات أفغانستان ذات يوم الحق في التعليم، وللنساء الحق في العمل والحياة، وأن يتمكن شعب أفغانستان من السير بسلام في الشوارع".


انضم إلى تكريم "المركز الدولي للصحفيين" للصحفيين في 10 نوفمبر/تشرين الثاني حضوريًا أو عبر الإنترنت، لتكريم شهيد والمراسلين الشجعان من جميع أنحاء العالم.

جميع الصور مقدمة من أنيسة شهيد.