الواقع الخطير للصحفيين في باكستان

بواسطة Ghulam Shabir Arain
Jul 21, 2023 في حرية الصحافة
علم باكستاني

يواجه الصحفيون في باكستان مجموعة واسعة من مخاطر السلامة نظرًا لطبيعة عملهم، فهم يصارعون التهديدات بالقتل والاختطاف، والاعتداء، والعنف، والترهيب. ووفقًا لتقرير مرصد اليونيسكو، قُتل 90 صحفيًا في البلاد ما بين 2002 و2022، وقُتل خمسة من بينهم في العام الماضي وحده.

ونتيجة لذلك، ترسخت ثقافة الخوف والرقابة الذاتية، مما يحد من التغطية الصحفية للقضايا الهامة مثل انتهاكات حقوق الإنسان، والفساد، والقمع السياسي.

ويولد ضعف حرية الصحافة في باكستان الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لحماية وتعزيز عمل الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني. ونقدم إليكم ما قاله الصحفيون الباكستانيون عن المخاطر التي يواجهونها.

الهجمات على الصحفيين

على الرغم من الضمانات المتعلقة بحرية الخطاب والتعبير والصحافة في دستور باكستان، إلا أنّه كثيرًا ما تمنع العوائق القانونية والمؤسسية الصحفيين من تأدية مهامهم.

ووفقًا للمادة 19 من الدستور، فإنّ حرية الصحافة "تخضع لقيود منطقية يفرضها القانون" لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أو الدفاع، أو الدين. وأدت تفسيرات المادة إلى فرض قيود على حرية الصحافة لأسباب تتعلق بالإساءة إلى الآداب، أو الأخلاق، أو الدين.

وفي أثناء ذلك، تزايدت حالات الاختطاف، والاعتداءات، والتحرشات، والاعتقالات التعسفية وحتى قتل الصحفيين. كما زادت السلطات الباكستانية من الضغط على المحررين وأصحاب الوسائل الإعلامية لإسكات الأصوات الناقدة للحكومة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، قُتل الإعلامي أرشد شريف (49 سنة)، الذي قدم بعض التقارير التي تنتقد الحكومة الباكستانية، برصاص الشرطة في نيروبي فيما وصفته الشرطة بواقعة "خطأ في تحديد الهوية"، إلا أن المحققين الباكستانيين أصروا على أنّها كانت "عملية اغتيال مخططة". وكان شريف قد عاش في المنفى بعد فراره من البلاد لتجنب الاعتقال بتهمة التحريض على الفتنة، وتزعم عائلته أنّ الحكومة كانت متورطة في مقتله.

وفي أبريل/نيسان 2023، اختُطف مدير التسويق في Bol Media Group، عكاش رام، ولا يزال في الأسر حتى اليوم، وبصفته عضوًا في المجتمع الهندوسي في باكستان، أثار اختطافه مخاوف بشأن معاملة البلاد للأقليات.

وعرقلت هذه الهجمات وصول المعلومات الهامة للجمهور الباكستاني، إذ يُمارس الصحفيون الرقابة الذاتية على تقاريرهم بشكل متزايد. ولهذا الواقع أهمية خاصة أثناء الأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة، حيث تُعد المعلومات الموثوقة عنها ضرورية للجمهور.

التداعيات على الصحفيين

وأعرب الصحفيون عبر نطاق متنوع من الانتماءات الإعلامية والأماكن في باكستان مثل إسلام أباد وبيشاور وكراتشي وحيدر أباد ولاهور، عن مدى تأثير ندرة حرية الصحافة على عملهم.

فعلى سبيل المثال، عند تقديم التغطية الصحفية عن تفجير في لاندي كوتال أودى بحياة 26 شخصًا، قرر المراسل البارز في جريدة الأمة في إقليم خيبر بختونخوا، محمد قاسم، عدم ذكر اسم المجموعة المشتبه قيامها بالهجوم؛ وذلك خوفًا من انتقامها منه، ومع ذلك، وعلى الرغم من اعتراضاته، نشر الفريق التحريري لقاسم القصة بعناوين لافتة للانتباه أعلنت اسم المجموعة.

وقال قاسم: "كانت التداعيات سريعة ومرعبة، إذ أصبحت الهدف الدائم لتهديدات من منظمات اخترت عدم ذكر أسمائها، ولجأت إلى البقاء في مكتبي خوفًا على سلامتي"، مستكملًا "لقد تغيرت حياتي إلى الأبد بسبب عنوان واحد تم التلاعب به".

وشرح الإعلامي عبد الله مجسي، أنّ التحرشات والتهديدات المستمرة تُشكل مخاوف متكررة للصحفيين في بلوشستان، موضحًا "رأيت بنفسي الصعوبات والمخاطر التي يواجهها الصحفيون في بلوشستان سعيًا نحو حرية الصحافة"، مضيفًا "يتميز إقليمنا بالوضع الأمني المعقد، والديناميكيات القبلية، والتأثيرات الدينية التي كثيرًا ما تُعيق العمل الصحفي، ويفاقم غياب الدعم المؤسسي الوضع".

وشدد مجسي على الحاجة للمزيد من الدعم والتعاون بين القطاعات لحماية الصحفيين، مضيفًا "من المهم أن يعمل الإعلام والمجتمع المدني والحكومة معًا لمواجهة التحديات التي يواجهها الصحفيون في بلوشستان".

ويقول الصحفيون إن المخاطر التي تواجه أمنهم الجسدي تُملي عليهم ما يختارون تغطيته صحفيًا. وأوضح الصحفي الإذاعي البارز من إقليم البنجاب الباكستاني الذي يعمل مع Dawn News، عمران بهندر أنّها "معركة لا تنتهي ضد الخوف والترهيب"، مضيفًا: "حفاظًا على سلامتي وسلامة أسرتي، اتخذت قرارًا صعبًا بالامتناع عن تغطية القضايا الخلافية مثل السياسة والجريمة والفساد وغيرها من الموضوعات الحساسة".

ويرى الصحفي المقيم في حيدر أباد، رؤوف شانديو، أنّ وسائل الإعلام تُعطي أولوية للمصالح التجارية وكثيرًا ما تعمل تحت تأثير الدولة، مما يحد من قدرتها على التغطية بحرية، موضحًا "يحد احتكار الدولة لوسائل الإعلام من استقلالية الصحفيين ويعرقل سعيهم نحو تقديم التغطية الموضوعية".

ومع ذلك، لا يزال الصحفيون مُخلصين لعملهم بالرغم من المخاطر. وقال الصحفي من إقليم السند، لالا ميرزا: "إنّ الخوف على سلامة عائلتي يشغلني، لكنه لا يردعني". وفي إشارة إلى الصحفيين البارزين اللذين قُتلا جراء تغطياتهما في السنوات الأخيرة، أضاف ميرزا: "على سبيل المثال، قُتل عزيز ميمون وأرشد شريف لإفصاحهما عن رأيهما، وتُشكل تضحياتهما تذكيرًا للمخاطر التي نواجهها".

دعوات عاجلة لاتخاذ إجراءات

ويعني انعدام الرغبة السياسية في باكستان في مواجهة قضية سلامة الصحفيين والجهود الحكومية غير الكافية لتحسين حرية الصحافة أنّه من المرجح أن يستمر الصحفيون في مصارعة تداعيات حرية الصحافة المتدهورة في المستقبل.

ولكن لدى الصحفيين والنشطاء توصيات عن كيفية تحسين الوضع، إذ قال ميرزا: "ينبغي على لجنة من القضاة المحايدين الاستجابة سريعًا للهجمات على الصحفيين وحماية حقوقهم"، موضحًا: "نحتاج بيئة آمنة لكي تزدهر الصحافة ولمحاسبة المسؤولين في السلطة".

وقالت الناشطة الاجتماعية حاسين مسرات، إنّ المجتمع المدني يلعب دورًا أيضًا، مضيفة "أنا مُصِرّة على أهمية المجتمع المدني في الحفاظ على حرية الصحافة"، مشيرة إلى أنّه "من الأهمية بمكان أن نعمل معًا للدفاع عن وجود حرية صحافة حقيقية، ولخلق بيئة يمكن للصحفيين العمل فيها بدون خوف أو تأثير".

وتعتمد آفاق تحسين حرية الصحافة في باكستان على الجهود المشتركة للحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الإعلامية والصحفيين أنفسهم، وحينها فقط سيعكس المشهد الإعلامي الباكستاني بصدق التطلعات الديمقراطية للبلاد ويتمكن من تزويد المواطنين بما يحتاجونه من معلومات موثوقة.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة حميد روشان.