ينشط استخدام الإنترنت في نيجيريا، مع وجود حوالى 30 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنّ اللجوء إلى منصات التواصل يترافق مع تراجع معدّلات ثقة الجمهور في وسائل الإعلام الإخبارية وانتشار المعلومات المضللة.
إنطلاقًا ممّا تقدّم، بات تثقيف المواطنين ومستخدمي الإنترنت حول المسؤولية التي تقع على عاتقهم ليساعدوا في مكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت يعدّ خطوة مهمة.
وتقول كاتبة المقال هنا عجاقية وهي زميلة في مركز نايت للصحافة في الأميركيتين، التابع للمركز الدولي للصحفيين، إنّها حضّرت ويبينارًا كجزء من زمالتها بالتنسيق مع المركز الدولي لإعداد التقارير الاستقصائية، وتمحور الويبينار حول المساءلة العامة في مكافحة المعلومات المضللة، وشاركت فيه وزيرة التعليم النيجيرية السابقة التي كانت نائبة رئيس البنك الدولي الدكتورة أوبي إيزيكويسيلي، والمدير التنفيذي لصحيفة "دايلي تراست" نصيرو أبو بكر، ومديرة مركز الديمقراطية والتنمية إدايات حسن، ومؤسس منظمة الشفافية المالية أولوسيون أونيغبيندي والذي كان أيضًا زميلًا سابقًا في مركز نايت.
وخلال المشاركة في الويبينار، ناقش الخبراء موضوع المعلومات المضللة والطرق المتاحة لمواجهتها، إضافةً إلى الإستراتيجيات الفعالة للتحقق وتقصي الحقائق والاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي.
وفيما يلي أبرز النقاط التي تمّ التطرّق إليها خلال الويبينار:
أولًا، تعديل السلوكيات
قالت نائبة رئيس البنك الدولي السابقة الدكتورة أوبي إيزيكويسيلي: "لا بدّ أن تستند الحلول الواعدة لمكافحة المعلومات المضللة والكاذبة، على المساعي للتعديلات السلوكية"، مقترحةً تقديم الحوافز ومكافأة مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي الذين ينشرون المعلومات الدقيقة على منصاتهم، مقابل معاقبة الذين يشاركون المعلومات المضللة.
وشدّدت على أنّ مشاركة المعلومات الكاذبة هي بمثابة خرق للقواعد الأخلاقية للمجتمع، ولهذا يساهم النظام الذي يكافئ المواطنين لنشرهم الحقائق في الحدّ من موجة المعلومات المضللة في المجتمع.
ثانيًا، نشر المعلومات الواقعية
قد تساعد مبادئ العرض والطلب أيضًا في مواجهة المعلومات الكاذبة والمضللة على وسائل التواصل الإجتماعي. وفي هذا الإطار، توضح الدكتورة إيزيكويسيلي أنّه "مع استمرار القلق من التأثير السلبي للمعلومات المضللة والكاذبة على المجتمع، لا بدّ من نشر الأخبار والتقارير المستندة إلى الأدلة، حتى تطغى على الأخبار الكاذبة التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي".
إقرأوا أيضًا: منظمة طلابية لتقصي الحقائق والتثقيف الإعلامي.. هذه تجربتها
ثالثًا، التعاون بين المؤسسات الإعلامية ضروري
يعتبر التعاون بين المنصات الإخبارية ضروريًا من أجل التصدي بشكل فعّال للمعلومات المضللة. وعن هذا الأمر، تشدّد إيزيكويسيلي على ضرورة التعاون كسبيل لمواجهة "وباء معلومات".
من جانبه، ذكر المدير التنفيذي لصحيفة "دايلي تراست" نصيرو أبو بكر، خلال مشاركته في الويبينار تحقيقًا ناجحًا نُفّذ بشكل تعاوني لا تنافسي، بين غرفتي الأخبار في بروبابليكا ونيويورك تايمز.
رابعًا، كيف تنتشر المعلومات المضللة؟
يجب إدراك كيفية انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضلّلة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وهذا ما تحدّث عنه مؤسس منظمة الشفافية المالية أولوسيون أونيغبيندي، موضحًا ضرورة معرفة سبب انتشار الأخبار الكاذبة والطريقة لذلك من أجل التمكّن من الحدّ منها.
خامسًا، دور الشركات التكنولوجية الكبرى
يناقش مجلس الشيوخ النيجيري حاليًا تشريعًا يتمّ بموجبه تجريم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى كاذب أو يبثّ الكراهية، وهي خطوة انتقدها بعض الناشطين، معتبرين أنّها تحمل في طياتها قمعًا لحرية التعبير.
وهنا يرى أونيغبيندي أنّه على الشركات التكنولوجية الرئيسية أن تفعّل عملها وسياستها العامة وأنظمة إدارة المعلومات في مواجهة "وباء المعلومات"، بدلًا من رمي المسؤولية على الحكومات.
سادسًا، الإستثمار في التدريب وتقصي الحقائق
يرى أبو بكر أنّه من الضروري أن تستثمر المؤسسات الإعلامية في إجراء التدريبات لمساعدة الصحفيين العاملين فيها على التفاعل مع الجمهور بشكل أفضل عبر الإنترنت، مضيفًا أنّه يجب أن يتعلم الصحفيون أفضل السبل لتوجيه الجمهور إلى مصادر المعلومات الموثوقة.
كذلك يجب أن تسعى غرف الأخبار في إفريقيا إلى العمل في تدقيق الأخبار وتقصي الحقائق حتى يتمكّن الجمهور من التمييز بين الأخبار الحقيقية وتلك المزيّفة. وهما يقول أبو بكر: "يجب العمل بشكل دائم على تقصي الحقائق وليس فقط إعادة نشر أعمال المنظمات المعنية بالتدقيق بالحقائق مثل وكالة الصحافة الفرنسية ومنظمة التدقيق الإفريقية".
إقرأوا أيضًا: مشروع لتقصي الحقائق بمشاركة مؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي
سابعًا، إيلاء أهمية للغة المستخدمة
من جانبها، أوضحت مديرة مركز الديمقراطية والتنمية إدايات حسن أنّه "عند نقل عمليات التحقق من صحة الأخبار إلى الجمهور، يجب على الصحفيين أن يستخدموا لغة مقرّبة من هذا الجمهور"، وأضافت أنّ "تعليم الأطفال وكبار السن المهارات الأساسية للتحقق والتدقيق بالمعلومات يمكن أن يساعد في الحدّ من انتشار المعلومات المضللة بين الناس أيضًا، وليس على الإنترنت فحسب".
هنا عجاقية هي زميلة في مركز نايت للصحافة في الأميركيتين، التابع للمركز الدولي للصحفيين وتعمل في تعزيز علاقات التعاون بين الصحفيين ومدققي الحقائق والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل مكافحة المعلومات الخاطئة حول الصحة وغيرها من القضايا في نيجيريا.