نصائح فعّالة للتحرير يجب على كل صحفي أن يعرفها

Mar 10, 2025 في أساسيات الصحافة
صحفي يكتب على جهاز اللاب توب

تُعد الكتابة مهنة صعبة. وبالنسبة للصحفيين، فإنّ عملية تحرير نصوصهم بأنفسهم قد تكون أكثر صعوبة. وبعد الجهد المبذول في إعداد التغطية الصحفية وكتابة المسودات، قد تكون مراجعة عملك وكأنها مهمة إضافية، ولكن في عصر المشاركة الفورية ــ حيث يُمكن أن ينتشر الخطأ الواحد بين آلاف الأشخاص في ثوانٍ ــ فإنّ تجاهل هذه الخطوة قد يؤدي إلى إضعاف قصتك، والإضرار بسمعتك، والتأثير سلبًا على مسيرتك المهنية.

وقد أدى تقلص غرف الأخبار، وخفض الميزانيات، وتسارع وتيرة النشر الرقمي إلى تقليل الرقابة التحريرية. وفي هذا الصدد، تقول جينيفر كوكس، الأستاذة في جامعة سالزبوري ومؤلفة كتاب "الكتابة والتقارير الصحفية: الصحافة في العصر الرقمي": "في كثير من الأحيان، يُنشر المحتوى الخاص بك مباشرة عبر شبكة الإنترنت"، مضيفةً: "إذا كانت التقارير التي تنتجها تفتقر إلى الدقة، أو مليئة بالأخطاء، فستفقد مصداقيتك تمامًا".
وعلى الرغم من أن المنصات الرقمية تجعل تصحيح الأخطاء أو حذفها أمرًا سهلاً، فإنّ أي خطأ في المقالات أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو النشرات الإخبارية قد تعكس صورة سيئة عنك. وأوضحت كوكس قائلةً: "إن هذا الأمر أشبه بإخراج معجون الأسنان من الأنبوب، فلا يمكنك إعادته مرة أخرى". حتى أبسط الأخطاء المطبعية الصغيرة قد تؤدي إلى إبعاد القرّاء، أما الأخطاء الجسيمة فتُضعف مصداقية تغطيتك الصحفية وتُعرضها لانتقادات علنية.

وتعكس المسودات المُتقنة احترامًا لجمهورك، كما تُظهر مهنيتك أمام المحررين. وسواء كنت صحفيًا مستقلاً أو تعمل ضمن فريق التحرير، فإن تقديم عمل يحتاج إلى تعديلات كبيرة قد يؤدي إلى تقليل فرصك في الحصول على تكليفات جديدة، وهو ما حذرت منه كوكس قائلةً: "إذا حدثت عمليات تسريح للأشخاص في غرفة الأخبار، فمن المرجح أن يكون الشخص الذي يُكلفهم أكبر قدر من الوقت هو أول من يغادر".

تعكس المراجعة الذاتية الشاملة تقديرًا للجهد الذي بذلته، وتُصقل رسالتك، وتُحسن من وضوحها، وتضمن أن يكون لعملك تأثيرًا قويًا. وفيما يلي بعض النصائح العملية التي تقدمها كل من كوكس، وجيري بيرندزن، المحررة التي تمتلك خبرة تزيد عن 35 عامًا ومحاضرة في كلية الصحافة والاتصال الجماهيري بجامعة كانساس، لجعل عملية المراجعة أكثر سهولة وفعالية.

خذ قسطًا من الراحة قبل عملية المراجعة
أحيانًا يكون الابتعاد عن الكتابة أفضل طريقة لتحسينها، وهو ما نصحت به كوكس، قائلةً: "إذا لم تكن في موقف عاجل أو تقوم بتغطية الأخبار العاجلة، فابتعد عن العمل لبعض الوقت".

وعندما تكون غارقًا في موادك الصحفية، يصبح من السهل عليك أن تتغاضى عن الأخطاء أو تفترض أن جمهورك يفهم ما تقصده. وتقول بيريندزين: " عندما ينتهي الكاتب من إجراء البحث والمقابلات ومراجعتها، فيصبح مُلمًا بالقصة ويعرف ما يريد كتابته".

هذه الألفة مع النص تجعل الكاتب يغفل عن الكلمات المفقودة أو العبارات المُتكررة أو التراكيب غير السلسلة، وأضافت: "يرى عقلهم الكتابة بالطريقة التي يتصورونها - وليس بالطريقة المكتوبة لهم بالفعل". حتى التوقف لمدة خمس أو عشر دقائق يُمكن أن تمنحك منظورًا جديدًا عند العودة إلى المسودة.

اقرأ عملك بصوت عالٍ
تُعد قراءة نصوصك بصوت مرتفع من أفضل الطرق لملاحظة الجمل الطويلة المتشابكة أو العبارات الناقصة أو غير الواضحة. وتعلق على ذلك كوكس، قائلةً: "عندما نحرر النصوص في أذهاننا فقط، فإننا نميل إلى إضافة الكلمات التي نعتقد أنها موجودة أو يجب أن تكون، لكنها في الحقيقة غير موجودة". تجبرك هذه التقنية على التمهل والتركيز على إيقاع النص.

اعرف نقاط ضعفك
يواجه كل كاتب تحديات معينة في القواعد النحوية واختيار الكلمات.
وأشارت بيرندزن إلى أنه "على الرغم من خبرتها الطويلة، ودراستها للقواعد النحوية، ما زلت تواجه صعوبة في استخدام كلمتي "lay" و"lie". أعرف ذلك عن نفسي، لذلك استخدم تعابير بديلة"، وأضافت: "يجب أن تنظر إلى نفسك بعناية، وتتعرف على نقاط ضعفك". وهذا يجعل مراجعتك أكثر دقة وفعالية.

قم بتغيير أسلوب عرض المسودة
عدّل مظهر المسودة على الشاشة أو الصفحة لاكتشاف الأخطاء بسهولة، وهو ما أكدت عليه بيريندزين، قائلةً: "قم بتغيير شيءٍ في النص؛ اجعله أكبر، أو استخدم لونًا مختلفًا أو غيّر الخطوط"، مضيفةً: "هذا يخدع عقلك ليعتقد أنه نص جديد".
وعندما تجعل النص الذي تحرره يبدو غير مألوفًا، فيساعدك ذلك على ملاحظة الأخطاء الإملائية، والجمل غير المترابطة، أو الأخطاء الأخرى التي تم التغاضي عنها.

قم بتحرير النص

من أجل التحرير الدقيق لنصك، أوصت كوكس باستخدام ورقة بيضاء لتغطية عملك، مع كشف سطر تلو الآخر أثناء عملية المراجعة.
وذكرت: "عندما نجلس ونقرأ شيئًا، فإننا نستوعب الفقرة بأكملها"، وأضافت: "هذه [الطريقة] تجبرنا على التعامل مع النص سطرًا تلو الآخر". فهي تضمن لك عدم تجاهل التفاصيل الصغيرة التي قد تكون مهمة بالنسبة لك.

تأكد من صحة الأسماء، والأرقام، والحقائق
أكدت بيريندزين على أهمية خطوة عملية التحقق. ونصحت قائلة: "لا تفترض أنك تعرف كيفية كتابة أسماء الأشخاص أو الأشياء، بل ابحث عنها وتحقق منها".
يتوقع القراء الدقة عند قراءة النصوص، إذ يمكن للأخطاء في الحقائق الأساسية أن تُضعف حتى أكثر القصص توثيقًا، وبالتالي خذ الوقت الكافي للتحقق من المعلومات والتأكُد من صحتها قبل تقديم مقالتك.

ركز على الفقرتين الأولى والأخيرة
تُقدم الفقرتان الافتتاحية والختامية النقاط الرئيسية للقصة، وتُحددان النغمة وتجمعان كل التفاصيل، لذلك تستحقان اهتمامًا إضافيًا.
وقالت بيرندزن: "انظر إلى فقرتيك الأولى والأخيرة بعناية؛ لأن الأخطاء تحدث كثيرًا في هذين الموضعين". ركز على هاتين الفقرتين للتأكد من أن قصتك تبدأ بقوة وتنتهي بشكل متماسك.

اطلب رأيًا ثانيًا
وعلى الرغم من أهمية خطوة المراجعة الذاتية، فإنّ الاستعانة بوجهة نظر أخرى قد تكشف عن أخطاء لم تلاحظها، وهو ما أشارت إليه كوكس قائلةً: "اطلب من صديق، ويُفضل أن يكون ليس لديه خبرة في الصحافة، أن يقرأ النص الذي كتبته".
ويُمكن لأي شخص غير متمرس في الموضوع أن يُلاحظ بسرعة العبارات غير الواضحة أو السياق المفقود أو اللغة التقنية، حيث تساهم ملاحظاته في تحسين كتابتك لتناسب جمهورًا أوسع.

استخدم الأدوات، ولكن لا تعتمد عليها
قد تكون أدوات التدقيق الإملائي، والقواعد النحوية وبرامج المراجعة الأخرى مفيدة، ولكنها ليست مثالية.
واختتمت بيريندزين حديثها قائلةً: "استخدمها بحكمة، فأدوات التدقيق النحوي قد تُخطئ"، مشددة على ضرورة مراجعة اقتراحاتها بعناية للتأكد من توافقها مع هدفك، بدون أن تُغير المعنى أو الأسلوب.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Pexels بواسطة ديفا بلافالاجونا.