ما يريده المُحررون (بعيدًا عن القصة الجيدة)

Apr 22, 2024 في أساسيات الصحافة
قلم وقهوة على مكتب عليه أوراق

يكمن جوهر الصحافة في سرد القصص للجمهور، وبالنسبة للصحفيين المستقلين، يعتبر الحصول على التكليفات جزءًا جوهريًا من عملية التغطية الصحفية، ونتيجة لذلك، يُعد بناء علاقات العمل الناجحة مع المُحررين أمرًا ضروريًا.

ومع ذلك، قد يتطلب إنشاء علاقة أكثر ثباتًا مع غرفة الأخبار تتجاوز التوقعات الأساسية المتمثلة في مجرد عرض الأفكار الجيدة. ففي مجال تنافسي يواجه انخفاضًا في الوظائف ويتزايد اعتماده على المساهمين الخارجيين، قد يُحدث فهم الفروق الدقيقة للشراكة بين الكاتب والمُحرر فرقًا في إيجاد عمل منتظم.

وعلى الرغم من أنّ التعامل مع هذه الديناميكية المهنية قد يبدو أمرًا مُخيفًا، يتحدى المُحرر السابق في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، ومؤسس Freelancing with Tim، تيم هيريرا، اعتقادًا خاطئًا شائعًا وهو: "في بعض الأوقات، قد يبدو أنّ المُحرر هو مجرد هذا الشخص الضخم الذي لا يُمكنك إثارة غضبه أو إزعاجه أبدًا، ولكن هذا ليس هو الحال، فالمُحررون يحتاجون الصحفيين المستقلين بقدر احتياج الصحفيين المستقلين للمُحررين".

إنّ هذا المنظور مريح وممكّن للصحفيين المستقلين وخصوصًا الناشئين، إذ يُشجعهم على التعامل مع المؤسسات الإعلامية الجديرة بالثقة، بما في ذلك المؤسسات الكبيرة. وقال هيريرا: "إنّ العمل مع الطلاب والكتّاب الذين لا يتمتعون بخبرة كبيرة؛ لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم وأن يصبحوا صحفيين أفضل، هو أكثر أمر مُرضٍ فيما يتعلق بالعمل كمُحرر".

كما شددت الكاتبة والمحررة المستقلة التي تتمتع بخبرة 25 سنة في أستراليا والشرق الأوسط والمملكة المتحدة، جورجيا لويس، على أنّ الاحترام متجذر في العلاقة الناجحة بين الكاتب والمُحرر، موضحةً "احترام الصحفي المستقل للمواعيد النهائية للتسليمات، ولأسلوب المؤسسة، ولكيفية إعداد المحتوى واحترام المُحرر لوقت الصحفي المستقل وخبرته".

ولكن ما الذي يجعل الصحفي يحوز على إعجاب المُحرر، إلى جانب تقديم فكرة قصة جذابة ومناسبة؟ قدّم هيريرا ولويس إرشادات بناء على خبرتهما الواسعة ورؤيتهما للإجابة على هذا السؤال.

ونقدم إليك ما شاركاه:

الموثوقية والانتظام

يُقدّر المُحررون الصحفيين المستقلين الذين يُمكن الاعتماد عليهم، وبينما تعتبر مهارات الكتابة وإعداد التقارير قابلة للتعليم ويُمكن صقلها بمرور الوقت، تُعد الموثوقية أمرًا جوهريًا، وفقًا لهيريرا، الذي أوضح: "كان أفضل الكتّاب الذين عملت معهم وأميل للعمل معهم هم أولئك الذين أعرف أنّهم سيُسلمون العمل"، وهذا يعني الوفاء بمواعيد التسليمات النهائية والتوقعات.

وشرح هيريرا أنّه على الرغم من أنّ وظيفة المُحرر هي مواءمة المقال مع أسلوب المؤسسة الإعلامية، واهتماماتها وجمهورها، إلا أنّ إظهار الصحفي المستقل فهمه لهذه الجوانب قد يساعده على التألق. ويُمكن أن يجعل بناء هذا النوع من السمعة، الصحفي، خيارًا مفضلًا، وخصوصًا في المواقف العاجلة.

العصف الذهني التعاوني

وباستطاعة تجاوز شعور الترهيب وإقامة الشراكات الموثوقة مع المُحررين أن يخلق ما هو أكثر من التكليفات، إذ يخلق أساسًا تعاونيًا لمناقشة الأفكار وصقل الزوايا لتقديم عمل أفضل معًا في نهاية المطاف.

وشرح هيريرا: "الوصول إلى مرحلة أن تشعر بالارتياح لمشاركة ولو مجرد فكرة صغيرة للغاية مع مُحرر، ومن هنا جاءت بعض أفضل القصص التي نشرتها في نيويورك تايمز".

التقديمات المناسبة

وبصورة عامة، من الأفضل تجنب إرسال مسودة مكتملة مع الفكرة. وشرح هيريرا: "عندما تفعل ذلك، تكون الرسالة الضمنية التي تُرسلها هي أنّ القصة جاهزة". وقد يعتقد المُحررون أنّه ليس لديهم الكثير لإضافته أو تعديله، مما يُحتمل أن يؤدي إلى ضياع فرصة للتعاون.

ومع ذلك، أوضح هيريرا أنّ هناك استثناءً يتمثّل بمقالات الرأي والموضوعات الشخصية، إذ إنّه عادة ما يحتاج النوع الأول تقديم مسودة كاملة لتوضيح الحُجّة، بينما قد يكون تقديم فكرة أكثر تفصيلًا أمرًا كافيًا لتطوير سردية الشخص المُخاطِب في النوع الثاني. وباستطاعة الصحفيين المستقلين زيادة فرصهم في جذب انتباه المُحرر من خلال تفصيل نهجهم وفقًا لكل طلب مُقَدم.

فهم الوسيلة الإعلامية

وحذرت لويس الصحفيين من عدم التعرف على الوسيلة الإعلامية التي يرسلون الأفكار إليها.

وقالت لويس: "اقرأ الوسيلة الإعلامية قبل إرسال الأفكار، وستُدهش من عدد مرات إرسال الصحفيين المستقلين أفكارًا غير مناسبة على الإطلاق"، مضيفةً "كان أكثر مثال صادم عندما حررت مجلة معنية بأسلوب الحياة الفاخر للسوق الإفريقي، وأرسل صحفي مستقل لي فكرة كانت مُهينة للغاية للقراء العالميين".

الإدارة الفعالة للوقت

وقد يكون التسليم في الوقت المناسب بنفس أهمية جودة العمل. وعلى الرغم من أنّه ينبغي أن تكون مواعيد التسليمات النهائية معقولة، إلا أنّه في بعض الأوقات يكون هناك حاجة لتسليم الموضوعات بسرعة. وأوضحت لويس: "من الناحية المثالية، يكون هذا هو الاستثناء وليس القاعدة، ولا يحتاج المُحررون المنظمون لفرض مواعيد تسليمات صعبة في غالب الأحيان".

ونصحت لويس الصحفيين بإخبار المُحرر عاجلاً وليس آجلاً إذا كانوا سيعانون من ميعاد تسليم للموضوعات. ويفهم الناس أنّ هذه الأمور قد تحدث ويعكس هذا النهج الشفافية والمهنية ومراعاة النشر العام لمحتوى الوسيلة الإعلامية.

التواصل

 وينبغي أن يشعر الصحفيون المستقلون بالثقة فيما يتعلق بتقديم التعليقات أو حتى تحدي رؤية المُحرر في حالة اعتقادهم بأنّ ذلك قد يُحسّن القصة. وقال هيريرا: "يريد المُحررون الجيدون منك أن تعارضهم، ويريدون سماع أفكارك".

وأشار هيريرا إلى أنّه بإمكان الصحفي الانسحاب إذا تحولت فكرته إلى شيء لا يرغب في كتابته، فالأمر يُعد نوعًا من التوازن بين التمسك برأيك وتقبل الحكمة التحريرية. وأضافت لويس: "لا تخشى مشاركة زاوية جديدة أو مختلفة مع المُحرر، ولكن بالمثل، لا تُجادل إذا أراد التمسك بالدليل الإرشادي الأصلي".

الديناميكيات المرنة

وأوضحت لويس أنّ "أفضل العلاقات التي عاشتها كانت عندما يستغرق الصحفي المستقل الوقت لفهم الدليل الإرشادي، ولا يخاف من طرح الأسئلة إذا كان هناك شيء غير واضح أو إذا اتخذ المقال مُنعطفًا غير متوقع".

ولهذا الأمر أهمية خاصة عند التعامل مع القصص المتطورة أو التطورات الجديدة الناجمة من المقابلات أو المزيد من البحث. وفي النهاية، يحتاج كل من الصحفيين المستقلين والمُحررين التعامل مع الطبيعة الديناميكية للأخبار والسرد القصصي معًا لتقديم أفضل عمل ممكن.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام من Pixabay بواسطة Q K.