تجربة ناجحة لمؤسسة صحفية فرنسية مع الإشتراكات الرقمية المدفوعة

بواسطة James Breiner
Apr 27, 2021 في استدامة وسائل الإعلام
فرنسا

في العام 2008، خاض خمسة صحفيين عملوا في صحف شهيرة مثل "لوموند" و"ليبيراسيون" تحديًا في مجال الصحافة، وأطلقوا موقعًا متخصصًا بالصحافة الإستقصائية.  

ففي الوقت الذي كان العمل الصحفي مليئًا بأمثلة حول نماذج إشتراك رقميّة غير ناجحة، لم يكن يُنظر إلى الصحافة الاستقصائية على أنها "منتج" يُمكن الإستفادة منه تجاريًا أيضًا، بل كان التفكير السائد يكمن بأنه يجب أن تحصل الصحافة على الدعم من المعلنين المهتمين بأخبار المشاهير والرياضة والترفيه.

ولكن تجربة شركة الأخبار الرقمية الفرنسية الناشئة ميديا بارت (بالفرنسية: Mediapart)‏  أوضحت عكس التفكير السائد، بعد نجاح نموذجها للصحافة المستقلة الممولة من الاشتراكات الرقمية وبدون إعلانات، في عام 2020.

 

The growth of revenues over the past decade and below, the growth of subscriptions.
رسمان بيانيان يظهران نمو الإيرادات والإشتراكات خلال عقد من الزمن

 

في هذا السياق، كشف المؤسس المشارك ورئيس" ميديا بارت" إدوي بلينيل في تقريره السنوي أنّ الموقع حقّق تقدمًا كبيرًا في الإشتراكات الرقمية وسجّل أرقامًا قياسية في الإيرادات، في الوقت الذي تكافح فيه وسائل الإعلام التقليدية للبقاء، في ظلّ الأزمة الصحية العالمية التي تتمثّل بجائحة "كوفيد 19"، والتي ساهمت أيضًا في تراجع الإعلانات في وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والرقمية، وتسريح الكثير من العاملين. في المقابل، استعانت "ميديا بارت" بـ26 موظفًا جديدًا، ليبلغ عدد الموظفين 118 موظفًا، بينهم 69 صحفيًا و175 كاتبًا مستقلاً.

فقد أوضح التقرير السنوي ما يلي:

ارتفعت الاشتراكات المدفوعة بنسبة 28% في عام 2020.

-زادت الإيرادات بنسبة 22% إلى 20.5 مليون يورو.

- ارتفعت الأرباح قبل الضرائب بنسبة 46% لتصل إلى 6 ملايين يورو.

- بلغ صافي الأرباح بعد الضرائب ومكافآت الموظفين 4 ملايين يورو.

 عن نجاح نموذج "ميديا بارت"

يعزو بلينيل هذا التقدّم والنمو إلى طلب الجمهور للتقارير الإخبارية المستقلة والشاملة، التي لا تتضمّن دعايات أو تروّج لأكاذيب. كذلك فإنّ تكاليف اعتماد نموذج رقمي فقط للإنتاج والتوزيع كانت أقلّ وتمكّن مؤسسو "ميديا بارت" أن يتماشوا مع تطوّر تقنيات توزيع الأخبار، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، خلال السنوات السابقة.

 إضافةً إلى ما تقدّم، أوضح بلينيل أنّ الشفافية التي اعتمدتها "ميديا بارت" بما يخصّ الإيرادات والنفقات والملكية عززت مبدأ الاستقلالية في التحرير، وقد تحوّلت الشركة في العام 2019 إلى منظمة غير ربحية بدون مساهمين فيها، إسمها صندوق الصحافة الحرة.

ولفت بلينيل إلى أنّ وسائل الإعلام التقليدية حاولت أن تتبع نموذج "ميديا بارت" عبر اعتماد نموذج الإشتراكات الرقمية، لكنها بقيت معتمدة على الإعلانات والمساعدات الحكومية.

الدروس المستقاة

لم يكن طريق النجاح الذي سلكته "ميديا بارت" سهلاً، إذ رُفعت عليها مئتي  دعوى قضائية بسبب التقارير التي أعدّها الصحفيون، وتعرّضت لهجمات منظمات إعلامية أخرى بعدما كشفت عن نادي متبادل بين الصحفيين والسياسيين لحماية بعضهم البعض، في وقت يتجاهلون فيه احتياجات المواطنين العاديين.

وسعى مؤسسو "ميديا بارت" لسنوات لإقناع الحكومة بفرض معدلات الضرائب ذاتها على وسائل الإعلام الرقمية والتقليدية.  فقد كانت الحكومة تفرض ضريبة قياسية بنسبة 19.6% على الوسائط الرقمية، مقارنة بنسبة 2.1% فقط على وسائل الإعلام المطبوعة. وقد تمكّنت وسائل الإعلام الرقمية عام 2014 من تحقيق هذا الحلّ العادل الذي استفادت منه جميع المؤسسات الصحفية الرقمية. ولكن على الرغم من هذا السعي، لم تحصل حملة "ميديا بارت" لتحسين معدّل الضرائب على أي شكر أو امتنان من قبل الصحافة، وفقًا لما قاله بلينيل.

وبقيت "ميديا بارت" ملتزمة بمعايير عالية وبمبادئ لا تحيد عنها، حتى يمكن القول إنّ شعارها يمثّل جميع وسائل الإعلام التي تركز على خدمة المجتمع، وهو أنّ "حرية الصحافة لا تشكلّ امتيازًا للصحفيين، بل هي حق للمواطنين".

 

 

Brand Trust Scoresوبحسب التقرير الذي أصدرته "رويترز" حول الأخبار الرقمية، فقد احتلّت "ميديا بارت" المرتبة العاشرة في فرنسا بين أكثر وسائل الإعلام التي تحظى بشعبية على الإنترنت، كما حلّت في المركز الثامن من حيث "أكثر وسائل الإعلام ثقةً"، على الرغم من تراجع الثقة في معظم المؤسسات الصحفية خلال تظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا. وبناءً على ما تقدّم، حان الوقت لإطلاق شركات صحفية ناشئة!


 هذا التقرير نُشر للمرة الأولى على مدونة جيمس برينير لرواد الأعمال وأعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.

جيمس برينير هو زميل سابق في مركز نايت للصحافة التابع للمركز الدولي للصحفيين. أطلق ويدير مركز الصحافة الرقمية في جامعة غوادالاخارا. يمكن زيارة موقعيه الإلكترونيين News Entrepreneurs وPeriodismo Emprendedor en Iberoamérica.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة برونو أباتي.