رؤى من وسائل الإعلام الأفريقية الناطقة بالفرنسية حول مبادرات التحقق من صحة المحتوى

بواسطة Ruth Kutemba
Feb 18, 2025 في مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة
صورة

تنشر مبادرات التحقق من صحة المعلومات في دول إفريقيا الناطقة بالفرنسية ــ حيث يتم التحدث أيضًا بالعديد من اللغات الأصلية ــ محتواها عادةً بصيغ مكتوبة وباللغة الفرنسية بشكل أساسي. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود عوائق كثيرة، أبرزها انخفاض مستويات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الجمهور المستهدف، وضعف الوصول إلى الإنترنت.

ورغم الجهود، لا تزال تأثيرات عمليات التحقق من المعلومات في المنطقة محدودة، ونتيجة لذلك تستمر المعلومات المُضللة في الانتشار.

وفي مواجهة هذا التحدي، تعمل العديد من مبادرات التحقق من المعلومات على إنتاج محتوى باللغات المحلية، وبأشكال وتنسيقات متعددة الوسائط من أجل التواصل مع شرائح أوسع من السكان. وإليكم كيفية قيامهم بذلك:

حدود المحتوى المكتوب

من جانبه، قال عبد اللاي جويندو، منسق منصة بنبيري في مالي، التي تتضمن قسمًا متخصصًا للتحقق من المعلومات: "معظم الناس لا يميلون إلى قراءة المحتوى الذي يركز على التحقق من المعلومات".

ووفقًا لأحد استطلاعات الرأي، فقد أعرب العديد من المشاركين عن تفضيلهم للمحتوى الصوتي أو المرئي باللغات المحلية".

منذ عام 2019، نشرت منصة بنبيري محتوى التحقق من المعلومات بخمس لغات محلية، بما في ذلك لغة البامبارا التي تنتشر على نطاق واسع في جنوب مالي، والفلفا والدوجون، المستخدمتان في المناطق الوسطى، ولغة السونغاي المنتشرة في الشمال. وعلق جويندو على هذا الأمر قائلاً: "في هذه المناطق، يتم التحدث باللغات المحلية على نطاق أوسع، وتعتبر الإذاعة الوسيلة الأكثر شعبية، مما يساعدنا على الوصول إلى أكبر عدد من الماليين غير المتصلين بشبكة الإنترنت".

كما استخدمت منصة "صوت موبتي"، التي تتخذ من العاصمة باماكو في مالي مقرًا لها، البودكاست لنشر محتوى التحقق من صحة المعلومات. وأوضح مدير التحرير درامي ياكوبا أن المنصة قد أنتجت حلقات بودكاست بلغتين محليتين في عام 2023، ثم شاركتهم في مجموعات واتساب، وأشار قائلاً إلى أنه "في مالي، تُعد مجموعات واتساب بمثابة بؤرة ساخنة لنشر المعلومات الكاذبة، ونحن نتعاون مع مسؤولي مجموعات واتساب لتحديد الأخبار الكاذبة وتفنيدها".

ويُعد نقص الوصول إلى شبكة الإنترنت تحديًا آخر يواجهه مدققو الحقائق. وعلى سبيل المثال في جمهورية إفريقيا الوسطى، يظل الراديو أداة اتصال حيوية، نظرًا لانخفاض معدلات انتشار الإنترنت بشكل كبير. وأوضحت بريتني نجالينجبو، المديرة التنفيذية لمنظمة Centrafrique Check: "للوصول إلى هذا الجمهور، نبث محتوانا على محطات الراديو باللغة السانغو، وهي إحدى لغاتنا المحلية".

وفي بنين، أطلقت منصة بانوتو الإعلامية مبادرة للتحقق من صحة المعلومات بين عامي 2021 و2022 كجزء من برنامج تدعمه المنظمة الدولية للفرانكوفونية. وقال مدير المنصة أوليفييه ريبوا: "قمنا ببث محتوانا من خلال محطات إذاعية شريكة كجزء من حزمة شاملة". لكن المبادرة انتهت للأسف في عام 2023 بسبب نقص في الموارد المالية، وأضاف ريبوا قائلاً: "على الرغم من انتهاء المشروع وتوقف التمويل، إلا أن إحدى محطات الراديو الشريكة واصلت المبادرة بشكل مستقل".

كما اتجهت منصة Faso Check في بوركينا فاسو إلى استخدام الراديو أيضًا كوسيلة لتقديم خدمة التحقق من المعلومات بأربع لغات محلية - الموري، والفولا، والديولا، والغورماتشيما - وذلك من خلال مقاطع صوتية قصيرة تُبث على محطات الراديو الشريكة. وقال أنج ليفي جوردان ميدا، رئيس قسم التحرير ومنسق التحقق من المعلومات: "في بعض الأحيان، تكون المجتمعات هي التي تتواصل معنا بشأن الموضوعات التي ترغب في التحقق منها".

تقييم التأثير

قد يكون تقييم تأثير التحقق المعلومات أمرًا صعبًا. وقال ريبوا: "يُحدث التحقق من المعلومات تأثيرًا نوعيًا يصعب قياسه أو تقييمه من حيث حجم الجمهور".

قامت Faso Check بقياس تأثيرها من خلال ردود الفعل الواردة من أندية مستمعي  الراديو- وهي المنتديات التي يتبادل فيها الأعضاء الموضوعات ويشاركون المخاوف مع محطات الراديو الشريكة، وغالبًا ما يتم بثها مباشرة. وأوضح جوردان ميدا: "مع الاضطرابات السياسية والاجتماعية في بوركينا فاسو، أصبح الناس أكثر وعيًا بمدى تأثير المعلومات المُضللة على المجتمعات".

تعتمد منصة بنبيري نهجًا أكثر تنظيمًا في عملها. يقول جويندو: "نستخدم نموذجًا إلكترونيًا عبر جوجل ونحتفظ بقاعدة بيانات للمشتركين، ويقوم مسؤول التقييم لدينا بإجراء استطلاعات رأي بعد بث المحتوى ويتواصل مباشرة مع الجمهور لجمع آرائهم".

تأثير المحتوى باللغات المحلية

ولقد وثقت المنصات فوائد إيجابية مُشجعة من جهودها في عملية التحقق من المعلومات. وبالنسبة لمنصة بنبيري في مالي، لاحظ جويندو أن التحول من التنسيقات المكتوبة إلى الفيديو والبودكاست قد أدى إلى زيادة مشاركة الجمهور بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة عدد المشاهدات على فيسبوك، وإكس، ويوتيوب.

وفي بنين، سلّط ريبويس الضوء على ردود الفعل الإيجابية من المستمعين باعتبارها تُمثل مؤشرًا رئيسيًا للنجاح، موضحًا: "كانت ردود فعل الجمهور مُشجعة، وغالبًا ما يعبرون عن امتنانها بمجرد سماعهم للنسخة التي تم التحقق منها". وكانت ردود فعل الجمهور إيجابية أيضًا بنفس القدر بالنسبة لـCentrafrique Check. وفي هذا الصدد، قالت نجالينجبو: "لقد مرت ثلاث سنوات الآن، وبفضل التفاعل المستمر، نتلقى رسائل تشجيع من الجمهور العام".

وعلى الرغم من جهود التحقق من المعلومات، لا يزال جزء كبير من السكان عُرضة للمعلومات الكاذبة المنتشرة على نطاق واسع. وشدد ياكوبا من منصة La Voix de Mopti على أنّ "التحقق من المعلومات وحده ليس كافيًا، فالتربية الإعلامية تُعد ضرورية لمساعدة المجتمعات على تقييم المحتوى الذي يواجهونه على وسائل التواصل الاجتماعي بنظرة نقدية".

واختتم ريبوا حديثة قائلاً إن مبادرات التحقق من المعلومات ينبغي أن تتوسع، مشيرًا إلى أنه "عندما تغيب الحقيقة، تتحول الأكاذيب إلى القاعدة".


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام  على موقع Unsplash بواسطة جوشوا أولوواغبيميغا.

نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع شبكة الصحفيين الدوليين باللغة الفرنسية وترجمها نور الدين بسادي.