4 طرق لتحسين التغطية العالمية لحرب روسيا على أوكرانيا

بواسطة لوبا كاسوفا
May 11, 2023 في تغطية الأزمات
شخص يقف أمام علم أوكرانيا

بعد مرور عام منذ حديثي لأول مرة مع عدد من الصحفيين الأوكرانيين البارزين والكتابة عن تجاربهم أثناء حرب روسيا ضد أوكرانيا، تواصلت مجددًا مع اثنين منهم وهما أنجلينا كارياكينا وناتاليا جومينيوك، وناقشنا كيف تغيرت حياتهما، وما هي القصص المتعلقة بالحرب التي لا تنجح الوسائل الإخبارية العالمية في تغطيتها.

وعلقت كارياكينا وجومينيوك على الحرمان اليومي المتزايد، والإرهاق، والخسارة العاطفية لوفاة الأشخاص، وشعور الناجين بالذنب على نطاق واسع. إنّ تكلفة النجاة هائلة، وكذلك شعورهما المتزايد بالأمل في مستقبل أفضل، وهو الرابط الاجتماعي الذي يربط الأوكرانيين معًا.

إلا أنّ ما يثبط هذا الأمل جزئيًا هو الفجوات والتحيزات التي لاحظتها كارياكينا وجومينيوك في التغطية الإخبارية العالمية للحرب. ويكشف تقريري التالي، اختلافًا مثيرًا للاهتمام بين الجنوب والشمال في منظور التغطيات الإعلامية وهو ما يتطلب المزيد من الاستكشاف.

(1) قدّم السياق المفقود الذي تحتاج الجماهير معرفته

أثناء جلوسي في مطعم مع صديقة مطلعة وناجحة منذ أيام قليلة، بدأنا في الحديث عن الحرب، وللحظة اقتربت للأمام وهمست "أتعرفين.. أنا حقًا لا أفهم لماذا بدأت هذه الحرب".

كأغلب الجماهير حول العالم، تفتقر هذه الصديقة إلى معلومات أساسية مهمة حول الغزو الروسي، ويتماشى هذا مع تحليل كارياكينا بأنّ الوسائل الإخبارية العالمية تحذف السياق من تغطياتها، خاصة فيما يتعلق بتاريخ الاستعمار الروسي في أوكرانيا، قائلة: "تتم تغطية استراتيجية الحرب، ولكن هناك مشكلة سياقية أكبر مفقودة تُصعب من إيقاف هذه الحرب وهي: التهديد بموت روسيا كإمبراطورية، فالعالم لا يفهم أنّ روسيا تعامل أوكرانيا كما لو كانت مستعمرة روسية".

لقد تحققت من هذه الحُجة عن طريق تكليف AKAS بتحليل القصص الإخبارية حول الحرب على أوكرانيا المنشورة في 2022، والمثير للدهشة، أننا وجدنا أنّ الحرب العالمية الثانية مذكورة تسع مرات أكثر من الاستعمار. بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلاف واضح بين الجنوب والشمال، إذ من المرجح أن تستخدم الوسائل الإخبارية في الجنوب العالمي إطار الاستعمار أكثر من نظريتها في الشمال التي أغفلت هذه الزاوية. وربما تكون عدم حيادية الدول الغريبة بشأن ماضيها الاستعماري تمنع الصحفيين من تغطية زاوية الاستعمار فيما يتعلق بهذه الحرب بفاعلية.

 

Table of news analysis

 

إنّ مقدمي الأخبار الذين يغطون الحرب في أوكرانيا مدينون لجماهيرهم بتوضيح أنّه في أوائل القرن العشرين كانت أوكرانيا مقسمة بين الإمبراطوريتين الروسية والنمساوية المجرية. وكانت أوكرانيا التي نُظر إليها في موسكو باعتبارها "روسيا الصغيرة"، تحاول الحصول على الاستقلال في السنوات التي تلت ذلك، ولكنها تمكنت من القيام بذلك فقط في أعقاب انهيار الشيوعية في أغسطس/آب 1991، مما جعل القوميين الروس يشعرون بالخيانة.

(2) حلل الأعراف الاجتماعية السائدة في روسيا

ومن الأهمية بمكان تسليط الضوء على الأعراف الاجتماعية في روسيا التي تسحق حرية التعبير وتدعم الحرب. وقالت كارياكينا: "لم تحلل روسيا أبدًا بدقة وتركيز 70 سنة من الاتحاد السوفيتي. لم يفكر الروس أبدًا في ماضيهم بشكل نقدي".

ويُسهل هذا الأمر من تكرار الماضي القمعي، ويشرح تقرير "جيل جولاج" الصادر عن Coda Story، أنّه منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السلطة في 2000، وهو يبذل جهدًا متضافرًا لإخماد الماضي السوفيتي وإعادة كتابته. وبنجاح أيضًا، لم يسمع نصف الشباب الروسي عن "الإرهاب العظيم"، أي عمليات التطهير الذي حدثت في عهد ستالين.

وفي 2019، وافق 70٪ من الروس على دور ستالين في التاريخ، وكان الافتقار إلى الحقيقة بشأن معسكرات الاعتقال وغيرها من الفظائع السوفيتية الجماعية مدعومة بغياب الحرية السياسية والاقتصادية على مدى قرون. وأدى قبول هذا الاستبداد إلى تقوية حرب روسيا ضد مستعمرتها السابقة أوكرانيا.

(3) تجنب الروايات واللغة التي تخلق تكافؤات مزيفة بين المعتدي والمعتدى عليه

وترى جومينيوك أنّه غالبًا ما تخلق التغطية العالمية لحرب روسيا على أوكرانيا تكافؤًا مزيفًا بين الجانبين، وكثيرًا ما تفشل في تكرار أنّ أوكرانيا "بلد مسالم، ومجتمع غير عسكري مُجبر على البحث عن أسلحة للدفاع عن سيادته".

وبالإضافة إلى ذلك، يُشار إلى الحرب على أنّها "صراع" في 36٪ من التغطية العالمية، ويُخلد هذا المصطلح شعورًا مزيفًا بالتكافؤ بين الطرفين، ومن الأدق استخدام كلمات واصفة تُفرق بين المعتدي والمعتدى عليه.

 

 

Table of news analysis

(4) أسهب في عرض المزيد من وجهات نظر الأوكرانيين عن الحرب

أثارت كارياكينا مخاوف متعلقة بأنّ الروس، ومن بينهم أولئك الذين فروا من البلاد، يمثلون نسبة عالية بشكل غير متناسب من الأصوات المستخدمة في سرد قصة الحرب، وأنّ نصيبهم من الأصوات ربما يكون مماثلًا أو أعلى من نصيب الأوكرانيين في المنتديات الدولية.

وأثناء عملها على قصة تقارن بين تكتيكات الحرب الروسية في ثلاث مدن في أوكرانيا والشيشان وسوريا، صُعقت كارياكينا بمدى التشابه بين تقييم الأوكرانيين والشيشانيين للسرديات التي تم إنشاؤها عن الحروب الروسية ضد بلادهم. ولاحظت كارياكينا وهي تشعر بإحباط ملحوظ: "يقول الشيشانيون إنّه تم إخفات أصواتهم من قبل نشطاء حقوق الإنسان الروس الجيدين، والصحفيين الروس، فهم الذين سردوا قصص حرب الشيشان، بدلًا من الشيشانيين أنفسهم".

ولجأنا إلى تحليل GDELT لمقارنة نصيب أصوات الروس والأوكرانيين في التغطية الإخبارية، وأذهلتني النتائج مجددًا: في 2022، كانت الإشارات إلى بوتين أكثر شيوعًا أربع مرات من الإشارات إلى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، وتم الاستشهاد بالخبراء الروس ضعفي الاستشهاد بالخبراء الأوكرانيين.

 

Table of news analysis

 

وعندما يتعلق الأمر بفهم الحرب في أوكرانيا، هناك حاجة إلى إمالة نصيب الأصوات نحو أولئك الأشخاص الموجودين على الأرض، وينبغي على الصحفيين الحرص على عدم التعامل مع أصوات المهاجرين الروس على أنها قابلة للتبديل مع أصوات الأوكرانيين، فوجهات نظرهم مختلفة للغاية على الرغم من أنهم يعتبرون أيضًا بوتين عدوًا.

أنا أدرك مجددًا مدى أهمية السياق لفهم الحرب في أوكرانيا، ومدى ندرته في التغطية الإخبارية اليوم. كما أقدر قيمة تطبيق منظور متعدد البلدان عند تحليل حروب روسيا الأخيرة، وأهمية تحديد أوجه التشابه بين الاستعمار الروسي واستعمار الدول الغربية الأخرى قبل القرن العشرين.

وبدون توضيح هذا السياق هناك خطر حقيقي من أن تنأى الجماهير العالمية بنفسها عن تقديم أي حكم أخلاقي لمن هو على حق ومن هو على خطأ في هذه الحرب، وهذه اللامبالاة هي ما تعتمد عليها روسيا في عهد بوتين.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة دانييل فرانشي.