نهج "المقهى" لإنشاء وسيلة إخبارية مستقلة

Jun 14, 2024 في استدامة وسائل الإعلام
النظر إلى نافذة مقهى، حيث يتحدث الأشخاص ويعملون بالداخل

لطالما كانت الصحافة تواجه أزمة وجودية على مدى عقدين من الزمان، إذ أغلقت غرف الأخبار أبوابها، وأصبحت حالات التسريح من العمل شائعة، وتراجعت متابعة مصادر الأخبار التقليدية، بما في ذلك وسائل الإعلام المطبوعة، والإذاعية/التلفزيونية، والرقمية.

وفي الوقت نفسه، تتزايد أعداد الجماهير على منصات التواصل الاجتماعي التي تعتمد على مقاطع الفيديو، مثل تيكتوك، ويوتيوب، وانستجرام. وخلق هذا التحول مساحة لصنّاع المحتوى لمشاركة المعلومات وسرد القصص عن مجتمعات بعينها، وللمنصات الإعلامية المستقلة التي يديرها الصحفيون لتزدهر.

ومن جانبها، قالت الأستاذة المتخصصة في مجال الأعمال في كلية كولومبيا للأعمال، آفا سياف: "تتراجع المؤسسات الأكبر حجمًا لأنّه يصعب تبرير هيكل التكاليف بالإيرادات التي تحققها".

وإذا كنت تفكر في إطلاق منصتك الإخبارية لتعمل بشكل أساسي على شبكات التواصل الاجتماعي، إليك بعض الإرشادات من المحترفين في المجال:

نهج "المقهى"

يُعد فهم كيفية عمل مقهى ما، نقطة انطلاق جيدة إلى حد ما للصحفيين الذين يحاولون استيعاب كيفية إنشاء وسيلة إخبارية مستقلة صغيرة، وفقًا لما قاله آلان سون، زميل "نايت" التابعة للمركز الدولي للصحفيين، والمؤسس المشارك لـ Splice Media، وهي شركة ناشئة للتطوير الإعلامي مقرها سنغافورة، تقدم تدريبات وورش عمل لرواد الأعمال من الإعلاميين.

وعندما يزور شخص ما المقهى، غالبًا ما يسعى لما هو أكثر من مجرد احتساء فنجان قهوة، فالبيئة التي يوفرها المقهى تعتبر عامل جذب - فهو مساحة بين المنزل والعمل، حيث بإمكان الناس لقاء الأصدقاء والزملاء، أو عقد الاجتماعات، أو قراءة كتاب.

تفكر في استراتيجية النمو التي اقترحتها The Wood Roaster، وهي شركة قهوة بدأت بمقهى صغير للغاية في أستراليا، فخمس من ركائزها السبعة لتحقيق أقصى قدر من الربحية لا علاقة لها بالقهوة، وبدلًا من ذلك، تُركز الشركة على رفع مستوى تجربة العملاء، وبناء الولاء، وتعظيم التكنولوجيا، وتحسين التكاليف.

ويتحتم على وسائل الإعلام، عندما يتعلق الأمر بمحتواها، التركيز على تحديد نوعية المعلومات التي ستساعد القراء على التعامل مع القضايا التي تواجههم في حياتهم الشخصية والمهنية.

وأوضح سون: "إذا تعامل الناس مع إنشاء وسيلة إعلامية بعقل متفتح، يدركون سريعًا جدًا أنّ الأمر لا يتعلق بالمحتوى أو مقالة ما أو التنسيق، وإنّما يتعلق الأمر بمساعدة شخص ما على اتخاذ قرارات أفضل"، مشددًا "يتعين علينا أولًا اكتشاف ما هي الاحتياجات".

تحديد جمهورك

كان الهدف من الأخبار الرئيسية التقليدية تلبية احتياجات الجماهير، ولكن وسائل الإعلام على الإنترنت تتمحور بشكل متزايد حول المستخدم وقائمة على الاهتمامات. وأضاف سون: "يكمن القصد منها في أن تكون مجموعة من وجهات النظر المتخصصة، والأفكار المتخصصة، والتجارب المتخصصة".

وترى سياف، والتي بالإضافة إلى مهنة التدريس، شاركت في تأسيس شركة الاستشارات الإعلامية، Quantum Media، ومقرها مدينة نيويورك، أنّه ينبغي على وسائل الإعلام تحديد الجممهور وتلبية احتياجاته بناء على الجغرافيا والموضوعات محل الاهتمام.

وشرحت سياف: "إذا كنت مهتمًا بموضوع مثل البستنة في شمال شرق الولايات المتحدة، وتنشر مواد وصورًا تتعلق بالأشجار المزهرة، ستجد بعض الأشخاص المهتمين بالأشجار المزهرة"، مضيفة "إنّهم يدعمون بعضهم البعض، ثم سيدفعون لك أموالًا مقابل تلك المعلومات".

كما يساعد هذا رواد الأعمال من الإعلاميين على تحديد المنصة أو المنصات التي قد يريدون النشر عليها، واقترح سون التركيز على منصة "لينكدإن" إذا كنت تكتب عن سلاسل الإمداد، أو موضوعات مُتعلقة بالاقتصاد والأعمال، وإذا كنت تقدم معلومات عن الرعاية الصحية، أو بشكل أكثر تحديدًا الرعاية الصحية للأسرة، قد يكون فيسبوك خيارًا أفضل بسبب شعبية المنصة بين الآباء والأمهات.

إبقاء التكاليف منخفضة

وعند إطلاق وسيلة إخبارية، يُعد إبقاء تكاليف الإنتاج منخفضة أمرًا بالغ الأهمية، خصوصًا في البداية.

وقالت سياف: "من الصعب للغاية البدء في مشروع ما، وتوظيف مجموعة من الأفراد وجني ما يكفي من المال لدفع الرواتب". ويُعتبر العمل من منزلك أمرًا أكثر استدامة وربحية، خصوصًا عندما تأتي أرباحك من الاشتراكات و/أو العضويات، وهي المصادر التي تستغرق وقتًا للنمو.

ضع في اعتبارك هذا المثال: إذا وظفت مخرج تصوير سينمائي واشتريت عدة الإضاءة وكاميرا جيدة لإنتاج عدة فيديوهات أسبوعيًا، سيخلق أسلوبك هذا عائقًا أمام الاستدامة. وأضاف سون: "لقد ضاعفت هيكل تكاليفك، وستعجز عن التنافس ضد صانع محتوى على تيكتوك يقف فقط أمام كاميرا ويصنع فيديوهات سريعة".

وبدلًا من ذلك، ابدأ بصورة بسيطة، واستخدم هاتفًا ذكيًا على سبيل المثال، ثم توسع من هذه النقطة. ومن الأهمية بمكان، التأكد من أنّ تكلفة إنتاج مقطع الفيديو تتناسب مع الإيرادات أو معدل الظهور التي ستحققه منه، وبعد بناء قاعدة جماهيرية نشطة، سيصبح التوسع واستخدام تنسيقات مختلفة، أكثر قابلية للتحقق.

واقترحت سياف أيضًا إصدار نشرة بريدية، إذ إنّها فعالة من حيث التكلفة، وإحدى الطرق الأكثر موثوقية للتفاعل مع الجماهير، وبناء مجتمع، ثم تحويله إلى مصدر للدخل.

وركّز دائمًا في تنويع مصادر الدخل أيضًا، فعلى سبيل المثال، قد تكون التبرعات والمنح مصادر مهمة للتمويل أيضًا، ونقدم إليك مقالة منشورة على شبكة الصحفيين الدوليين حول مصادر مختلفة للدخل بإمكان الصحفيين المستقلين وضعها في الاعتبار.

التأكد من ممارسة الأعمال التجارية 

إنّ التعامل مع الشؤون المالية، ووضع الميزانيات، والإدارة، جميعها جزء من إدارة وسيلة إخبارية مستقلة، وهي مهام لا يمكنك تجنبها، وأكدت سياف: "يجب أن تعرف أنّك لا تكره القيام بالجانب التجاري من الأمر".

واقترحت أن يسأل رواد الأعمال أنفسهم هذه الأسئلة بانتظام:

  • هل تجلب هذه القصة تحديدًا رعاة أم لا؟
  • كيف أكون جذابًا للمشتركين؟
  • هل أحتاج إلى توظيف مستشار؟

وفي النهاية، شددت سياف: "إذا كنت غير مهتم بالجانب التجاري، أو تكرهه، فلن تكون ناجحًا"، مختتمة "وفي هذه الحالة، ستحتاج شخصًا للاهتمام بهذه الأمور بالنيابة عنك، حتى تتمكن من أن تكون مبدعًا".


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة جاسيك ديلاغ.