توازيًا مع تفشي جائحة "كوفيد 19" حول العالم، تبرز الخسائر في التنوّع البيولوجي، وأزمة المناخ الناجمة عن إزالة الغابات والحرائق وغيرها من المشكلات البيئية. فالحيوانات والنباتات والكائنات الأخرى تشكّل جزءًا من الطبيعة التي تنتج ماء وهواء نقييين، وتؤدّي إلى تجدد التربة، وتخفف الأمراض وتدعم الإقتصادات حول العالم.
وفي هذا السياق، يشير باحثون إلى أن الإنقراض الجماعي المحتمل للحياة البرية يرتبط بتدمير الغابات والطبيعة، وتأثير الإجراءات التي يقوم بها البشر على الزراعة، والصيد على الثروة الحيوانية، التي تزيد نسبة التجارة فيها والقضاء على كائنات كثيرة.
وتحلّ التجارة بالحيوانات البرية في المرتبة الرابعة عالميًا بين التجارات غير الشرعية، وذلك بعد المخدرات وتزوير المنتجات والعملات، لكنّ مكافحة هذا النوع من المخالفات محفوفة بالمخاطر، سواء في الدول التي تشكل المورد الرئيسي للكائنات مثل البرازيل والبلدان الإستوائية الأخرى أو في الأسواق الدولية لا سيما في الولايات المتحدة وآسيا.
وقد كشف تقرير نشرته هذا العام الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة أن منطقة الأمازون تعدّ محورًا رئيسيًا لتجارة الكائنات البرية بشكل غير شرعي، وعرض التقرير عدم نجاح البرازيل بمواجهة هذه القضية. وبحسب التقرير، فإن الضفادع والثعابين والسلاحف والطيور والقرود والقطط الكبيرة تباع في الأسواق المفتوحة الكبيرة، علمًا أنّ بعض الأنواع معرض لخطر الانقراض. وفي سافانا سيرادو، التي تعدّ موطن 5٪ من النباتات والحيوانات في العالم، تتقلص أعداد الطيور مثل الكوريوس، الصقور و الببغاوات بسبب تصرفات تجار الحيوانات البرية غير الشرعيين.
بناءً على ما تقدّم ولمساعدة الصحفيين في تغطية هذه القضية المعقدة، فيما يلي لائحة بالمؤسسات الدولية التي تسلط الضوء على التجارة غير الشرعية للحيوانات البرية:
USAID: بالإضافة إلى تمويل الكثير من الدراسات، تدعم هذه الوكالةمنصة تظهر الطرقات العالمية الأساسية للجريمة لتشجيع الحكومات والخطوط الجوية لتحسين أنظمة التحكم.
TRAFFIC: أكبر منظمة غير حكومية لرصد تجار الحيوانات البرية.
مركز Oxpeckers للصحافة الإستقصائية البيئية: تجمع المؤسسة بين تحليل البيانات وأدوات أخرى لتقصي وإعداد تقارير شبكات الجريمة في أفريقيا.
رابطة الأرض الدولية: تغطي سلسلات التوريد غير الشرعية للحياة البرية، المجموعات غير الشرعية والمسؤولين الحكوميين الفاسدين، وقد استخدمت وسائل عدّة مثل الرسوم إلى الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز لتثقيف الجمهور.
وكالة التحقيقات الإستقصائية البيئية: تركز الوكالة على الجريمة البيئية، قتل الحيوانات والتجارة غير المشروعة بها، لاسيما الفيلة والنمور والبانجولين.
أرض حرّة وSOS Fauna: تعمل المؤسستان البرازيليتان في رصد التجارة غير الشرعية للكائنات البرية، بالتعاون مع شرطة الطرقات الفدرالية البرازيلية، المعهد البرازيلي للبيئة والموارد الطبيعية المتجددة. وتكشف هاتان الوكالتان أخبارًا لافتة في التحقيقات، مثل تهريب أفاعٍ في جوارب وإرسالها من خلال البريد.
أخبار مصادرة الحيوانات
على الرغم من تأثيرها القوي، لم تنجح وسائل إعلام رئيسية بتأمين تغطية مستمرة لتجارة الكائنات البرية غير الشرعية. وتقتصر التغطية على التقارير البحثية والمضبوطات الرئيسية لهذه التجارة على الطرقات السريعة أو في المعارض والموانئ والمطارات.
وإضافة إلى ما سبق، يمكن للصحفيين البحث عن المعلومات والتقصي لإظهار ضعف الحكومات والثغرات القانونية فيما يتعلق بتصنيف الأعمال غير الشرعية بالحياة البرية. على سبيل المثال، ما هي الحيوانات التي يمكن الإحتفاظ بها كحيوانات أليفة؟ كم يبلغ عدد الحيوانات المصادرة سنويًا؟ أين تتم عملية بيع الحيوانات إذا لم تكن في سوق مفتوح؟
والجدير ذكره أنّ الشبكات الإجرامية في البرازيل تستفيد من تطبيقي واتسآب وفايسبوك، للتجارة بالحيوانات، إذ تمّ تصنيفها كجريمة عادية مقارنةً بالإتجار بالبشر والمخدرات.
ونظرًا لانتشارها العالمي، تعدّ تجارة الحيوانات البرية مشكلة كبيرة، ويمكن أن تتم تغطيتها من خلال إجراء الصحفيين تقارير تعاونية عابرة للحدود، ويمكن للصحفيين استكشاف كيف يمكن استغلال القوانين من أجل هذه التجارة، كما يمكنهم تعقب مسار الأموال ورسم خرائط لإبراز طرقات التجارة غير المشروعة في الحياة البرية.
ويمكن أن تولد الأحداث السياسية والاقتصادية والصحية الكبرى قصصًا جيدة يمكن إعداد تقارير حولها، على سبيل المثال، قلّصت الحكومة البرازيلية تنفيذ القانون ضد الجرائم البيئية، وخفف مرسوم صدر في نيسان/إبريل 2019 فرض الغرامات على الجرائم التي يتم ارتكابها ضد الطبيعة.
ويعتبر خبراء أنّ ضعف المراقبة الذي حصل نتيجة تفشي "كوفيد 19" قد أدّى إلى خلق بيئة ملاءمة للاتجار بالحياة البرية. وفي هذا السياق قالت المديرة التنفيذية لشركة "أرض حرّة" في البرازيل جوليانا فيريرا في مقال نشره موقع InfoAmazonia: "يجد التجار فرصة أكبر للإفلات من العقاب أثناء الحجر الصحي، ويستغلون الوضع لبيع المزيد وتحقيق الأرباح". وأضافت أنّ "كورونا" فتح أعين العالم على مخاطر الأمراض الحيوانية المنشأ، أي تلك التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، لا سيما عبر استهلاك الحيوانات.
إذًا، تترتب مسؤولية على الصحفيين لأداء دورهم الجوهري والمتمثّل بتقصي قضايا الاتجار غير القانوني بالحياة البرية.
ألديم بورشيت هو صحفي مستقل مقره في برازيليا، يعدّ تقارير متعلقة بالحفاظ على الطبيعة والعلوم والمجتمعات التقليدية والأصلية. ويتعاون بورشيت مع وسائل إعلام ومنظمات غير حكومية داخل البرازيل وخارجها. وهو عضو في الشبكة البرازيلية للصحافة البيئية ولجنة التعليم والاتصال التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN ، باللغة البرتغالية).
الصورة الرئيسية تظهر طيور ببغاء حمراء اللون لـSOS Fauna