نصائح عن تغطية الشؤون الدينية

بواسطة Isabella Meibauer
Jul 30, 2024 في موضوعات متخصصة
أشخاص يصلون وراحات أيديهم مفتوحة

يرتبط الناس بجماعات دينية، وربما يُملي الدين عليهم بشكل كبير سلوكهم وتفاعلهم مع الآخرين. ويُعد الدين عنصرًا ضروريًا ينبغي على الصحفيين وضعه في الاعتبار عندما يوثقون الأحداث ويشرحون العالم للقراء.

وفي هذه المقالة، نقدم إليكم آراء ثلاثة صحفيين متخصصين في تغطية الأديان والشؤون الدينية، عن علاقة الدين بالصحفيين، وأفضل طريقة لإعداد التقارير عنه:

لماذا يُشكل الدين أهمية؟

قال المراسل المستقل المقيم في نيجيريا، إيكبالي سانت، إنّ الكثير من الناس يعتمدون على الدين ليساعدهم على فهم العالم، موضحًا "مثلما تعمل الصحافة كنبراس للناس وتساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة، يلجأ الناس أيضًا للدين للحصول على الإرشاد ولمعرفة المغزى من ظاهرة بعينها".

ويمكن أن يساعد فهم الدين، الصحفيين، على تحديد كيف ولماذا قد يتصرف الأشخاص في المجتمعات المختلفة بطرق متباينة، ويرى سانت أنّه "ينبغي على الصحفيين فهم التفاعل بين القضايا الاجتماعية والدينية، وكيف تُشكل المعتقدات والممارسات الدينية، الأفراد وتؤثر على علاقتهم بالآخرين".

ومن جانبه، أشار مراسل UCA News في باكستان، كمران شودري، إلى أنّ "المنبر الديني يُعد منصة رئيسية لحشد الناس"، موضحًا أنّ "تغطية قصة صحفية بدون إضافة أصوات القادة الدينيين لا يُنصفها".

بينما أشارت مراسلة الشؤون الدينية المستقلة، ميجان كلارك سالياشفيلي، إلى الأعراف المهمة للبروتستانتية، مثل الفردية، باعتبارها قد أثرت على التاريخ والمجتمع الأميركي، مضيفة "يؤثر الدين على طريقة تفكيرنا في أنفسنا، وقيمنا، واختياراتنا الأخلاقية، وسياساتنا، وأيديولوجياتنا، ومجتمعاتنا".

كيف تتعامل مع الدين؟

وكما هو الحال مع أي صحافة جيدة، يتطلب إعداد التقارير عن الشؤون الدينية أن يُجري الصحفيون أبحاثهم في البداية، ويقترح شودري استخدام منصات التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال يمكن للصحفي الانضمام إلى المجموعات الدينية الموجودة على الإنترنت؛ لتقييم كيفية تفاعل الأشخاص المؤمنين بدين معين مع قضية ما. كما يمكن أن تساعد منصات البودكاست وفيديوهات يوتيوب الدينية، الصحفيين، على فهم القضايا المطروحة في المجتمعات الدينية. وتُعد متابعة قنوات التواصل الاجتماعي التي يديرها مثقفو الديانات المختلفة، وإجراء مقابلات مع القادة الدينيين، ومعرفة آراء الأصدقاء المنضمين للمجتمعات الدينية، طرقًا يمكن أن يلجأ إليها الصحفيون أيضًا لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع.

وقالت سالياشفيلي: "بعيدًا عن إجراء البحوث والمقابلات، ينبغي على الصحفي قضاء الوقت في مراقبة المجتمع وتجربته في الخدمات أو الفعاليات المنتظمة، حتى بدون وضع قصة صحفية محددة في الاعتبار".

كما أشارت سالياشفيلي إلى أهمية أن يكون الصحفي مدركًا لأي افتراضات أو تحيزات سابقة قد يحملها، خصوصًا عند تغطيته الصحفية لأديان غير دينه. وقالت سالياشفيلي: "اعرف ما لا تعرفه، واجمع مجموعة مختلفة من المصادر الموثوق فيها في ذلك الدين، وحاول ألا تربط الأديان الأخرى بعقيدتك أو تجربتك لدين محدد، وافهم فقط الدين في المقام الأول بشروطه الخاصة، وتاريخه أولًا". وأضافت: "اسأل المصادر أسئلة كثيرة عما وجدته في تغطيتك للموضوع، وأنصت إلى إجاباتهم".

ونظرًا للفروق الدقيقة العميقة للأديان، ينصح سانت الصحفيين بأن يكونوا منفتحين وأن يعاملوا المصادر باحترام، موضحًا "يجب على الصحفيين أن يكونوا مستعدين دائمًا للتعلم من القادة والسلطات الدينية، ثم طلب توضيحات منهم عند الضرورة لتجنب سوء الفهم وحتى الصراع من الجماعات".

كيف تُقدم تغطية صحفية عن الأديان؟

تكمن وظيفتنا كصحفيين في تقديم الأخبار الدقيقة وغير المتحيزة، وليس استخلاص الاستنتاجات بشكل قاطع، وهذا ينطبق أيضًا على تغطية الشؤون الدينية. وفي هذا الشأن، شرح سانت: "في بعض الأوقات، قد تختلف الطريقة التي يُغطي بها الصحفيون أو يمثلون عقيدة أو ممارسة دينية محددة، عن الطريقة التي يراها أعضاء تلك المجموعة الدينية المحددة لهذه العقيدة أو الممارسة، مما قد يؤدي إلى سوء الفهم". وأشار سانت إلى أنّه "ينبغي على الصحفيين أن يتركوا تفسير النصوص المقدسة، والكلمات المحددة، والعادات، والمذهب، والممارسات، والنظام العقائدي لدين ما، للخبراء والسلطات الدينية".

واقترحت سالياشفيلي على الصحفيين أن يسألوا المصادر عن الصور النمطية الضارة التي ربما تتواجد، وكيفية تجنبها عند التغطية الصحفية. كما أنّ التماس ردود الأفعال من المصادر قد يساعد الصحفيين أيضًا على تحديد القصص المتعلقة بالشؤون الدينية التي يمكن تغطيتها، وبناء الثقة.

وقال سانت: "افهم تاريخ نشأة هذه الصور النمطية، ولماذا فشلت في معرفة الفروق الدقيقة للدين وحقيقته الكامنة في الثقافات، والآراء السياسية، والاختلافات الدينية، والانقسامات العرقية، والاختلافات اللاهوتية، وغيرها".

تغطية الصراعات الدينية

ويُشكل الفهم غير المتحيز للدين أهمية خاصة عند تغطية الصراعات الدينية، فمن الأهمية مكان توفير السياق والمنظور التاريخي الذي يساعد في شرح طبيعة الصراع، مع تجنب التعميمات. وحذر سانت من "تعميم تصرفات ممثل معين لمجموعة دينية على أنها تقليد ومعتقد للدين".

وبالنسبة لشودري، سلطت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، الضوء على أهمية فهم الحساسيات الدينية في الصحافة، مشيرًا إلى أنّه "قد تم ربط الإرهاب بدين بعينه من قبل الأشخاص الذين لا يهتمون كثيرًا بالمعتقدات الدينية"، في إشارة إلى الدول الغربية تحديدًا.

وشددت سالياشفيلي على أهمية البحث عن وجهات النظر المختلفة؛ لإثراء التغطية الصحفية للصراعات الدينية، ناصحة الصحفيين: "افهموا أنّ قراءة شخص متأثر بالصراع لقصة إعلامية متحيزة أو مضللة أمر مثير للمشاعر للغاية، إذ يمكن أن يُشعره كأنه هجوم آخر، مما يجعل المجتمعات تشعر بالعجز وأنها لا تمتلك صوتًا تستطيع من خلاله أن تحكي القصة الحقيقية من وجهة نظرها".

لو لم تكن متخصصًا في تغطية الشؤون الدينية

وحتى لو لم تكن مراسلًا متخصصًا في الشؤون الدينية، ربما يظل الدين منخرطًا في قصتك الصحفية بطريقة أو بأخرى، فالدين لا ينفصل عن الحياة اليومية في مجتمعات عديدة، ومن المهم عدم التغاضي عن تأثيراته.

وقالت سالياشفيلي: "لا تتجاهل الدين عندما يظهر في تغطيتك العادية، اعتمد عليه وأطرح المزيد من الأسئلة"، موضحة "مثلما قد يؤثر العرق، أو الوضع الاجتماعي-الاقتصادي، أو الخلفية الثقافية على القصة الصحفية، فإنّ الهوية الدينية لشخص ما ربما تُؤثر على القصة أيضًا". 

وفي النهاية، يُعد الفشل في وضع الدين في الاعتبار عند إعداد التقارير الصحفية لعبة خطيرة، وأوضحت سالياشفيلي: "قد يؤدي تجاهل الدين أو عدم فهمه في قصة إخبارية إلى أن ينشر الصحفي أو يعزز الصور النمطية السلبية عن مجموعة ما بدون قصد، كما يؤدي التقليل من تأثير قصة ما على المجموعات الدينية المختلفة، وبشكل عام، إلى تقديم قصة غير مكتملة أو مضللة".


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة بيدرو ليما.