ما تعلمته من الالتحاق كصحفية في معهد علمي

بواسطة Elna Schütz
Feb 7, 2024 في الصحافة التعاونية
امرأة تنظر في مجهر داخل مختبر

كان أول أمر فعلته كصحفية مُقيمة في معهد ماكس بلانك لتاريخ العلوم هو طباعة "ميم" لتعليقه على باب مكتبي، ويُظهر "الميم" بطريقًا يتمايل أمام مجموعة من الباحثين مع تعليق يقول "مرحبًا.. نعم.. أريد ممارسة العلوم من فضلكم". لقد عكس فضول وحماس هذا الدخيل اللطيف - على الرغم من عدم كفاءته إلى حد ما - شعوري في بداية زمالتي.

يُرحب المعهد بالصحفيين كل عام منذ 2013 لقضاء بضعة أشهر في المعهد للعمل على موضوع محدد عن تاريخ العلوم. وفي حالتي، بحثت في تاريخ كيفية تعريف ما هو "طبيعي" في الصحة والطب. إنّ هذا البرنامج مُصمم عن قصد للتركيز على التفاعل والفهم، بدلًا من مجرد الإنتاج المباشر في شكل مقالات منشورة.

إليكم ما تعلمته من كوني البطريق الذي يُضرب به المثل بين مؤرخي العلوم، فضلًا عن دروس بإمكان الصحفيين دمجها عند العمل مع العلماء.

لا تفترض معرفة العلماء بالقصص

غالبًا ما يندمج الصحفيون بعمق في عملهم لدرجة نسيان أنّ طريقة تفكيرهم وتصورهم للموضوعات ليست مهارة وغريزة يمتلكها الجميع.

وأثناء فترة زمالتي، قضيت وقتًا كثيرًا وأنا أشرح للعلماء ما الذي يجعل قضية ما مثيرة لاهتمام نطاق أوسع من الجمهور غير الأكاديمي. لقد أمضى أغلب باحثي الدكتوراه سنوات في العمل على محتواهم، وينبغي على الصحفيين التعمق في معارفهم وعملياتهم الأكاديمية؛ للتمكن من ترجمتها ونقلها جيدًا إلى الجماهير.

وعلى سبيل المثال، شارك مؤرخ الصحة الإنجابية ورئيس مختبر التاريخ الشفوي في المعهد، جيسي أولزينكو جرين، معي عددًا من دراسات الحالة المثيرة للاهتمام من عمله الجاري على العيوب الخلقية. ولكي أعرض هذه الفكرة بنجاح على مؤسسة صحفية كبرى (على الرغم من عدم نشر القصة بعد)، كان ينبغي أن أجد زاوية حالية ذات صلة محليًا من شأنها أن تجعل التاريخ حيًا للجماهير الحالية.

 

Author
المؤلفة تُدرس ورشة عمل عن البودكاست للباحثين في معهد ماكس بلانك لتاريخ العلوم.
الصورة بواسطة: فيرينا براون.

 

وشرح أولزينكو جرين أنّ العمل مع الصحفيين أمر حيوي للمؤرخين أمثاله لتوسيع نطاق محادثاتهم خارج الأوساط الأكاديمية، موضحًا "تكون النتيجة هي تعرف الناس أكثر على عملنا وأهميته، ثم تُغذي هذه الأنشطة عملية البحث، وغالبًا ما يحدث ذلك بطريقة غير متوقعة، بينما تُشكل تحديًا لنا للتواصل بصورة أكثر فعالية داخل تخصصاتنا وخارجها".

في بعض الأوقات.. أنت لا تعرف أيضًا

"يا إلهي يا إلنا.. لقد فاتك للتو أفضل محاضرة على الإطلاق! لن تصدقي ما يفعلونه بقشور السمك".. لقد أمتعني أحد الزملاء أكثر من مرة بقصص مثل هذه من محاضرة جذابة لم أحضرها.

ومثلما لا يدرك العلماء دائمًا ما الذي يفعله البحث لمقال جيد، لا يستطيع الصحفيون دائمًا سرد قصة رائعة من الانطباعات الأولى لموضوع ما. وبعيدًا عن ضغط الترويج لأفكار لها جمهور على مؤسسة صحفية، كان لدي فرصة لإعادة التفكير في نوع القصص التي أرغب حقًا في سردها. لقد قضيت ساعات في المكتبة أبحث عن لقطات خفية قد تصنع قصة أو تمدها بالمعلومات، وأستمع إلى محادثات بين الباحثين. ووجدت في أحيانٍ كثيرة الأمور الجيدة حقًا في محادثة عفوية أثناء تناول الغداء أو في هوامش مقالة، وتطلب الأمر الصبر والإنصات إلى كيفية تفكير الآخرين.

وعلى سبيل المثال، أخبرتني نائبة رئيس قسم التواصل في المعهد، ستيفاني هود، أنّهم يتلقون بانتظام الطلبات الصحفية المتعلقة بالسير الذاتية لشخصيات علمية تاريخية، وهي تتمنى في المقابل أن يعترف المزيد من الصحفيين بخبرات الباحثين باعتبارها ذات صلة بالقضايا المتداولة في الأخبار.

وقالت هود: "الأمر المذهل حقًا في البحث الذي نفعله أنّ الكثير منه يتحدى الأفكار المعيارية الموجودة لدينا حول العلوم والتكنولوجيا والطب، سواء في التاريخ أو الموضوعات الأكثر معاصرة، من منظور اجتماعي وسياسي وفلسفي".

استغرق الوقت الكافي للتفاهم والتوافق

وفي المسافة الفاصلة بين المثير لاهتمام الباحثين وما يمكن أن يلتقطه الصحفيون، هناك حاجة إلى التفاهم والتوافق.

وأوضحت هود: "سمعت من صحفيين أنّهم يشعرون بقليل من الخوف من الباحثين في بعض الأوقات، وسمعت من الكثير من الباحثين الذين أعمل معهم أنّهم يخافون من الصحفيين"، مستكملة "إنّ بناء الثقة وهذه الروابط لباحثينا وفريقنا الإعلامي أمر مهم للغاية".

 

Author and Scientists
المؤلفة (في المنتصف)، ونائبة رئيس قسم التواصل في معهد ماكس بلانك لتاريخ العلوم، ستيفاني هود (على اليسار)، والمسؤولة الإعلامية في المعهد، فيرينا براون. الصورة بواسطة: جوري نوري.

 

وغالبًا ما أدى استغراق الوقت لمناقشة الافتراضات مع الباحثين وشرح عملية الكتابة والترويج لخيارات الموضوعات أو نشرها، إلى شعور الباحثين بما يكفي من الراحة لمشاركة قصة معي. وقرر أحد الباحثين أن يدعني أعرض فكرة مقالة عن عمله حتى ضد تحذيرات من بعض أقرانه ورؤسائه لأنّه تعلم أن يثق بي في العملية.

طبّق الأمر في غرفة الأخبار

بالطبع، يُعد امتلاك الوقت لإجراء الأبحاث والترويج لأفكار لموضوعات صحفية بإسهاب كما فعلت في المعهد رفاهية نادرة لأغلب الصحفيين، بالنظر إلى الضغط التحريري ودورة الأخبار التي تلاحقهم، ومع ذلك، أعتقد أنّه بإمكان جميع الصحفيين دمج بعض هذه الأفكار في تغطياتهم اليومية.

وحتى في خضم عملية إعداد المقالة، بإمكان الصحفيين - على سبيل المثال - التأكد من أنّ الخبراء يعرفون ما يمكن توقعه من العملية الصحفية. وربما يتمكن الصحفيون من تخفيف بعض مخاوفهم وتحويلهم ليكونوا مصادر أقوى. وعلى نفس المنوال، باستطاعة الصحفيين الاستفادة من عدم افتراض معرفتهم لكيفية جريان الأمور.

ودائمًا ما يكون هناك أيضًا مساحة أكبر لنا للتواصل مع الأفكار التي لا ترتبط مباشرة بالقصة التي نعمل عليها، ولكن قد تكون أكثر إثارة للاهتمام على نطاق واسع. كما ينبغي على الصحفيين سؤال أنفسهم إذا ما كانوا يتحدثون مع الناس عن اهتماماتهم ويبحثون عن أفكار جديدة، أم أنهم يؤدون عملهم فقط.

لقد ذهبت إلى هذه التجربة وأشعر أنني دخيلة مثل البطريق في ذلك "الميم"، إلا أنّه في النهاية ذكرتني زمالتي بأنّ فضولنا واستعدادنا لفهم شيء ما عن قرب هو بالضبط قوتنا كصحفيين.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة ديان سيريك.