لماذا تُعتبر صور الموجات الحارة مهمة؟

بواسطة Sarah Scire
Oct 18, 2022 في تغطية قضايا البيئة
شمس ساطعة

مع انتشار الموجات الحارة وزيادة حدتها وخطورتها، فإنّ التناقض بين المقالات الإخبارية التي تشرح تأثير الحرارة الشديدة وبين الصور المصاحبة لها التي تصور "الاستمتاع بأشعة الشمس" أصبح صارخًا.

ففي تقرير صدر مؤخرًا، درس باحثون التغطية الصحفية المرئية لتغير المناخ والحرارة الشديدة، وذلك من خلال تحليل ما يقرب من 250 مادة إخبارية عبر الإنترنت حول الموجات الحارة التي ضربت فرنسا وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة عام 2019 (بالبحث عن مصطلح "موجة حارة" بكل من اللغات الأربعة).

ولإجراء البحث، تمّت دراسة الصور والنصوص لتقييم التكافؤ الإيجابي أو السلبي أو المختلط. ووجد الباحثون أنّ التكافؤ السلبي صوّر الموجة الحارة على أنها مقلقة وخطيرة و/أو مزعجة، بينما استند التكافؤ الإيجابي إلى مفاهيم مثل العطلة والترفيه والاسترخاء. أمّا بالنسبة للصور، فقد نظر الباحثون في موضوعاتها: هل كانت الشمس الحارقة تشع بقوة شديدة؟ هل أظهرت الصورة تشقق الأرض؟ هل ضمّت الصورة أشخاصًا؟ وهل أظهرتهم وهم يقضون وقتًا ممتعًا؟

وفي البلاد الأربعة، كانت 31% من الصور المصاحبة للمقالات "متكافئة إيجابيًا"، بحسب تعبير الباحثين، أي أنّها صوّرت الناس يستمتعون بوقتهم تحت أشعة الشمس. وعلى الرغم من أنّ هذا النوع من الصور لم يشكل الأغلبية في أي من الدول المعنية، إلّا أنّ الصور الأكثر شيوعًا كانت تلك التي أظهرت الناس يستمتعون قرب المياه أو بالسباحة بها.

وبلغت نسبة صور الأشخاص الذين يسبحون أو يستمتعون بالشمس أو يلهون في المياه 33% في المملكة المتحدة، و27% في هولندا، و26% في فرنسا، و22% في ألمانيا. (وقد تجاوزت بعض الصور الحدود الدولية، حيث ظهرت صور الأشخاص الذين يلهون في نوافير المياه أمام برج إيفل في التغطية الصحفية في البلاد الأربعة). وفيما يلي رسم بياني أعدّه الباحثون باستخدام "صورة نموذجية" من مجموعة بيانات كل بلد:

Bar graph of results, England is highest

وقد اتضح وجود تناقض صارخ بين النصوص (حيث بلغت نسبة المقالات الإيجابية أقل من 1%) وبين الصور (حيث شكلت الصور الإيجابية ما يقرب من الثلث) في التغطية الإخبارية. وفي هذا الصدد، قالت سافرون أونيل، المؤلفة الرئيسية للبحث وأستاذة الجغرافيا بجامعة إكزتر، إنّها بمجرد أن بدأت تلاحظ صور "المرح تحت الشمس"، أصبح "من الصعب عدم رؤيتها مع كل موجة حارة".

وأضافت أنّه "في الكثير من الأحيان، يتم إهمال التعبير المرئي عن تغير المناخ. ونحن كأكاديميين وصحفيين قد نحرص على الدقة في التعبيرات التي نستخدمها في مقالاتنا، ولكننا بعد ذلك نهمل في اختيار الصورة المصاحبة لها... ولكن الصور جزء أساسي من هذه العملية – فهي تشكل أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا تجاه تغير المناخ".

وفيما يلي بعض الأمثلة التي ذكرها البحث حول التغطية الصحفية للموضوع:

نشر الموقع الإلكتروني لمؤسسة 20 Minutes الإعلامية الفرنسية مقالًا بعنوان: "موجة حارة: ماذا تقدم المستويات الأربعة للخطة الوطنية؟"، مع العنوان الفرعي التالي: "تم إعداد الخطة الوطنية لمواجهة الموجات الحارة (HEAT) بعد صيف عام 2003 المأساوي، الذي شهد وفاة 15,000 شخص بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة". وقد صاحب المقال صورة لأطفال يلهون في نافورة مياه.

وفي ألمانيا، نشرت صحيفة Bild العنوان التالي: "أحر شهر يونيو على الإطلاق – على مستوى العالم"، مع مقال مفصل حول خطورة تغير المناخ والموجات الحارة، إضافة إلى رسم بياني يوضح كيف سيهدد تغير المناخ الفصائل المعروفة مثل الدببة القطبية والأماكن مثل الحاجز المرجاني العظيم. ومع ذلك، استعان الموقع بصورة لعطلة صيفية تظهر رجلًا يقفز إلى حمام السباحة.

أمّا في المملكة المتحدة، فقد نشرت صحيفة Daily Mail صورة لشابة أمام نافورة مياه وترتدي قميصًا مكتوب عليه جملة ذات إيحاء مزدوج: "أحر من الواسابي". وقد صاحبت هذه الصورة مقالًا بعنوان: "أحر من الجحيم! موجة حر صحراوية شديدة تجتاح أوروبا وتقتل ثلاثة سباحين".

وكان من بين الأمور الشائعة الأخرى التعبير عن فكرة الحرارة من خلال الألوان البرتقالية والحمراء وصور مقاييس الحرارة وأشعة الشمس الساطعة. وقد وجد الباحثون أنّ الأشخاص العاديين كانوا غائبين إلى حد كبير عن صور "الحرارة" هذه. وبدلاً من ذلك، عند وجود الناس في الصور، كان معظمهم في الظل مقابل الشمس.

وأوضح الباحثون أنّه "عندما عبّرت الصور عن خطورة الحرارة الشديدة، كان الأشخاص غائبين إلى حد كبير... وقد استنتجنا أنّ هذا التصوير المرئي للموجات الحارة يمثل إشكالية: أولًا، من خلال تجاهل قابلية التعرّض للأذى، فإنّ هذه الصور تهمش تجارب المعرضين لخطر الموجات الحارة؛ وثانيًا، فإنها تستبعد فرص تخيل مستقبل أكثر مرونة".

وقد استعان البحث ببعض الأمثلة، بما في ذلك الصورة المصاحبة لهذا المقال:

 

Examples of proper heat photos: Hot sun, thermometer

 

إذًا فما الذي يمكن للصحفيين فعله؟ هل توجد صعوبة خاصة في العثور على صور مناسبة للمقالات التي تدور حول الموجات الحارة؟

في هذا السياق، قالت أونيل: "لا أعتقد أنّ هناك أي شيء معقد بشأن موجات الحرارة ليجعل من الصعب تصويرها – مقارنة بتصوير مفهوم مجرد مثل ’تغير المناخ‘... وأعتقد أن كل ما نحتاج إليه هو النظر إلى أماكن أخرى في العالم لنرى كيف يمكننا تصوير الحرارة الشديدة بشكل مختلف. فعلى سبيل المثال، نتج عن الموجة الحارة التي ضربت شبه القارة الهندية الباكستانية عام 2022 مجموعة ثرية ومتنوعة من صور الموجات الحارة التي تختلف عن صور "المرح تحت الشمس" السائدة في أوروبا وأميركا الشمالية.

ومن بين المؤسسات الأوروبية التي شملتها الدراسة، حصلت غرفة تحرير واحدة على إشادة خاصة.

وفي هذا الإطار، أشار الباحثون إلى "غياب صور الحلول المناخية في مجموعة البيانات بأكملها تقريبًا، باستثناء مؤسسة واحدة – وهي مؤسسة الأخبار المحلية والإقليمية الهولندية (Algemeen Dagblad)". فقد تجنبت هذه المؤسسة أسوأ الصور المبتذلة المرتبطة بالموجات الحارة، واستخدمت بدلًا منها صورًا وموضوعات صنفها الباحثون تحت فئتي "الصحة والرفاه" و"أخرى"، مقارنة بغيرها من المؤسسات. (فقد لجأت بعض المؤسسات التي شملتها الدراسة إلى صور لكبار السن وهم يتناولون الآيس كريم داخل دار المسنين، أو لعائلة تواجه الحر داخل المنزل، أو لمبنى البلدية المكيف الذي تمت إتاحته للسكان، أو لمشروع بيئي مصمم لتخفيف آثار الحرارة في المدن).

وأضاف الباحثون أنّ "صور المؤسسة الهولندية أوضحت موضوعات تغير المناخ والحرارة الشديدة بشكل فعال، مما فتح المجال أما النقاش حول المخاوف بشأن العدالة والمساواة. وكمؤسسة محلية وإقليمية، ركزت المؤسسة الهولندية على القصص المحلية حول كيفية تعامل الناس مع الحرارة، ثم كلفت المصورين المستقلين بالتقاط صور معينة لتصاحب هذه القصص".

لمزيد من المناقشات حول تصوير تغير المناخ، يمكنكم الاطلاع على محادثة "قراءة الصور" عن سلسلة صحفية فعالة، أو تصفح "المرئيات المناخية". ويمكنكم قراءة البحث الكامل عبر هذا الرابط.


نُشر هذا المقال للمرة الأولى عبر موقع مختبر نيمان وتمت إعادة نشره هنا بعد الحصول على الإذن بذلك.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على انسبلاش بواسطة بيرسيلا م. رودريجز.