كيف تؤثّر الصحافة الأخلاقية بغرف الأخبار والمتابعين؟

بواسطة Fatima Bahja
Dec 6, 2018 في موضوعات متخصصة
هاتف

في عصر تفشي التضليل وعدم اليقين لكل من الصحفيين والمتابعين، تلعب الصحافة الأخلاقية دورًا حاسمًا في مساعدة الصحفيين على إنشاء بُنى فعالة لغرف الأخبار وعمليات السرد القصصي، ويمكن لهذا النوع من الصحافة أن يعالج بعض من أشد التحدييات في غرف الاخبار خلال محاولتها بناء الثقة مع الجمهور. 

خلال منتدى الصحافة الاستقصائية السنوي العاشر، الذي نظّمته "أريج" (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)، ناقش المتحدثون قوة الصحافة الأخلاقية من خلال تحليل نتائج شبكة الصحافة الأخلاقية في "التدقيق الأخلاقي" لمجلة "حبر " الأردنية الحائزة على جوائز.

وفي هذا الصدد، أبرز مدير الحملات والتواصل في شبكة الصحافة الأخلاقية توم لاو، والشريكة المؤسسة ومديرة التحرير في "حبر" لينا عجيلات، الدروس المستفادة من العملية وتبادل الأفكار حول دور أخلاقيات الصحافة في إنشاء هياكل إدارة غرف الأخبار، وتعزيز السرد القصصي وبناء الثقة.

ما هو  التدقيق الأخلاقي؟

تعطي كلمة "التدقيق" الانطباع عن تقييم خارجي منفصل. ومع ذلك تقول عجيلات إن هذا المصطلح "لا يعطي العملية أي عدالة". لم يكن التدقيق منفصلا على الإطلاق، بل سهّل إجراء محادثة مفتوحة بين إدارة "حبر" والموظفين الذين اختبروا مدى توافق أعمالهم وعملياتهم مع مهمة المؤسسة والقيم الأساسية.

ARIJ panel

وقد غطّى تدقيق شبكة الصحافة الأخلاقية مهام غرفة أخبار "حبر"، طرق التحرير والمساءلة الداخلية، وأظهر عمليات واتجاهات سابقة شجّعت إدارة "حبر" على إعادة تقييم الممارسات التحريرية.

على سبيل المثال، فوجئت عجيلات بأنّ 38 في المئة فقط من محتوى "حبر" أنتجته نساء، وهي نتيجة تتناقض مع مهمة المؤسسة التقدمية والشاملة. 

وبالإضافة إلى تسهيل الإختبار الذاتي، ساعد التدقيق إدارة "حبر" على فحص هيكل وسياسات الإدارة، إذ يمكن أن تساعد التغييرات في الموارد البشرية، بما في ذلك إعداد العقود وتوفير الأمن الوظيفي للموظفين في خلق المساحة اللازمة لرعاية الصحافة الأخلاقية ذات الجودة العالية.

وهنا تقول عجيلات: "عندما يشعر الصحفيون بالأمان، فإنهم يتمتعون باستقلالية أكبر ويمكنهم ممارسة صحافة أفضل".

من جانبه، يؤكد لاو أنّ استعداد إدارة غرفة الأخبار للمشاركة في هذا الاستجواب الذاتي هو المفتاح لنجاح التدقيق، الذي استند إلى محادثة مع الإدارة التي أظهرت التزامها القوي بالعمل على النتائج وإجراء التغييرات التحريرية والهيكلية اللازمة.

ماذا يعني هذا للجمهور والمتابعين؟

يشدد كل من لاو وعجيلات على قيمة إشراك الجماهير في المحادثات حول أخلاقيات الصحافة، ويلفتان الى أنّ بناء الثقة مع الجماهير يعدّ من بين أكثر التحديات انتشارًا في المشهد الإعلامي الحالي، فمن خلال مشاركة الجهود لتحسين الممارسات الأخلاقية، يمكن أن تعزز غرف الأخبار الثقة في عملها الصحفي.

وأضف لاو: "يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك لكي نثبت لجمهورنا لماذا يجب أن نكون محط ثقة، لإظهار أننا نتميّز عن كل الفوضى التي تحدث على الإنترنت بسبب قيمنا، وليس فقط في سياستنا التحريرية، ولكن في كل جزء من هيكلنا ونظامنا".

وللقيام بذلك، يتعيّن على مديري غرف الأخبار والصحفيين بذل جهود متناسقة لإشراك جمهورهم. واعترفت عجيلات بأن هذا الأمر قد لا يجذب جميع الجماهير، ولكن من الأهمية بمكان ما بناء قاعدة أساسية وفيّة. وشاركت عجيلات مثالاً لقصة تحقيقات حديثة نشرتا "حبر" حول ترحيل اللاجئين السودانيين من الأردن. بمجرد نشر القصة، أجرت "حبر" حوارا حولها على Facebook Live، وبالرغم من صغر حجم الجمهور، فان الحوار اضهر قوة العلاقة بين "حبر" وذلك الجمهور.    

تحويل التفكير

يتطلّب هذا النوع من التواصل مع الجماهير بالنسبة لعجيلات، تحولًا جوهريًا في التفكير في كيفية قيام الصحفيين بعملهم،  حيث أشارت إلى أن الصحفيين مبرمجون لإعداد التقارير من دون مشاركة الكثير حول ما يقومون به، ولكن هناك قيمة في تشجيعهم على توثيق ومشاركة عملياتهم مع جمهورهم. 

وبالإضافة إلى بناء الثقة، تعمل الصحافة الأخلاقيّة على جذب الجماهير مباشرةً في عملية السرد القصصي. وشارك لاو مثال ديفيد فهرِنتهولد، وهو صحفي من صحيفة "واشنطن بوست"، قام بتوثيق ومشاركة عملية جمع المعلومات مباشرة مع الجماهير، ببساطة عن طريق تحميل الصور من دفتر ملاحظاته على وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكّن من تحسين شفافية تقاريره مع إضافة طبقة جديدة إلى سرد قصته.

والجدير ذكره أنّ الإفتقار إلى الشفافية قد يؤدّي إلى جانب الممارسات غير الأخلاقية، إلى ضرر لا يمكن إصلاحه. وأعطى لاو مثالا على ذلك صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد"، وهي صحيفة شعبية في المملكة المتحدة، أقفلت بعدما تم الكشف عن أن صحفييها كانوا يخترقون هواتف المشاهير وضحايا الجرائم. وكانت فضيحة اختراق الهاتف تعكس فشل الإدارة في الصحيفة التي ضغطت على الصحفيين للتصرف بشكل غير أخلاقي لصالح إنتاج تقارير.

أمّا الخلاصة فهي أنّه عندما تركز المؤسسات الإخبارية على الأمور اليومية فقط وتهمل الإستثمار بشكل مناسب في هياكل الإدارة الأخلاقية، فإنها تخاطر ببقائها على المدى الطويل.    

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش بواسطة دوز ميديا.