في ظاهرة تكشف عن حصول تلوّث بسبب مدابغ جلود الحيوانات، تحوّل قسم من بحيرة "سيرو لاغون" إلى اللون الأرجواني وانبعثت رائحة منه، فيما بقي القسم الثاني لونه أزرق، تحديدًا في مدينة ليمبيو في الباراغواي والواقعة على بعد 30 كلم من شمال شرق أسونسيون. وقد نشر الممثل والناشط البيئي ليوناردو دي كابريو صورة صادمة لإنقسام البحيرة والتي التقطها مصور صحفي على صفحته الخاصة على إنستجرام، وبخطوته هذه ساعد بتسليط الضوء على القضية البيئية بشكلٍ كبير، ووصل الصوت أكثر ممّا حاول إيصاله خلال أشهر سكان المدينة والصحفيون الذين أعدّوا عددًا من التقارير حول هذه الظاهرة.
وبعد المنشور الذي عرضه دي كابريو أمام متابعيه، تظاهر السكان قرب بحيرة "سيرو لاغون" واضعين كمامات ومطالبين بعدم السماح بأن تمرّ هذه الجريمة البيئية من دون عقاب، وبسجن مديري المدابغ والعمل على تحسين نوعية المياه في البحيرة الملوثة. وأثبت تحرّك السكان أنّه بإمكانهم تحقيق أهدافهم والإضاءة على قضايا الفساد حتى خلال تفشي جائحة "كوفيد 19".
وبدأت هذه القضية تحظى باهتمام منذ أن علم المصور الصحفي الأرجنتيني الذي يعيش في الباراغواي خورخي ساينز، بأنّ سكان ليمبيو يستنكرون حصول تلوث في البحيرة تسببت به شركة Waltrading Tannery منذ أكثر من أربعة أشهر، لكنّ السلطات المولجة بحماية البيئة لم تستمع إلى مخاوفهم.
إقرأوا المزيد: عصر الأزمات المتزامنة: كيف نغطّي تغيّر المناخ مع "كورونا"؟
وقال المصور الصحفي الذي يمتلك خبرة طويلة في التصوير الصحفي، فقد عمل سابقًا في Página-12، وهي صحيفة في بوينس آيرس، ومع صحيفتي ABC Color وÚltima Hora في أسونسيون، كما أنّه عضو في وكالة أسوشييتد برس، إنّ أحد المقربين منه أراه صورة للبحيرة التي تغيّر لونها جراء التلوث كانت منشورة في صحيفة محلية، فاعتقد للوهلة الأولى أنّه جرى تعديل الألوان، وفي صباح اليوم التالي ذهب إلى البحيرة، فصُدم بعدما رأى اللون الأرجواني، فما كان منه إلا أن استعان بآلة التصوير "الدرون" والتقط صورًا للبحيرة من الجو، وتحدث مع أهالي المنطقة الذين كانوا يضعون كمامات ويحملون لافتات رافضة للتلوث الحاصل.
وفي 5 آب/أغسطس، نشر ساينز صورة للبحيرة الملوثة على حسابه على إنستجرام، وأرفقها بالتعليق التالي: "رأينا كل شيء مع كورونا.. حتى أنّ شركة Waltrading تتسبب بتلوث، وعام 2017، أدّت مدبغة إلى فناء آلاف من الأسماك في تشاكو في شمال الأرجنتين بالقرب من حدود الباراغواي". وفي 16 آب/أغسطس، نشر دي كابريو الصورة نفسها عبر حسابه على إنستجرام، مشيرًا إلى إنقسام بحيرة سيرو لاغون في مدينة ليمبيو في الباراغواي إلى جزأين أرجواني وأزرق، ولفت إلى انبعاث رائحة كريهة من الجزء الملوث وفناء أسماك وطيور.
وقد فعّل منشور دي كابريو الإهتمام بهذه القضية، إذ تحرّكت السلطات وأرسلت تقنيين ومختصين، من مكتب المدعي العام ووزارة البيئة والتنمية المستدامة للكشف على المدبغة وأخذ عينات من المياه. وعزا الخبير في مختبر جامعة أسونسيون الوطنية فرانسيسكو فيريرا سبب تغيّر لون المياه إلى "وجود معادن ثقيلة مثل الكروم والزنك التي يشيع استخدامها في دباغة جلود الحيوانات". وخلصت تقارير المختبر إلى أنّ النفايات التي يرميها المصنع في البحيرة أوجدت مستوى أوكسجين يبلغ 1.4 فيما يجب أن يكون المعدّل 5 على الأقلّ، ما دمّر الحياة المائية بشكل كامل.
في هذا السياق، كشف موقع ElSurti.com أنّ "الشركة قامت بتصدير منتجات من صناعة الجلود إلى البرازيل بحوالي 2 مليون دولار أميركي عام 2016، وقد زادت الصادرات خلال تفشي "كورونا، ففي تموز/يوليو تجاوزت صادرات الجلود صادرات التبغ".
في 21 آب/أغسطس، ألغت وزارة البيئة والتنمية المستدامة في الباراغواي الترخيص البيئي للمدبغة بالقرب من البحيرة وأعلنت أنه يجب إغلاقها بشكل دائم، ويتم حاليًا تقييم أفضل الأساليب لتنظيف البحيرة.
من جهته، أوضح المدير البيئي في بلدية ليمبيو لويس أرجانيا أنّ التلوّث تسبّب بأضرار كبيرة في الحياة المائية في البحيرة، مشيرًا إلى أنّ الحلّ الوحيد لتنظيف البحيرة هو إزالة كل المياه منها واستبدالها بمياه نظيفة. وأضاف أنّ البلدية قد تطلب دعمًا ماليًا من مصادر خارجية، بسبب نقص الأموال في ميزانيتها.
كذلك قال المتحدث باسم المتظاهرين روفينو ليجويزامون، إنّ الشركة كانت ستستمرّ بعملها ومن دون عقاب لولا التقاط ساينز صورة أظهرت تلوث البحيرة، وإعادة نشرها من قبل دي كابريو، وتغطية وسائل إعلامية لهذه الظاهرة. وأشار المتحدث إلى أنّ الشركة استغلّت عدم إقامة السكان احتجاجات كبيرة بسبب كورونا، ولهذا فإنّ عمل الصحفيين الذين يسلطون الضوء على الجرائم البيئية وأعمال الفساد في خضم كوفيد 19، هو أمر ضروري للغاية.
الصورة الرئيسية للمصور الصحفي الأرجنتيني خورخي ساينز. الصورة في المقال لموقع ElSurti.com