يعتبر العام 2020 من أبرز الأعوام التي ترافقت بتحديات وصعوبات واجهها الصحفيون حول العالم، بدءًا من جائحة "كوفيد 19" التي دفعت الصحفيين إلى التفكير والبحث عن طرق وأدوات وتعلّم مهارات جديدة للإستمرار بالعمل وإيصال المعلومات والأخبار لمجتمعاتهم والوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء.
وفي هذا الصدد، سألت شبكة الصحفيين الدوليين عددًا من الزملاء في مركز نايت للصحافة التابع للمركز الدولي للصحفيين عن آرائهم حول الدروس المستفادة من العام الماضي، وللحديث عن اتجاهات الصحافة خلال العام 2021، وطلبت منهم تقديم أبرز النصائح التي يجدونها مهمّة للصحفيين.
خلال حديثها عن أبرز اتجاهات الصحافة في العام 2021، أوضحت الزميلة الروسية في مركز نايت دادا لينديل أنّ أعدادًا كبيرة من الصحفيين خسروا وظائفهم خلال العام 2020، إلا أنّ كثيرين استغلّوا الوقت للبحث عن أمور جديدة ودراستها. ولفتت إلى أنّه من المهم أن يتعلم كل صحفي طرق البرمجة وكيفية التعامل مع البيانات والمصادر المفتوحة، مشيرةً إلى أنّ هذه المهارات تصقل العمل في الأخبار وإعداد التحقيقات، كما أنّها توفّر نهجًا جديدًا لأي موضوع.
إقرأوا أيضًا: إليكم أبرز التقارير عن "كوفيد 19" أعدّها صحفيون حول العالم عام 2020
وأضافت لينديل أنّ جائحة "كوفيد 19" أتاحت فرصًا ليتعرّف الصحفيون على اتجاهات جديدة في الصحافة، وقدّمت الكثير من البيانات التي يمكنهم الإستفادة منها وإعداد تقارير استنادًا إليها.
ومع حلول العام الجديد، نصحت لينديل بالإستمرار بتعلم مهارات جديدة ومواصلة تنمية العمل الصحفي.
توازيًا، رأى الزميل في مركز نايت جاكوبو أوتافياني والذي يعمل في إنتاج قصص مستندة إلى البيانات في كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا وتنزانيا، أنّ تغير المناخ سيكون أكثر أهمية في السنوات المقبلة وسيهتمّ الصحفيون بتغطية هذا الموضوع بشكل أكبر. ولفت أوتافياني إلى أنّه تابع مشروع إزالة الغابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وكشف كيف تتعرض الغابات للتهديد، موضحًا أنّه قرأ الكثير من البيانات والإحصاءات حول تأثير إزالة الغابات على تغير المناخ والاحتباس الحراري، وتأثير ذلك على أعداد كبيرة من الناس.
وإضافةً إلى تغيّر المناخ، أكّد أوتافياني أنّ الصحة العامة ستكون موضوعًا رئيسيًا آخر، ويجب أن يفكر الصحفيون في دور منظمة الصحة العالمية "لأننا نعيش في عالم بلا حدود ونؤثر جميعًا على بعضنا البعض إذا سافرنا"، مضيفًا أنّه على الصحفيين مواصلة العمل الذي بدأوه في عام 2020، وقال: "عليهم أيضًا أن يتعرفوا على الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية لأنّ هذه المهارات والتكنولوجيا تساعد أيضًا في تقصي الحقائق".
وختامًا، شدّد على ضرورة "التفكير خارج الصندوق"، وأن يكون الصحفي متعدد التخصصات وأن يتعاون مع الباحثين والتقنيين قدر استطاعته، كذلك التعاون مع المنظمات والبحث عن الأشخاص الذين يمكنهم التوسط بين الصحفيين والتقنيين والمصممين.
وفي السياق نفسه، قال الزميل في مركز نايت للصحافة في الأميركيتين سيرجيو سبانيولو، وهو مؤسس ومدير تحرير "فولت" في البرازيل أنّ معظم الصحفيين أمضوا وقتًا طويلاً بالعمل الصحفي من منازلهم خلال العام 2020 بسبب تفشي الجائحة، مضيفًا أنّه على الصحفيين محاولة العودة إلى العمل الميداني ومراقبة أوضاع المجتمعات عن قرب، بحال عادت الحياة إلى طبيعتها في العام الحالي.
وشدّد أيضًا على أهمية إعداد التقارير بمساعدة الكمبيوتر في العام 2021، مع وجود تقنيات ومشاريع يمكن أن تكون رائدة في مساعدة الصحفيين في إكمال المهام الصغيرة وتحليل مجموعات البيانات والوثائق بسهولة. وأخيرًا نصح الصحفيين بإيلاء أهميّة للذكاء الاصطناعي والأتمتة في مجال الصحافة.
من جانبها، قالت فابيولا توريس، مؤسّسة ومديرة موقع Salud Con Lupa إنّ الجائحة أجبرت الصحفيين على تغيير استراتيجيات التغطية في العام 2020، والبحث عن طرق أفضل لمكافحة التضليل وإجراء التحقيقات في ظروف صعبة.
وعدّدت توريس بعض الدروس من التجارب الأخيرة التي اختبرها الصحفيون حول العالم، والتي يمكن الإستفادة منها في العام 2021:
-على الصحفيين إعداد المزيد من التقارير الصحية التي تركز على الخدمة العامّة، لا سيما مع تزايد اهتمام القراء بعالم العلوم والصحافة الصحية، ما يرتّب على الصحفيين الإستمرار بتقديم العمل النوعي لجعل القراء يستمرّون بمتابعتهم من أجل تطبيق المعلومات في حياتهم اليومية.
-على الصحفيين مواصلة استخدام البيانات ومواكبة الأرقام وتطور الجائحة، فإظهار الرسوم البيانية بالأرقام ليس وحده الأمر المهم، بل اختيار البيانات التي تشرح الظاهرة بشكل أفضل، فالقراء يريدون أن يشعروا براحة أكبر من خلال فهم الواقع الذي يواجهه العالم، وليس تراكم المزيد من الخوف من المجهول.
إقرأوا أيضًا: العالم منشغل بلقاحات "كوفيد 19".. وإرشادات للصحفيين لتغطية الموضوع
-على الصحفيين الإهتمام بالصحافة التعاونية التي تشمل القراء والعلماء والصحفيين، لا سيما وأنّ الجائحة أظهرت أنواعًا مختلفة من التعاون والتضامن.
-على الصحفيين تجربة المزيد من التقنيات والطرق لتقديم المحتوى، فالعام 2020 كان محورًا للبث المباشر على فايسبوك والبودكاست، والآن على الصحفيين الإستفادة من المساحات الرقمية حتى يكون لديهم نافذة تواصل أفضل مع الجمهور.
وإضافةً إلى زملائها، شدّدت جانين وارنر المديرة التنفيذية لـ SembraMedia على ضرورة الإستثمار في الفريق ودعمهم من خلال تقديم جداول زمنية أكثر مرونة لتلبية احتياجات الأهالي العاملين، فالفرق العظيمة يمكنها التغلب على التحديات غير المتوقعة. وقالت: "فيSembraMedia ، اتخذنا خطوة جديدة إذ قمنا بتعيين خبير موارد بشرية للتشاور معهم في كيفية دعم وتمكين بعضنا البعض بطرق جديدة ومبتكرة، وطرق جعل الاجتماعات أكثر فعالية وزيادة تفاعل وتعاطف الزملاء فيما بينهم خلال هذا الوقت الصعب".
وأشارت وارنر إلى أنّه يمكن للمؤسسات التي لم تقدّم الدعم لفرقها من قبل، أن تعيد التفكير في كيفية الاستثمار في رعاية الموظفين بشكل أفضل.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة موريتز نورينجر