في الوقت الذي تسعى فيه الصحف المحليّة إلى محاولة اكتشاف وتنبؤ أعداد المشتركين الذين سيستمرّون في الدفع والإشتراك فيها، أشار بحث جديد من إعداد مبادرة "ميديل" للأخبار في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أنّه يجب العمل على تشكيل عادة لدى القرّاء، مثلاً تكرار الأخبار المحليّة التي يهتمّ بها القراء، فتكرار قراءة هذا النوع من الأخبار، هو أكبر مؤشر منفرد على الاحتفاظ بالمشتركين، أكثر من عدد القصص التي تمت قراءتها أو الوقت الذي يقضيه المشتركون في القراءة.
وخلصت الدراسة إلى أنّ المعدلات العالية لقراءة تقرير معيّن، والوقت الذي يقضيه القرّاء في كل خبر، مرتبطة في الواقع بأشخاص يلغون اشتراكاتهم، وبحسب الباحثين، فهذه المفاجأة محيرة.
من جانبهم، قام باحثون من مركز شبيغل للأبحاث، التابع لـ"ميديل"، بقيادة مدير الأبحاث إدوارد مالتهاوس، بتحليل 13 تيرابايت من بيانات القراء والمشتركين المجهولين من شيكاغو تريبيون وإنديانا بوليس ستار، وسان فرنسيسكو كرونايكل، وبذلك استطاعوا تتبع سلوكيات فردية مجهولة المصدر للأشخاص الذين أبقوا على الاشتراكات الرقمية وألغوها، وكان لدى الفريق بيانات تعود لعام من سان فرنسيسكو كرونايكل، وما يقرب من ثلاث سنوات من البيانات من شيكاغو تريبيون، وأكثر من عامين بقليل من بيانات ستار.
بالنسبة للصحف الثلاث، كانت عادات القراءة المنتظمة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإحتفاظ بالمشتركين، ويعني الباحثون بـ"المنتظمة" القرّاء اليوميين، وليس الأشخاص الذين يدخلون عدة مرات في الشهر.
وبناءً على ما تقدّم يبرز سؤال حول كيفية تمكّن الصحف من أن تبني هذه العادات للقراء، ومن هنا تبرز توصية واحدة هي الرسائل الإخبارية عبر البريد الإلكتروني التي يستطيع القراء قراءتها بسرعة. والتخصيص، أي النوع الذي تقوم به الصحف الكبرى بالفعل.
ولفت الباحثون إلى أنّ بعض التقنيات تساعد الصحفيين على التخصيص، أي معرفة المشتركين الذين قرأوا خمسة من آخر سبعة قصص حول أمر ما، وبالتالي، عندما يتم نشر القصة الثامنة، يُصبح بإمكان الصحفيين إرسال الخبر عبر البريد الإلكتروني للقارئ.
والجدير ذكره أنّ في كرونايكل وستار، كان عدد الصفحات التي يتم الإطلاع عليها في اليوم الواحد ومقدار الوقت المستغرق في مشاهدة الصفحة مرتبطًا بمعدلات أعلى لإلغاء الإشتراك، وهذا أمر غريب بحسب الباحثين الذين قدّموا بعض التفسيرات المحتملة، وهي كما يلي:
أولاً: يجب أن يكون المحتوى مهمًا وليس العنوان فقط، كي لا يذهب القارئ إلى وسيلة إعلاميّة لديها تغطية أفضل.
ثانيًا: هناك فرق بين الأجيال في طريقة تتبع الأخبار، فنحن الآن نتدرب على القراءة السريعة مع تويتر وفايسبوك، وهذان الموقعان من المنصات التي تعرض العناوين الرئيسية من دون عمق كبير، لذلك يحدث هذا التحول الثقافي.
ثالثًا: يمكن أن يلغي القارئ الإشتراك بعد قراءته لكل العناوين، إذ يشعر أنّها تزعجه.
ويعتقد مالتهاوس أن واشنطن بوست ونيويورك تايمز قد تكونان على علم بالفعل حول هذا الموضوع، فقد وجد الباحثون أنه ليس على الصحف المحلية أن تخاف من القراءة السريعة، حيث أنه ليس عليك أن تأخذ الكثير من وقت المشتركين لكي تصبح ذي قيمة بالنسبة لهم. في الحقيقة فإن القرّاء الذين استهلكوا الكثير من القصص وقاموا بقراءتها بعمق لم يحتفظوا باشتراكاتهم، ولفت الباحثون إلى أنه على الصحف المحلية التركيز على التغطية المختصة والبحث عن مجالات يمكنها امتلاكها بالفعل.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش بواسطة وادمار براندت.
هذا المقال نُشر للمرة الأولى من قبل مختبرات نيمان وأُعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.