خلال العام المنصرم، عملت الكثير من المؤسسات والجمعيات والمنظمات الإخبارية في العالم على تكثيف جهودها الآيلة إلى تحسين التنوع والشمول في أماكن العمل. وكان هذا الموضوع محطّة رئيسية في عددٍ من الجلسات التي قُدّمت أثناء انعقاد مؤتمر جمعية الأخبار على الإنترنت، في حزيران/يونيو 2021، حيث ناقش متخصصون في مجال الصحافة طرق تحسين فهم التنوّع والشمول والإنصاف، بما أنّها مبادئ أساسيّة لاستدامة المؤسسات الإعلاميّة، كما قدّموا إرشادات للوصول إلى الشبكة العنكبوتيّة والمواقع الإخباريّة، وغيرها من النصائح التي تُساعد غرف الأخبار في مواجهة التحديات الراهنة.
وفيما يلي، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين خمس نصائح يمكن أن يتبعها وينفذها مدراء وأفراد المؤسسات الإعلامية، بناءً على ما قدّمه الخبراء في المؤتمر الأخير:
أولًا، معرفة آراء فريق العمل
أوضحت المديرة التنفيذية ومحررة موقع مصادر الأخبار في كاليفورنيا لوري هيرن، خلال مشاركتها بإحدى الجلسات، أنّ القيّمين على المؤسسة الإعلامية اتخذوا قرارًا بإيلاء أهميّة للتنوّع والشمول والإنصاف، كي تُصبح هذه المبادئ أساسية في غرفة الأخبار، ولهذا أجرت المؤسسة استبيانًا لمعرفة آراء الموظفين وما يشعرون به، وإن كانوا يجدون أنّهم مشمولين ويشعرون بالإنصاف في المؤسسة. وأتت بعض الردود بشكل إيجابيّ، في حين قدّم آخرون ملاحظات ولفتوا إلى شعورهم بالتمييز.
وبعد إجراء الإستبيان والإطلاع على النتائج، عيّنت المؤسسة خبيرًا لمتابعة موضوع الشمول والتنوّع في غرفة الأخبار، وأنشأت لجانًا وحدّدت بعض بنود العمل من أجل المساعدة في معالجة هذه القضايا، كما جرت نقاشات حول الشمول وتمّ تطوير بروتوكولات لعمليات التوظيف والتي تضمن التنوع.
وتستخدم المؤسسة الآن لغة شاملة في إعلاناتها عن الوظائف، كما تقدّم تدريبات تتمحور حول مواضيع مثل التحيز الضمني أو التحالف.
وقدّمت هيرن نصيحة قائلةً: "أنت تتطلّع للأفضل، لكنك تستعد للأسوأ عند إجراء استبيان، لهذا ابق متفتحًا، واستمع قدر المستطاع".
إقرأوا أيضًا: خطوات مهمّة لتعزيز التنوّع في غرف الأخبار
ثانيًا، الإهتمام بحاجات المجتمع
لا بدّ ان يُدرك أصحاب المؤسسات الإعلاميّة أنّ الاستدامة لا تعني جني الأرباح فحسب، بل تشير أيضًا إلى علاقة المؤسسة بالمجتمع الذي تقدّم له خدمة صحفيّة وإخبارية. ولهذا السبب، سعى القيّمون على موقع The Oaklandside ، ومقرّه في كاليفورنيا إلى التأكّد من أنهم يستمعون إلى المجتمع ويدركون احتياجات أعضائه، ويحققون التنوع والشمول في تغطياتهم.
في هذا السياق، قال مدير تحرير الموقع جاكون سيماس خلال الجلسة التي شاركت فيها لوري هيرن، إنّ فريق العمل سأل الناس عما يريدونه من المؤسسة الإخبارية، واستخدم الفريق تعليقات الناس من أجل تضمين أصواتهم في تقارير غرفة الأخبار.
كذلك تمّ إنشاء مجلس استشاري متخصص بالمجتمع، يقوم بقراءة ثلاث مقالات أسبوعًا ويقدّم ملاحظات، ويتم اختيار القرّاء من أحياء مختلفة في أوكلاند، وينتمون إلى خلفيات متنوّعة من حيث الجنس والعرق وفترة إقامتهم في المدينة.
ثالثًا، الاهتمام بتنوع المصادر
بما أنّ المصادر التي يستند إليها الصحفيون في تقاريرهم لها تأثير على من سيقرأ ويشاهد ويستمع للتقرير، استضاف المؤتمر لجنة من المتخصصين في مجال الإعلام الذين يعملون على تنويع المصادر في العمل.
وفي هذا الإطار، قالت كارولين بومان، المتخصصة بإشراك المجتمع فيChalkbeat ، وهو موقع أميركي يركز على التعليم في المحتوى الذي يقدّمه، إنّ الموقع حدّد الخصائص الديموغرافية للجنس والعرق في تقريرين من سلسلة التقارير التي قُدّمت في العامين 2018 و2019، وتبيّن أنّه قد تمّ تمثيل آراء وأصوات ذوي البشرة البيضاء أكثر من اللازم بالمقارنة مع تركيبة المناطق التعليمية التي يغطيها فريق العمل.
وبهدف تتبع هذه البيانات، اقترحت بومان أن تطرح غرفة التحرير الأسئلة التالية كنقطة للبداية:
- ما الذي تريد أن تتبعه وما الهدف من ذلك وماذا تريد أن تتعلم؟
- كيف ستستخدم عملية التدقيق لتغيير سلوكك ونمط العمل في غرفة الأخبار؟
في السياق عينه، أوضحت كاي سونج، وهي مسؤولة تحرير MindShift في KQED، أنّ المؤسسة التي تعمل فيها تستخدم نموذجًا في نظام إدارة المحتوى (CMS) من أجل تتبع هذا النوع من البيانات.
رابعًا، معالجة التحيّز الضمني والنقاط العرقيّة
لا يُمكن الوصول إلى التغطية الشاملة، من دون إدراك وتحديد التحيزات الضمنية أو "النقاط العمياء" لبعض الأفراد. وقد تحدّثت عن هذا الموضوع الصحفية نيكول دونجكا التي تعمل في صحيفة "واشنطن بوست"، حيث شاركت الإرشادات والنصائح حول كيفية معالجة مسألة التحيّز، وذلك خلال جلسة عُقدت في المؤتمر، وكانت تركز على ضرورة تكوين المعرفة الثقافية اللازمة لدى الصحفيين.
ولفتت دونجكا إلى أنّ تثقيف الصحفي حول تاريخ العنصرية ضد بعض المجتمعات يعدّ أمرًا بالغ الأهمية، وبدون هذه المعرفة الثقافيّة قد لا يُدرك الصحفي بعض العبارات أو المصطلحات التي تؤذي بعض المجتمعات وتديم القوالب النمطية.
ورأت أنّه يُمكن إضافة سياق إلى التغطية وأن يُثبت الصحفي أنّه زميل جيد في مكان العمل ويتصرّف بطريقة جيدة مع زملائه الذين يعانون من أحداث مزعجة.
خامسًا، أهميّة الوصول إلى الموقع الإلكتروني
تقع مسؤولية على كلّ صحفي يعمل في غرفة الأخبار، بإتاحة الوصول إلى الموقع الإلكتروني. وعُقدت جلسة خلال المؤتمر تمحورت حول تحسين إمكانية الوصول إلى المواقع وأدوات الويب التي تمّ إنشاؤها وتلك التي تمّ ترميزها بطريقة يستطيع ذوو الإحتياجات الخاصّة استعمالها والولوج إلى المواقع، ورأس الجلسة المحاضر في كلية ميسوري للصحافة باتريك غارفين، الذي نصحَ الصحفيين بالبحث عن الحواجز التي تمنع الناس من الوصول إلى المحتوى الصحفي، إضافةً إلى الأسئلة التالية:
- كيف سيصل شخص إلى هذا المحتوى إن كان لا يعرف كيفية استخدام فأرة الحاسوب؟
- كيف سيرى شخص ما هذا المحتوى إن لم يكن باستطاعته تمييز الألوان؟
- كيف يُمكن أن يكون للرابط المتشعّب بالنص أهميّة؟
- أين هو الوصف والكلام التوضيحي المرفق للفيديو؟
وبعد طرح هذه الأسئلة يُمكن التوصّل إلى خطّة متكاملة لغرفة الأخبار بجميع تخصصاتها، وفقًا لما قاله غارفين في الجلسة.
ألدانا فاليز هي مديرة التحرير في شبكة الصحفيين الدوليين.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة جوش ويلبورن