برزت تحديات المعلومات والأخبار المضللة في وسائل الإعلام مؤخرًا، وفيما يجري تركيز بعض القراء والصحفيين على طرق فهم الأخبار المزيفة، بدأت منظمات بمحاولة مساعدة العاملين في مجال الإعلام من جميع المستويات، من أجل فهم أفضل للظاهرة وتاريخها وآليات مكافحتها.
ويقول كاتب هذا المقال: "في أيار/مايو 2018، سافرت مع صحفيين من الولايات المتحدة وألمانيا إلى واشنطن وشارلوتسفيل وفيرجينيا ومدينة نيويورك للمشاركة في زمالة ثقافيّة عن عصر التضليل، وقد زرنا غرف أخبار مختلفة، بما في ذلك صحيفة "نيويورك تايمز" و"أسوشييتد برس"، وتحدثنا مع خبراء في وسائل الإعلام حول كيفية استخدام الصحفيين للقصص الصادقة والمؤثرة، لمكافحة الأخطاء والتضليل، وكيف نجحت هذه الجهود الصحفية الدؤوبة في الماضي".
وأضاف: "وفقًا للمؤرخة والمؤلفة الدكتورة سيندي غيلي، التي تحدثت إلينا أثناء الزمالة في واشنطن، فإنّ القضايا التي تشوب الصحافة اليوم ليست بالأمر الجديد، وواحد من أكثر الأمثلة المبكرة فاعلية للتضليل السياسي جاءت من نابليون الثالث"، وقالت غيلي في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين: "إن النشرات التي أصدرها نابوليون مباشرة إلى الجمهور كانت تحتوي على ادعاءات فظيعة وغالبًا ما كانت خاطئة وتدلّ على نجاحاته المهنية وتفوقه الشخصي".
وأشارت إلى أن الكثير من الناس في ذلك الوقت صدقوا المعلومات واعتقدوا أنّها حقيقية بالفعل، وقد أثبت دراسات حديثة لظاهرة التضليل أسباب تصديقهم لتلك الأخبار. وأوضحت قائلةً: "رغم أنّ كثيرين شككوا في صحة مزاعم نابوليون، إلا أنهم كانوا على استعداد للتغاضي عنها لأنها تتماشى مع توقعاتهم ومع أعمالهم الخاصة".
ولا يحتاج الصحفيون الذين يتطلعون إلى محاربة المعلومات المضللة اليوم إلى التطلّع على نابوليون، إذ يكفيهم النظر إلى مثال أحدث، كفضيحة ووترغيت في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، التي استخدم خلالها الصحفيون الوقائع ودفعوا السلطة للمساءلة، من أجل إبراز الحقيقة. وتابعت غيلي بالقول: "إنّ أساليب التحقيق القوية والتحدي الشجاع للسلطة، جعلت الصحافة مهمة للغاية في الكشف عن شبكة الأكاذيب والتغطية لإدارة نيكسون".
وفي سياق متصل، تتخذ العديد من المنظمات خطوات لمكافحة أزمة المعلومات الحالية، ومن بينها وكالة "الأسوشييتد برس" التي تشغل مراسليها ومحرريها في مجموعة واسعة من المواقع في جميع أنحاء العالم من أجل إنتاج المحتوى الأصلي. وهذا يتيح لهم إعداد التقارير الخاصة بهم، بدلاً من تلقيها من وسائل إعلام أخرى.
وتعمل الوكالة حاليًا في 263 موقعًا، وأكثر من نصف سكان العالم يشاهدون محتواها يوميًا، وفقًا لإحصاءات "الأسوشييتد برس"، التي تسعى أيضًا إلى تصحيح الأخطاء بسرعة وكفاءة، وتنشر التصحيحات على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لتكون شفافة.
توازيًا، لا تعتقد العديد من المؤسسات الإعلامية أنّ الصحافة الجيدة كافية، وتقوم بتعليم الجماهير كيفية استهلاك الأخبار بشكل صحيح. وتبرز مجلة NewseumED بأنّها واحدة من المؤسسات التي تقدم خططًا في مجال محو الأمية الإعلامية بهدف استخدامها في الفصل. كذلك هناك MediaSmarts في كندا، التي تطوّر حملات التوعية العامة، مثل "أسبوع محو الأمية الإعلامية" لتعزيز أهمية المعرفة الإعلامية.
من جهتها، تُعرّف الرابطة الوطنية لتعليم محو الأمية الإعلامية (NAMLE) محو الأمية الإعلامية على موقعها بأنها "القدرة على الوصول إلى جميع أشكال التواصل وتحليلها وتقييمها"، وبهذا الصدد، قالت المديرة التنفيذية لـ NAMLE ميشيل تشولا ليبكين في مقابلة "يجب أخذ أشكال مختلفة من الوسائط في الاعتبار عند تقييم الأخبار". وأضافت: "لم يعد يكفي الحديث عن محو الأمية التأسيسية، مثل الطباعة والكتابة وقراءة النص، فعلى الرغم من أنّ هذا هو الأساس، لكننا بحاجة إلى تجاوز ذلك، والتأكد من أننا ندمج جميع وسائل الإعلام في عملنا ووقف التضليل".
وختم الكاتب بالإشارة الى أنّ الصحفيين يتعلّمون طرقًا جديدة لمكافحة المعلومات المضللة،
من خلال برامج مثل "زمالة الصحافة في عصر المعلومات المضللة"، كما توجد زمالات من المركز الدولي للصحفيين، وزمالات جون أس نايت للصحافة، التي تسمح للصحفيين باكتشاف طرق لمكافحة المعلومات الخاطئة.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام من قبل CC BY-NC-SA 2.0.