المقابلات الإعلامية.. فرصة للتواصل والتشبيك وفتح باب العمل

بواسطة Elizabeth Groening
Jan 6, 2021 في أساسيات الصحافة
سيدتان تجلسان بالقرب من طاولة مستديرة

يرغب الكثير من الصحفيين بالتواصل مع جهة أو شخص لديه وظيفة الأحلام بالنسبة لهم، لكنّهم لا يدركون ما هو المسار الصحيح للتواصل مع هذا الشخص. ولهذا السبب تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة من الإرشادات التي تتيح للصحفي الإتصال بأشخاص يمارسون العمل نفسه الذي يرغب الصحفي بعمله، وتقديم الصورة الأفضل عنه خلال  المقابلة.

والجدير ذكره أنّ المقابلة الإعلاميّة هي طريقة سهلة وبسيطة لاكتشاف طبيعة العمل في مكان ما، وتشكّل فرصة مميّزة للتواصل والتشبيك، لأنها تربط الصحفي بأشخاص يفعلون ما يريد هو وما يسعى لأن يقوم به. ويساهم هذا النوع من المقابلات باكتشاف الصحفي المزيد عن المهنة التي يرغب بممارستها، وبالحصول على نصائح للإنطلاق بالعمل. وخلال هذه المقابلات، يتعيّن على الصحفي أن يكون كالإسفنجة، أي أن يمتصّ أكبر قدر ممكن من المعرفة.

تقول كاتبة هذا المقال إليزابيث جرونينج إنّ هناك قوة في المقابلات الإعلامية، وأنّها تمكّنت من الحصول على اقتراحات مفيدة لمتابعة التدريبات وكيفية التسجيل بها وأردفت: "منحتني هذه المقابلات الثقة في المجال الصحفي الذي أطمح أن أطوّر نفسي به".

وأضافت: "عندما بدأت بمتابعة دراسة الماجستير هذا العام، كنت جديدة تمامًا في مجال الصحافة، وكنت أمتلك خبرة في الكتابة الإبداعية، وأرغب بإعداد القصص المبهجة والممتعة. وكنت أخشى أن أعترف أنني أريد أن أعمل في مجال الصحافة المتعلّقة بأسلوب ونمط الحياة العصرية"، وتابعت: "قام الأستاذ الذي يوجهني في إعداد التقارير بتشجيعي لإجراء المقابلات الإعلامية، والتي استطعت من خلالها التحدث مع النساء اللواتي يكتبن أنواع القصص التي أريد سردها، مما كشف لي طريقة جديدة في العمل بالمجال الصحفي الذي أحبّه".

ولفتت إلى أنّها أجرت مقابلة مع الصحفية هانا ستينكوبف فرانك التي أعدّت مقالًا مؤخرًا نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وكان متخصصًا بأساليب الحياة العصرية، وأجرت مقابلة أخرى مع جيسي راي برايس التي تعمل في موقع E!، وعندها اكتشفت المسار الوظيفي الذي ترغب باتباعه.

وبعد تعرّفها على النساء الناجحات والإستماع إلى أعمالهن ورحلاتهن، أدركت الكاتبة أنّها ليست مضطرة لتغطية الأخبار "الصعبة" والتقليدية التي لا تهمّها. والأهم أنّه بات بإمكانها العمل في مجال الصحافة وزادت ثقتها بنفسها أكثر مما كانت عليه قبل أن تجري هذه المقابلات الإعلامية.

وفيما يلي بعض النقاط المهمّة لإعداد مقابلة إعلامية:

أولًا، كُن واثقًا وإيجابيًا: تقول كاتبة المقال إنّها لم تكن منفتحة بقدر يسمح لها أن تتعرّف إلى أشخاص جدد، إذ كانت تخشى هذه التجربة، وتتردّد بحال طُلب إليها أن تجري مقابلة، ولكن بعد مرور الوقت، وجدت أنّ معظم الناس يكونون مسرورين بتقديم المساعدة. ولفتت إلى أنّها كلّما كررت عملية التواصل مع الأشخاص كلّما أصبحت الأمر أسهل بالنسبة لها، وشدّدت على ضرورة ألا يقول الشخص "لا" ويستمرّ بالمحاولة.

ثانيًا، أشارت الكاتبة إلى أنّه يجدر بالصحفيين أن يتبعوا أهدافهم ولا يترددوا بالتواصل مع أي شخص يعجبهم عملهم، وألا يفكروا بأنّه لن يردّ عليهم.  وتحدثت عن تجربتها عندما بعثت برسالة عبر تطبيق إنستجرام إلى "اليوتيوبر" المفضلة لديها وتُدعى هالاي رينز، وفوجئت بأنّ الأخيرة ردّت عليها في اليوم نفسه. والخلاصة هي أنّه مهما كان الشخص مهمًا في العمل الذي يطمح الصحفي أن يكون له بصمة فيه، فقد يكون مستعدًا للتحدث معه.

ثالثًا، كتابة الرسالة بشكل دقيق: بعد البحث وإيجاد شخص يمارس نوع العمل الذي تريد القيام به، يمكن إرسال رسالة له عبر البريد الإلكتروني، علمًا أنّ لينكد إن يعدّ مصدرًا مناسبًا للبحث عن الأشخاص. وعند إرسال الرسالة لا بدّ أن يكون أسلوب الصحفي واضحًا ومختصرًا، إذ عليه أن يعرّف عن نفسه بإيجاز وأن يشرح للمرسل إليه سبب الرسالة والطلب إليه بإجراء محادثة لمدّة 15 دقيقة. الجدير ذكره أنّ المحادثة قد تستمرّ لوقت أطول، لكنّ المرسل إليه سيوافق عندما يجد أنّ المدة الزمنية للمحادثة قصيرة. وإضافةً إلى البريد الإلكتروني، توجد خيارات أخرى للتواصل وهي: المكالمات الهاتفية والرسائل المباشرة على تويتر وفايسبوك وإنستجرام. ومهما كانت الوسيلة التي يختارها الصحفي، يجب أن تكون الرسالة تعكس مهنيته وأخلاقه.

وقدّمت الكاتبة مثلًا على رسالة مباشرة كانت قد أرسلتها، وفيما يلي نصّها:

 

صباح الخير كايت،

اسمي اليزابيث. أنا صحفيّة مستقلّة وأتابع دراساتي العليا في جامعة أوريغون. وأتطلّع لكي أصبح صحفيّة متخصصة في "اللايف ستايل" ويلهمني العمل الذي تنتجينه لـ The Ringer.

أودّ أن أطلب منك أن تحدّدي موعدًا مناسبًا خلال الأسبوع المقبل لإجراء محادثة معك مدتها 15 دقيقة. إنني متحمسة لمعرفة المزيد عن خبرتك المهنية وعن النصائح التي تقدّمينها للصحفيين الذين يحبون خوض التجربة العمليّة في المجال الذي تعدّين التقارير فيه.  

أرجو إبلاغي عن الوقت الذي يمكن إتاحته لي. وأنتظر ردّك.

شكرًا لك

  إليزابيث جرونينج

 

وإضافةً إلى ما تقدّم، ركّزت الكاتبة على خمسة نقاط أساسية يمكن لأي صحفي الإستفادة منها:

أولًا، التحضير للمقابلة جيدًا: يسهل على الشخص الذي تجري معه المقابلة أن يكتشف إذا كنت قد حضّرت للمقابلة وبحثت عمّا يعمله وينتجه أم لا، لهذا عليك أن تظهر مدى اهتمامك بما سيقوله الشخص والتحضير جيدًا للمقابلة، وقراءة أحدث أعمال هذا الشخص، والتفاعل معه على لينكد إن والإطلاع على صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة.

ثانيًا، تحضير الأسئلة: من خلال معرفة المعلومات الرئيسية عن الشخص وعمله، ستتمكن من إعداد قائمة تتضمّن أسئلة مهمّة، وتحصل بالتالي على إجابات مثمرة. وعند طرح الأسئلة، على الصحفي أن يفكّر بأهدافه الكامنة وراء المحادثة وماذا يريد أن يعرف منه وعنه، وألا ينسى أنّ وقته محدود ولذلك يجب تنظيم الأسئلة من الأهم إلى الأقلّ أهمية.   

نماذج عن الأسئلة:

- ما هي الطريقة التي اتبعتها للحصول على هذه الوظيفة؟

- كيف تمضي يومك العادي؟

- ما هي المسؤوليات والمهام المولجة إليك في هذا المنصب؟

- ماذا فاجأك في العمل الذي تنفذه؟

- إذا تخيّلت نفسك بعمر أصغر وترغب بأن تعمل في مجال الصحافة، ما هي النصيحة التي تسديها لنفسك؟

 ثالثًا، إلتزم بآداب المقابلات عبر تطبيق "زووم": تجرى معظم المقابلات الإعلامية عبر هذا التطبيق بدلاً من اللقاءات في المقاهي بسبب تفشي جائحة "كوفيد 19"، وعلى الرغم من أنك ستكون مرتاحًا في منزلك، لا بدّ أن تحافظ على الإحتراف والمهنيّة، من خلال فتح رابط "زووم" في الموعد المحدّد، الجلوس على الكرسي، ارتداء ملابس مناسبة ويفضّل أن تكون ألوانها داكنة. كذلك خلال المحادثة، يجب النظر إلى وجه المتحدث، عبر التركيز على الكاميرا العليا في الشاشة. وعندما يرى الشخص الآخر التزامك وحضورك، سيقدّر أنّه يعطي وقتًا لهدف مهم. 

رابعًا، الإصغاء جيدًا: إنّ الهدف الأساسي من إجراء هذه المقابلة هو التعلم، فبعد طرح الصحفي سؤاله، يجب أن يبقى هادئًا ويستمع بجدية إلى إجابة الشخص، وخلال الإستماع قد يلفت نظر الصحفي نقطة معيّنة ليست مدرجة بين أسئلة الصحفي، ويجد أنّه يريد معرفة المزيد عن هذه المسألة. وهنا على الصحفي ألا يصرّ على أنّه يريد طرح جميع الأسئلة التي أعدّها، لأنّه خلال استماعه للشخص الآخر سيحصل على معلومات قيّمة ويجب إعطاء الشخص الآخر وقتًا للتفكير من أجل تزويد الصحفي بإجابات شاملة.

خامسًا، التوجّه بالشكر: في نهاية المقابلة، على الصحفي ألا ينسى كلمة "شكرًا" للشخص على تقديم وقته ومعلوماته، والذي وافق على إجراء المقابلة لأنّه لطيف ومحب، ومن هنا تكمن ضرورة تقديم الشكر والتعبير عن التقدير. كذلك يمكن أن يسأل الصحفي الشخص الآخر إن كان ينصحه بالتواصل مع شخص آخر في هذا المجال. وبعد مضي فترة وجيزة على إجراء المقابلة، يمكن أن يرسل الصحفي رسالة على البريد الإلكتروني للشخص كمتابعة ولشكره مرة جديدة والتعبير عن أنّ المعلومات التي قدّمها كانت مميزة بالنسبة للصحفي. وسيظهر امتنانك واهتمامك بالتفاصيل لهذا الشخص أن مساعدتك كانت استخدامًا ثمينًا لوقته.

بناءً على ما تقدّم، تبرز أهميّة إجراء مقابلات إعلامية وفعاليتها بمساعدة الصحفي على اكتشاف ومعرفة حول الحياة المهنية والمستقبل. وتمثل هذه المحادثات فرصة رئيسية للصحفيين لكي يتعلّموا ويعرفوا المزيد، لذلك عليهم التواصل مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وألا يشعروا بالإحباط إذا ردّ أحد الأشخاص بالرفض على طلب إجراء مقابلة، فالأهم هو محاولة التواصل، حيث سيجد الصحفيون أشخاصًا يمكنهم أن يكتسبوا منهم المعرفة والخبرات.

لقد نُشر هذا المقال للمرّة الأولى على صفحة إليزابيث جرونينج. وأعيد نشره على شبكة الصحفيين الدوليين بعد الحصول على إذن.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش بواسطة Christina @ wocintechchat.com