هناك نُدرة في موارد تدقيق المعلومات المُتاحة لمجتمعات الصُمّ وضعاف السمع اليوم، حتى مع تزايد المعلومات الخاطئة والمضللة على الإنترنت.
وفي جلسة قدّمها منتدى باميلا هوارد لإدارة الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين، قال الصحفي الاستقصائي ومؤسس CT Media Uganda، ويلي تشوو، إنّ "مجتمع الصُمّ عُرضة بشكل خاص للمعلومات المضللة، ويعاني من مشكلات تتعلق بإمكانية الوصول إلى المحتوى الرقمي، والمعلومات الدقيقة، وأعضاء المجتمع على الإنترنت".
ومع ملاحظته لهذه الفجوة، أطلق تشوو مشروع لغة الإشارة الأوغندية في يوليو/تموز 2023؛ لتوعية مجتمعات الصُمّ وضعاف السمع بأخطار المعلومات المضللة، وإمدادهم بالحلول.
وقال تشوو: "نُدير هذا المشروع تحت شعار (لا تُشارك.. تحقق أولًا)".
مشروع لغة الإشارة الأوغندية
هناك أكثر من مليون شخص في أوغندا يعاني من صعوبات متوسطة أو حادة في السمع.
وأشار تشوو إلى أنّه نظرًا لنُدرة مترجمي لغة الإشارة، وعدم إمكانية الوصول إلى وسائل الإعلام، وعدم كفاية جهود تدقيق المعلومات، قد يعاني الفريق من صعوبة في إيجاد معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب، مضيفًا "هناك عدد ضئيل من المنظمات المُعتمدة التي تعمل على تدقيق المعلومات في أوغندا، وإذا قدمت هذه الخدمة لا تقدمها للصُمّ".
وبعد حضور القمة العالمية لتمكين الحقيقة التي ينظمها برنامج مكافحة المعلومات المضللة التابع للمركز الدولي للصحفيين، في مارس/آذار 2023، طوّر تشوو فكرة للاستفادة من الهواتف الذكية لإنتاج محتوى متعدد الوسائط بإمكانه مساعدة جماهير الصُمّ على أن يكونوا أكثر وعيًا بالوجود الطاغي للمعلومات المضللة.
وقال تشوو: "نستخدم لغة الإشارة لمكافحة المعلومات المضللة، وهي أداة فعالة عندما تُستخدم بشكل مناسب بين مجتمع الصُمّ".
توزيع المعلومات
وتُعد مقاطع الفيديو الطريقة المُفضلة للمجتمعات التي تعاني من صعوبات في السمع لتلقي المعلومات إذ تتيح للجماهير قراءة لغة الإشارة في نفس الوقت في نوافذ صغيرة داخل الفيديو.
وتساءل تشوو: "إذا كان هناك بعض المعلومات على الإنترنت، فلماذا لا يُمكننا تسجيل مقطع فيديو قصير يسرد القصة؟"، مستكملًا: "قد يكون عن قضايا الصحة أو التعليم أو التوظيف، وهذه هي الفكرة وراء رقمنة لغة الإشارة في أوغندا".
وأوضح تشوو أنّه ينبغي أن تشمل هذه الفيديوهات معلومات مُدَقّقة، وأن تتوافق مع منصات مثل واتسآب وفيسبوك ويوتيوب وتيك توك.
وتُعد الرسائل النصية القصيرة الآلية وسيلة أخرى يُمكن استخدامها لمشاركة المحتوى المُعد بلغة الإشارة بين أفراد المجتمع. وأضاف تشوو: "بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين لا يستخدمون واتسآب أو الذين لا يمتلكون هاتفًا ذكيًا، بإمكان مدققي المعلومات إرسال رسالة نصية قصيرة حول معلومات بعينها يشعرون بأهمية معرفتها لهم".
وأضاف تشوو أنّه يُمكن أيضًا نشر المحتوى المُدَقّق مباشرة على أرض الواقع من خلال الأفراد المتقنين للغة الإشارة، موضحًا "أول أمر ينبغي فعله هو إتاحة مترجمي للغة الإشارة والمُدَربين على التواصل بين الأشخاص، في الأوقات الهامة في الأماكن العامة مثل المستشفيات أو المدارس أو اجتماعات المجتمع".
ولتسهيل نشر الأخبار الموثوقة، أطلق تشوو أيضًا مجموعة على واتسآب لجمع أعضاء مجتمع الصُمّ وضعاف السمع بمترجمي لغة الإشارة.
التغلب على التحديات
وكان الافتقار للوعي بالمعلومات المضللة، ووجود فجوات في التثقيف الرقمي، واستخدام الهواتف الذكية التي عفا عليها الزمن، جميعها تحديدات أمام تشوو لمعالجتها.
وشرح تشوو أنّ أغلب المُتدربين لديه كانوا عاجزين في البداية عن إظهار المهارات الرقمية، والمنهجية الضرورية لتدقيق المعلومات. كما افتقروا إلى التثقيف الرقمي والخبرة في تحليل البيانات، ووجهت هذه النتائج البرمجة لتقوية هذه المهارات.
وقال تشوو إنّ عدم كفاية الموارد المالية تُعيق دمج مجتمعات الصُمّ وضعاف السمع على الإنترنت، فعلى سبيل المثال، لم يمتلك اثنان من متدربيه الإحدى عشر هواتف ذكية لإنتاج محتوى مُتعدد الوسائط بلغة الإشارة، كما أدت محدودية إمكانية الولوج إلى الإنترنت عبر أوغندا إلى أنّ البقاء عليه لبناء الحضور الرقمي شكّل مشكلة لجميع أعضاء المجموعة.
كما دلّ تشوو المشاركين إلى موارد تدقيق المعلومات من Pesa Check، وAfrica Check، وDubawa، داعيًا محطات الراديو وبرامج البودكاست إلى نشر نسخ مكتوبة لمحادثاتهم على مواقعهم الإلكترونية.
بناء شبكة من مدققي المعلومات
ويُوفر الاشتراك في مشاريع لغة الإشارة عبر البلاد طريقة للصحفيين للاطلاع على القضايا التي تواجه مجتمعات الصُمّ وضعاف السمع، ومساعدتهم على إيجاد الحلول للوصول إليهم بالتغطيات.
وقال تشوو: "أعتقد أنّ المشروع جاء في الوقت المناسب"، مضيفًا "الصحفيون ضعاف السمع مؤهلون وبإمكانهم إنجاز العمل".
كما دعا تشوو أصحاب المصالح في وسائل الإعلام للقيام بدور أكبر في التوعية بلغة الإشارة.
وقال تشوو: "عندما قدمنا التدريب، جاءت العديد من وسائل الإعلام ونُشر الخبر على شاشات التليفزيون المحلي وفي الصحف القومية والمواقع الإلكترونية، وخلق هذا وعيًا بشأن ما يعيشه هؤلاء الناس وحاجتهم إلى التحقق من معلوماتهم وتدقيقها وإرسالها"، مختتمًا "قصصهم لا تُحكى لأنّنا نعجز عن التحدث معهم".
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على Pexels بواسطة cottonbro studio.