إرشادات للصحفيين الذين يرغبون في التغلب على رهبة التحدث أمام الجمهور

بواسطة Beryn Orera
May 5, 2025 في أساسيات الصحافة
صورة عن التحدث أمام الجمهور

يُعد التحدث أمام الجمهور مهارة ضرورية للصحفيين سواء كان الأمر يتعلق بإدارة ندوة، أو إجراء مقابلة مباشرة، أو إلقاء كلمة رئيسية. ومع ذلك، يعاني ما يقرب من 75% من الناس من الخوف منها، مما يجعلها مصدر قلق لديهم وقد يحدّ من مسيرتهم المهنية.

وفيما يلي ثماني استراتيجيات يُمكن للصحفيين استخدامها للتغلب على الخوف من التحدث أمام الجمهور:

(1) اعرف موضوعك، وجمهورك، وأسلوب العرض المناسب

في البداية، ينبغي أن تقرأ جيدًا عن الموضوع الذي ستتحدث عنه، فهذا سيُعزز ثقتك بنفسك، ويُمكنك من تقديم معلومات دقيقة. كما أن معرفة جمهورك المستهدف من حيث الفئة العمرية والجنس، إلخ.. يساعدك على صياغة رسالتك بما يتناسب مع فئات جمهورك.
ومن الضروري فهم أسلوب العرض الذي ستُقدّمه لجمهورك. وتتطلب كل من إدارة حلقات النقاش، أو البث المباشر، أو إلقاء كلمة رئيسية نهجًا مختلفًا للحفاظ على تفاعل الجمهور.

من جهته، يقول نيك مورغان، رئيس شركة Public Words ومؤلف كتاب "Power Cues: The Subtle Science of Leading Groups, Persuading Others, and Maximizing Your Personal Impact": "إحدى الطرق الفعّالة لجذب انتباه جمهورك هي السرد القصصي، وبالرغم من أهمية امتلاك المعرفة، إلا أن الإكثار من الحقائق أو الأرقام في العرض التقديمي قد يُربك الجمهور".

(2) أهمية الممارسة لإتقان التحدث أمام الجمهور

قد يخشى الصحفيون من ارتكاب الأخطاء أثناء تقديمهم للعرض أمام الجمهور، لكن التركيز على هذه المخاوف لا يفيدهم.

من ناحيته، ذكر جوليان تريجر، خبير الصوت والتواصل أنّ "التوتر هو حماس ممزوج بالخوف من الفشل، ويمكننا التغلب على هذا الخوف من خلال التدريب المستمر"، وأضاف قائلاً: "إذا كنت ستُقدّم عرضًا أمام الجمهور، فتدرب على حديثك حتى تحفظه عن ظهر قلب، حتى تستطيع التفاعل معه مثل عازف موسيقى الجاز، وتتمكن من الارتجال حول محاوره". ونصح أيضًا بالانضمام إلى مجموعة Toastmasters، أو التدريب أمام الأصدقاء، أو الاستعانة بمدرب.

كما نصح مورغان بعدم حفظ الحديث حرفيًا، ودلل على ذلك قائلاً: "بدلًا من ذلك، تمتع بفهم جيد لكيفية تسلسله بطريقة طبيعية أثناء حديثك حتى لا يبدو الكلام وكأنه محفوظ، كما أنه من المفيد أن تكون مستعدًا للأسئلة المُحتملة والمشكلات التقنية. وعندما يراودك الخوف من الرفض، ذكّر نفسك بأن الجمهور جاء ليستفيد من الرؤى القيّمة التي تُقدّمها، وليس للحكم عليك".

(3) إذا كنت تشعر بالحرج من صوتك، اعمل على تحسينه

لا يحب الكثير من الناس صوتهم وخصوصًا عند سماع صوتهم في تسجيلات صوتية، مما قد يدفع بعض الصحفيين لتجنب الظهور على الهواء أو التحدث أمام الجمهور.

وأضاف تريجر: "إذا كان صوتك مهمًا بالنسبة لك، ففكّر في الاستعانة بمدرب محترف لتحسين نبرته. كما أن ممارسة تمارين الإحماء الصوتي يوميًا وقبل أي عرض تقديمي مفيد أيضًا"، وأضاف: "احرص على شرب الماء بدرجة حرارة الغرفة أو الشاي الدافئ لتحسين جودة صوتك مع تناول عسل طبيعي بانتظام، خاصة قبل الحديث أمام الجمهور، كما يُنصح بتمارين التمدد ووضعيات القوة قبل الإلقاء".

وأوضحت دانيا براونشتاين، أخصائية علم النفس الإعلامي في Connected Psychology، أننا نصبح أكثر ارتياحًا تجاه الأشياء التي تُسبب لنا القلق كلما تعرضنا لها أكثر، مضيفةً: "إنّ الاستماع المتكرر إلى صوتنا في التسجيلات الصوتية يجعلنا نعتاد عليه ويُقلل من شعورنا بالحرج".

(4) ركز على اللحظة الراهنة
وعند الشعور بالقلق أثناء التحدث أمام الجمهور، قد ترتجف، أو يرتعش صوتك، أو تفقد تسلسل أفكارك. وقد يتحول تركيزك من العرض التقديمي إلى أفكار سلبية.

وفي هذا الصدد، نصحت براونشتاين قائلةً: "استخدم تقنيات التنفس والتركيز الذهني قبل تقديم العرض للسيطرة على التوتر"، وأضافت: "إنّ التنفس المربع من الأساليب الشائعة لتخفيف التوتر، وتهدئة العقل. ولممارسة هذه التقنية، خذ نفسًا عميقًا مع العد إلى أربعة في صمت، ثم احبس أنفاسك لأربع عدات، ثم أخرجها لأربع ثوانٍ، ثم قم بحبس النفس مرة أخرى لأربع ثوانٍ أخرى، وقم بتكرار هذا التمرين ثلاث أو أربع مرات".

وأكملت براونشتاين حديثها قائلةً إنّ تقنيات اليقظة الذهنية والارتكاز على الحاضر يُمكن أن يكون مفيدًا أيضًا. وأضافت: "عندما تبدأ أفكارك بالانشغال بالقلق بشأن أدائك، قم بإعادة تركيزك إلى اللحظة الراهنة. ولذلك، من المفيد التركيز على أحاسيسك الجسدية، مثل ملاحظة إحساس قدميك وهما تضغطان برفق على الأرض، وشعور الهواء يتحرك عبر أنفك، والاستماع إلى الأصوات من حولك. عندئذ، حاول ألا تركز على الأحاسيس المرتبطة بالقلق".

(5) عزز ثقتك بنفسك من خلال لغة الجسد

عندما تشعر بالتوتر، قد تتجمد في مكانك، أو تضم يديك أمامك، أو تقف بعيدًا عن جمهورك. للتغلب على هذا الشعور، وتمنح نفسك حضورًا واثقًا، استخدم إشارات غير لفظية بشكل واع لكي تُبرز ثقتك بنفسك.

وأوضح مورغان قائلاً: "يُمكنك إظهار ثقتك بنفسك من خلال الإيماءات المفتوحة، مثل إبقاء يديك مفتوحتين مع وضع راحتاهما بزاوية 45 درجة، والاقتراب من جمهورك، واستخدام تعابير الوجه التي تُظهر الاهتمام والحماس، مثل الابتسام والإيماء بالرأس".

(6) أهمية التواصل مع جمهورك

قد يبدو التحدث عبر الراديو، أو التلفزيون، أو أي منصة أخرى أمرًا مُرهقًا.  فمجرد التفكير في جمهور كبير يشاهدك أو يستمع إليك قد يُثير لديك الشعور بالقلق، وقد تشعر بالتوتر أيضًا عند محاورة شخصيات بارزة، مثل السياسيين، أو تعاني من الخجل أثناء التحدث أمام الكاميرا. كل هذه المخاوف قد تؤثر بشكل كبير على قدرتك على التقديم بفعّالية.

واستطرد مورغان قائلاً: "إذا كان ضيفك جالسًا أمامك، ركّز على الحديث معه وتجاهل الكاميرا. وإذا كنت تحاور شخصية بارزة، فتذكّر أنه إنسان مثلك، كما أن موافقته على إجراء الحديث معك يوضح تقديره لوجودك والتأثير الإعلامي الذي تضيفه"، مشيرًا إلى أنك عندما تتحدث أمام الكاميرا، فينبغي أن تركز على النقطة الحمراء وأن توجه إليها: "طاقتك وحماسك وشغفك بالموضوع"، وعندما تُقدّم خطابك أمام جمهور كبير، ابحث عن وجوه ودودة تتفاعل معها، موضحًا بأنّه: "سيلاحظ الجميع تواصلك مع الجمهور، والتشجيع الذي تحصل عليه من تلك الوجوه الودودة، مما سيمنحك شعورًا بالهدوء والثقة".

(7) بناء صورة إيجابية عن الذات

إنّ العمل تحت الأضواء يجعل الصحفيين عُرضة للمراقبة المستمرة. وقد يتجنب البعض الأدوار التي تتطلب منهم التحدث أمام الجمهور خوفًا من انتقاد مظهرهم مثل تقديم البرامج التلفزيونية، وبالتالي يفضلون العمل خلف الكواليس.

وذكرت براونشتاين: "من المهم أن نظهر بشكل إحترافي على الشاشة، لكن علينا أن ننتبه إذا بدأنا نقضي وقتًا طويلاً في الانشغال بمظهرنا الخارجي. وعلينا أن ندرك أن هدف الصحافة هو إيصال معلومات قيّمة، وهو ما يركّز عليه الناس أكثر من اهتمامهم بمظهرك الخارجي، كما أن تنمية التعاطف مع الذات وتقبّلها يساعدك في التغلب على النقد الذاتي"، وأضافت قائلةً: "قد يكتب بعض الناس انتقادات حول مظهر شخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً النساء في وسائل الإعلام. ونصيحتي هي عدم قراءة أي تعليقات من الجمهور العام، لأنها غالبًا لا تكون مفيدة".

 (8) قم باستشارة أخصائي رعاية صحية
وإذا كنت تعاني من قلق مستمر عند التحدث أمام الجمهور، فمن الأفضل استشارة أخصائي نفسي للحصول على الدعم. ويُمكنه أن يضع خطة علاجية تناسب حالتك. وفي هذا الصدد، ذكرت ماريان ترينت، أخصائية علم النفس السريري ومُقدمة بودكاست "Aspiring Psychologist" وعضوة في جمعية الأخصائيين النفسيين السريريين في المملكة المتحدة، بأنه قد يرى الطبيب المختص أنك بحاجة إلى أدوية تساعد على تخفيف القلق.

وأضافت قائلةً: "إنه بالرغم من أن الكثيرين يجدون أن هذه الأدوية تمنحهم مساحة من الراحة لتجاوز الضغوط التي قد تُسببها إلقاء العروض التقديمية أو المواقف التي تتطلب التحدث أمام الجمهور، إلا أنها لا تعالج الأسباب النفسية للقلق. لذلك، من الأفضل اعتبارها دعمًا قصير المدى وليس حلاً طويل الأمد".

واختتمت ترينت حديثها بأهمية بناء الثقة من خلال المزج بين الأساليب العملية للتحكم في التوتر مثل تمارين التنفس، وتمارين التأمل مع التعرض التدريجي للمواقف المثيرة للقلق، ومع التدريب المستمر، يُمكن للصحفيين  التغلب على القلق الذي ينتابهم أثناء التحدث أمام الجمهور ويحققون النجاح في مسيرتهم المهنية.


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة ماثيو أوزبورن.