عادة ما تتجاهل القصص القليلة التي تنشرها وسائل الإعلام الرئيسية عن المناطق الأقل حصولاً على تغطية إعلامية في العالم، الأصوات المحلية، وتهمل السياق، وتكرر القوالب النمطية، ونادرا ما تتابع القصص بعد انتهاء الحدث الإخباري الكبير. بالاستعانة بهذا التشخيص، وبهدف مساعدة النساء المحليات على أن يصبحن صحفيات محترفات، أسست كريستي هيجرانز معهد الصحافة العالمية منذ 10 سنوات.
"نحن نرى قصصاً محلية فريدة أكثر مما نرى مآس، على عكس المراسلين الأجانب الذي يهبطون بالمظلات في أوقات الكوارث ثم يرحلون"، كما قالت هيجرانز خلال العيد السنوي العاشر لمعهد الصحافة العالمية، والذي عقد في سان فرانسيسكو في اليوم العالمي للمرأة. وتضمن الحدث معرضاً للصور الفوتوغرافية به 60 صورة شخصية لصحفيات المعهد، فضلاً عن مشاريع تم الانتهاء منها من ثلاثة مكاتب إخبارية من مكاتب المعهد الـ41: وهي مكاتب جمهورية الكونغو الديمقراطية، والمكسيك، ونيبال.
وأضافت: "نحن ننظر للقصص وجهة نظر المجتمع. صحفيونا لديهم فرصة للوصول لأفكار وموارد استثنائية لأنهم موجودون في المجتمع ويتكلمون اللغة المحلية."
منذ تأسيس معهد الصحافة العالمية، قام بتدريب وتوظيف ما يزيد عن 160 امرأة في 26 دولة. ولدى المعهد منهج يتضمن 24 نموذج تدريبي يغطي كل شيء من تقنيات إجراء المقابلات، لإعداد التقارير والكتابة إلى التصوير الصحفي، والفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت هيجرانز "نحن نُدرس الصحافة الأخلاقية لإنتاج تقارير غير متحيزة ودقيقة". وأضافت، "لدينا خمس درجات من تدقيق الحقائق ونحن على استعداد لتأجيل قصة لتصبح دقيقة وصحيحة تماماً. وفي خلال عشر سنوات، نشرنا فقط 14 تصحيحاً. "
ما وراء الصورة النمطية
وأنشأ المراسلون المحليون في أماكن مثل باناخاتشيل في جواتيمالا، وبوكافو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولكناو في الهند، مكاتب أخبار ويمكنهم كسب ما يصل إلى US$1,000 شهرياً مقابل القصص التي ينتجونها. يتم نشر المقالات في مجلة الصحافة العالمية، وهي مبادرة متعددة اللغات تروج المحتوى إلى أكثر من 100 دولة بـ13 لغة مختلفة.
"إنه أمر مثير للإعجاب كيف أن بعضاً من هؤلاء المراسلين بدأ في تعلم أساسيات مثل مايكروسوفت وورد، والآن هم يروون قصصاً لن تقرأها أبداً في صحيفة أمريكية"، تقول إيفون جينوت لاينز ، وهي محررة أرجنتينية عينت مؤخراً منسقة التدريب في معهد الصحافة العالمية.
ووفقا لبحثها الداخلي، فأقل من 2٪ من المصادر في وسائل الإعلام الدولية هن مواطنات غير ناطقات باللغة الإنجليزية. وكجزء من تدريبهن، تحصل الصحفيات على كاميرات ومسجلات رقمية لالتقاط تلك الأصوات غير المسموعة التي نادراً ما تظهر في وسائل الإعلام.
"في الأرجنتين، كان دائماً من المخيف للدخول للمناطق العشوائية (مدن الصفيح). وكان من الصعب حتى على سيارات الإسعاف الوصول إلى هناك. الآن لدينا أصوات محلية تروي لنا كيف هي الحياة هناك حقاً، بعيداً عن الصور النمطية "، أضافت جينوت لاينز.
وقالت وايريمو ميتشينجي، المحررة الإقليمية لمعهد الصحافة العالمية في أفريقيا، إنه إذا كان هناك مكان في العالم تتكرر فيه القصص فهو أفريقيا. وأضافت أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال، غالباً ما توصف بأنها عاصمة الاغتصاب في العالم أو مكان يستهلكه العنف والفوضى السياسية.
وأضافت "هذا هو ما تخطيء فيه وسائل الإعلام.. حتى إذا كنا نريد إنتاج القصص بسرعة بسبب الثورة الرقمية، فيتعين علينا أن التركيز على الحصول على القصص الحقيقية والدقيقة، لأن أضرار عدم دقة في بعض الأحيان لا يمكن إصلاحها."
وتقيم ميتشينجي في نيروبي، بكينيا، حيث قامت ببناء شبكة موثوق بها من المصادر التي تتحدث لغتها ولا تراها كأجنبية "مندهشة" من حياتهم اليومية.
وقالت "أعرف السياق الاجتماعي والسياسي الذي يتيح لي فهم معاركهم، والأهم من ذلك إنسانيتهم". ونتيجة لذلك، فقد كتبت ميتشينجي قصصاً استقصائية، مثل قصة عن مهرب كيني ساعد مهاجرين غير شرعيين للوصول لأوروبا، وكذلك بروفيل لرجل الدين يرحب بالمثليين والمثليات في كنيسته.
"الصحافة عمل شاق"
لمواجهة بيئات العمل المعادية لوسائل الإعلام، يحصل الصحفيون على دورات تدريب في مجال السلامة ويضعون خططاً لإدارة المخاطر. ومع ذلك، ثمة تحد آخر يواجه هؤلاء المراسلين وهو ازدهار صحافة المواطن.
"نحن نفهم أن القصص غالبا ما تكون من وجهة نظر الناشط، لذلك فالكثير من قصصهم لا يكون بها توازن (تحريري)"، قالت مانوري ويجيسكرا، المحررة الإقليمية في آسيا، ومقرها في سريلانكا. وتضيف، "نظرا لنوع القصص التي نغطيها، علينا أن نقول لا لهذا النوع من الصحافة. إن هذا مثل قول الأطباء المواطنين: لا يمكن لكل شخص الدخول لغرفة العمليات. الصحافة عمل شاق، عليك أن تقوم بالدراسة ".
وتذكرت ويجيسكرا قيامها بالتحقق من الحقائق الواردة في قصة قادمة من صحفي مواطن تقول إن نحو 7 مليون فتاة في الهند تعملن في العمل القسري. واستند المقال إلى تقرير لليونيسيف صادر في 2013، مما يجعل الإحصائيات الواردة فيه تبدو كما لو كانت من عام 2015، بينما في الحقيقة، جاء هذا العدد من دراسة لمنظمة العمل الدولية عام 2002. "أحياناً يجب التحقق حتى من المعلومات التي تبدو كأنها بيانات قوية حقاً، من مصادر على الأرض"، كما أوضحت.
وأضافت، "آسيا مكان مركب ومتغير، هي وباقي الأماكن التي نقوم بتغطيتها.. قصصنا تصل لجمهور عالمي، متحدية بهذا حتى النوع الاجتماعي والقواعد الأخلاقية - وهذه هو قيمة ما نقوم به."
الصورة الرئيسية والثانوية تم التقاطها بواسطة جيني مانريك.