في عالمنا العربي وبشكل خاص في مناطق الصراعات والحروب، نواجه في كل يوم خلال عملنا الصحفي قضايا حساسة تفرض علينا إخفاء هويّة الشخص الذي نقابله، وبشكل خاص فيما يتعلق بقضايا الأطفال فمثلاً في موقع يد صغيرة (Tiny Hand) المتخصص بقصص الأطفال في مناطق الحروب، هناك ضوابط في التصوير وخاصة تلك القصص التي قد تعرّض الطفل أو عائلته ومحيطه للخطر.
تشارك شبكة الصحفيين الدوليين معكم دليلاً في التصوير يمكنكم الاعتماد عليه لإخفاء هوية الشخص الذي تقابلونه، لكن مع التأكيد أنّ هناك حالات قد تفرض عليكم تجنّب استخدام الصور بشكل قاطع كي لا تعرّضوا الشخصية للخطر، ويعود تقييم ذلك للصحفيين وللمسؤولين في المؤسسات الإعلامية.
تصوير أشياء تعبّر عن مضمون القصة
تمتاز صور الشخصيات المجهولة بعمقها العاطفي وبتركيبتها وتفاصيلها المذهلة، تعلّمنا كيفية سرد القصص بدون استخدام التعبيرات وتقدير الأجزاء الأخرى من الشخصية، وكيفية التوافق بين مهارات التصوير الفوتوغرافي المتعددة.
هنا مثال عن صورة لأم فقدت طفلها في قصف بسوريا، لم ترغب بالكشف عن وجهها لأسباب أمنية وتمّت الاستعاضة عن ذلك بعرض تفاصيل ترتبط بطفلها وأغراضه التي تحتفظ بها وتصطحبها معها في رحلة نزوحها وانتقالها من مكان إلى آخر.
الصورة بعدسة خليل العشاوي/ Tiny Hand
لقطات مقرّبة لأجزاء من الجسم
بدون تعابير الوجه، سيكون للتصوير الفوتوغرافي مساحة أكبر للعناصر الأخرى، وذلك من خلال التركيز على أجزاء من الجسم مثل الكتفين، والشعر، والأصابع، أو اليدين.
هنا هذا المثال: إنّ هذه الصورة هي جزء من تقرير يتحدّث عن قصة طفل يعمل في مجال تكرير النفط غير النظامي، الصناعة المنتشرة في مناطق في شمال سوريا.
الصورة بعدسة بكر القاسم/Tiny Hand
استخدام المناطق المحيطة والتفاصيل والتركيبات
كل جزء من هذا النمط من الصور يجب أن يروي جانباً من قصتك، ويتم توظيفه لتحقيق هذا الهدف.
يجب أن تكون على دراية بالتركيبات والتفاصيل والخلفيات، هذا يتطلب معرفة قوية بكل من تصوير المناظر الطبيعية والصور الشخصية.
هذه القصة عن أطفال سوريين كانوا ضحايا الحرب الدائرة في بلادهم، يعملون في مهن خطيرة، وخسروا منازلهم وكانوا شاهدين على مجازر ونزوح.
كل عنصر من عناصر هذه الصور تمّ توظيفه في رواية القصة.
غالبًا ما ننسى أن ننظر إلى محيطنا من وجهة نظر إبداعية إذا فعلنا ذلك، لوجدنا أفكاراً رائعة في أكثر الأماكن غير المتوقعة.
وهنا يمكنك التركيز بشكل كبير على جودة قصصك، اجعل صورك المجهولة الوجه عاطفية كما تريد، وكن واثقاً من أنها ستؤثر على العديد من الأشخاص.
صورتان بعدسة عمر علوان/ Tiny Hand
إظهار العناصر المفضّلة
يمكنك التقاط صورة ليدين وهما تمسكان بعنصر ما، عندما لا يشعر الشخص برغبة في إظهار وجهه، يمكنك ببساطة اللجوء إلى هذه الطريقة. وغالباً ما تكون النتائج مثيرة للاهتمام.
الصورة حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش
الصور الظليّة "silhouette"
أي الصور التي تظهر بشكل معتم بالاعتماد على ضوء الشمس.
لا يهم هنا ماذا تستخدم في تصوير هذا النمط من الصور "سواء كاميرا موبايل، أم كاميرا احترافية"، كلّ ما تحتاجه للحصول على هذه النتيجة هو أن يقف الشخص الذي ترغب في ظهوره بشكل معتم أن يقف أمام مصدر الضوء، مما يؤدي إلى اختفاء تفاصيل وجهه وظهوره بشكل معتم.
صورة داخلية ظلية
في حال فضّلت الشخصية التي ترغب بتصويرها التصوير الداخلي، يمكنك اعتماد الطريقة السابقة نفسها، لكن عوضاً عن الاعتماد على أشعة الشمس كمصدر تقف أمامه الشخصية يمكنك الاعتماد على إضاءة داخلية.
الصورة التالية لأشخاص يعملون داخل مصفاة نفط بدائية في الشمال السوري، الإضاءة المعتمدة فيها هي وهج اضاءة خلف العاملين.
تصوير خليل العشاوي/ Tiny Hand
وضعيّات التصوير:
لقطة من الظهر:
اطلب من الشخصية أن تدر ظهرها لك وقم بالتقاط صورة لها، إن هذا النمط من الصور توحي بلحظة انعكاسية تدعو فيها المشاهد للانضمام إليها والتفاعل معها.
تصوير سعد علوان/ Tiny Hand
لقطة من الكتف:
مثال هذه الصورة الحاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش.
لقطة النظر إلى الأسفل:
هذه طريقة شائعة لتكون الشخصية حاضرة في صورك ولكن لا تكون حاضرة في نفس الوقت، ويمكن تنسيق الصورة من خلال إضافة تفاصيل تضفي جمالية على الصورة، مثل الأرضية أو السجاد أو حتى الحذاء.
هذه فرصتك كي يرى المشاهد ما تراه مميزاً في الشخصية.
الصورة حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش.
إليك مجموعة نصائح تستفيد منها في كل طريقة من الطرق التي ذكرناها سابقاً وتساعدك خلال التصوير:
ـ لا تلتقط صوراً لأماكن فارغة أو صورة لا تحتوي عنصراً بشریاً، العنصر البشري هو أساس الصورة الصحفیة، مع بعض الاستثناءات، فالصور الخالیة من العنصر البشري یجب أن یكون لها هدف.
-اجعل هدفك دائماً في وسط الكادر.
- التصویر غیر المباشر: هناك طرق كثیرة للقطات تساعد في التقریر. فإن كانت المقابلة مع شخص یتحدّث عن آخر مثلا، مثل أب یتحدث عن ابنه، أو زوج عن زوجته، اطلبوا منهم صوراً لهم.
مثال: صورة أم تحمل موبايل عليه صورة لطفلها الذي قتل في قصف استهدف منزلها في سوريا.
تصوير خليل العشاوي/ Tiny Hand
- كلما كان عدد الصور أكبر، كلما كان الأمر أفضل كي تختار الأنسب للتقرير.
- قم بتنويع زوايا التصوير، حاول أن تصوّر اللقطة نفسها من أكثر من زاوية.
- فكر بالصورة تماماً كما تفكر بالتقرير، قم ببناء قصتك صورة تلو الأخرى.
في نهاية الأمر، كل ما ذكرناه يرتبط بحساسية القصة والشخصية التي يتم الحديث معها، ولكن بالنسبة لمنظمة اليونيسيف التي تعنى بحقوق الطفل، فهي ترى أنه يجب عدم نشر قصة صحفية أو صورة قد تعرّض الطفل أو أشقائه أو أقرانه للخطر، حتى عند تغيير هويات الأطفال أو حجبها أو عدم استخدامها.
إقرأوا أيضًا: ماذا تنشر وماذا تتجنّب خلال تغطية قضايا الأطفال؟
وأخيراً، يمكنك الاستعاضة عن الصورة برسومات أنيميشن كي تعبّر عن قصتك، وهو الأمر الذي لجأ إليه الفريق في موقع يد صغيرة Tiny Hand عندما تحدث عن قصة طفلة فقدت النطق بسبب رحلة اللجوء الخطيرة التي مرّت بها في البحر، ورغم أنّ الفريق يمتلك الصورة الحقيقية للطفلة لكنّه وجدَ أنّه من الأفضل عدم نشر صورتها من أجل سلامتها وتحويل قصتها لرسومات أنيميشن. يمكن حضور القصة عبر الضغط هنا.
"الدليل السابق تم إعداده بالتعاون مع خليل العشاوي وهو مصوّر مع وكالة رويترز ومؤسس موقع Frontline In Focus المتخصص بقضايا الإنسان في مناطق الحروب والنزاعات".