ماذا تنشر وماذا تتجنّب خلال تغطية قضايا الأطفال؟

بواسطة Hadil Arja
Sep 13, 2021 في موضوعات متخصصة
صورة

إن كانت الصورة تُغني عن ألف كلمة، فما حال تلك الصورة التي يتم نشرها في غير مكانها وإن كانت تعادل ألف كلمة، نتحدث هنا عن صور الأطفال في مناطق الحروب والنزاعات وخاصة تلك التي تكون وليدة لحظة الحدث.

ويعود بعض هذه الصور التي ربما كنت واحداً ممن صادفها على منصات السوشيال ميديا أو بعض الوسائل الإعلامية، لأطفال قتلوا أو ربما أصيبوا بسبب قصف ما، مضرّجين بالدماء والغبار.

لكن لماذا عليك أن تفكر مرتين قبل أن تنشر أو تعيد نشر هذه الصور؟

في العام 2015 ومن  داخل أجمل حدائق العاصمة البلغارية خرجت أقسى الصور لصبي في السادسة عشر من عمره وجد مرمياً على أحد مقاعد حديقة "بوريسوفا غرادينا"  التي عادة ما يقصدها السكان المحليين للاسترخاء.

نشرت حينها في وسائل إعلام رائدة وعدد من المواقع الإلكترونية الصور التي يمكن للمشاهد أن يرى من خلالها الجروح على وجه وجسد الصبي المقتول، والتي تكشف في الوقت نفسه عن هويته.

إضافة إلى أنّ ما حصل من نشر يعتبر انتهاكاً وفقاً لمدونة الأخلاقيات في الإعلام البلغاري، فإنّ ما حصل اعتبرته منظمة اليونيسيف في دليلها "الأطفال والإعلام" مثالًا على "المعاملة المهينة لذكرى الصبي المتوفّى" على حدّ وصفها، لأن ما حصل من انتشار للصور زاد من آلام عائلته وأقاربه وأصدقائه.

باختصار لا ينبغي "التغطية المثيرة" لمثل هذه الأحداث المأساوية، لأن ذلك سيكون سبباً لإحداث صدمة لأصدقاء الضحايا وأقرانهم الذي يتعاطفون مع المأساة.

إقرأوا أيضًا: مبادئ يجب مراعاتها خلال التغطية الصحفية لقصص وتقارير عن الأطفال

واين ويليامز، نائب رئيس مكتب سي بي سي نيوز يقول: "يجب التعامل مع هذه القصص بحساسية مع أخذ وضع الأسرة في الاعتبار". بالنسبة إلى ويليامز، فإن تقليل الضرر هو "مسألة كيفية التعامل مع الصورة، وليس ما إذا كان ينبغي القيام بنشرها أم لا".

هناك  بعض الوسائل الإعلامية مثل CTV تعتقد أنّ التلفزيون لديه القدرة على تقليل تأثير الصورة من خلال بثها لفترة زمنية قصيرة، لا تتجاوز ثلاث ثوانٍ. لكن سواء تم عرض الصورة لمدة ثلاث ثوانٍ أو طباعتها في الجزء الخلفي من الورقة، فستكون هناك صورة يمكن رؤيتها. ويتطلّب الأمر جهداً، لكن يجب أن نضع أنفسنا في مكان الأطفال، ونتخيّل كيف يشعرون أو كيف ستؤثر أفعالنا على مشاعرهم، وكلنا كنا أطفالاً لذا يمكننا أيضاً الاعتماد على تجربتنا الشخصية والعاطفية.

من جانبها، تؤكّد منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في "الدليل الأخلاقي لتغطية قضايا الأطفال" أنه يجب الحصول على موافقة الشخص المسؤول عن الطفل من أجل إظهار الطفل في مادة إعلامية.

 لكن ماذا عن نشر صور والكشف عن هويّات أطفال تورًطوا في حادثة ما؟ النتيجة: انتحار أحدهم!

في عام 2017، اصطدم صبي يبلغ من العمر 16 عاماً كان يقود سيارة والده بخمسة أشخاص في حادث بالقرب من قرية تريغراد (جنوب بلغاريا)، وأصيب بعض الضحايا بجروح خطيرة وتم نقلهم إلى المستشفى.

اختفى الصبي فور وقوع الحادث، في الأيام التالية، انتشرت عدد من المواد الإعلامية التي تصفه بـ"المشاغب الصغير" وتستخدم معلومات من ملفه الشخصي على فيسبوك، حتى أن بعض وسائل الإعلام نشرت تكهنات بأن عائلته أخفته هرباً من العدالة.

بعد أسبوعين من الحادث عثرت الأسرة على جثة الصبي الذي انتحر!

بعد جولة قمنا بها في دليل أصدرته اليونيسف في العام 2018 حول الأطفال والإعلام، جمعنا لكم مجموعة من المصطلحات الخاطئة والبديل عنها:

إنّ استخدام الكلمات التي تؤكد الصورة النمطية للأقليات قد تكون مسيئة للأطفال.

دعونا نستخدم: الطفل الذي تعرّض، نجا من العنف، الطفل في حالة الاستغلال، الطفل الذي شهد العنف، طفل لاجئ، طفل مهاجر.

كن حذراً عند استخدام  كلمات وعبارات مثل: الأطفال المحرومون من رعاية الوالدين، والأيتام، والأطفال المتخلى عنهم، الأطفال الذين لا أحد يرعاهم،  والأطفال الذين ترعاهم الدولة.

 هذه التعريفات قد تزيد من حزنهم وتخلق شعوراً بالدونية والوصمة والإقصاء.

استخدم عوضاً عنها: الأطفال في المؤسسات العامة، الأطفال في الرعاية الرسمية، الأطفال في دور الرعاية الطبية والاجتماعية، الأطفال الذين تمّت تربيتهم في مرافق رعاية بديلة.

يفضل عند تغطية قضايا عن هؤلاء الأطفال أن يتم تقديمهم كأشخاص تمكنوا في التعامل مع حياتهم بدون آباء، ورغم كل المصاعب والأمراض والصدمات الأخرى، هذه هي الطريقة التي توصي "اليونيسيف" بتصويرهم ومن ثم لن يشفق عليهم الناس.

عند الحديث عن الأطفال الذي يعانون من إعاقات جسدية وذهنية، دعونا نستخدم: الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون، الأطفال الذين يعانون من اضطرابات، ولا تستخدم الأطفال المتخلفين عقلياً!

وعند الحديث مع الطفل نفسه لا ينبغي أن يكون الحديث عن موضوع الإعاقة، يجب أن يتحدث الطفل عن أي شيء غير الإعاقة، يجب أن نكون قادرين على رؤية الطفل أولاً ثم الإعاقة.

وأخيراً عند ارتكاب طفل ما جريمة أو تورّطه في أمر مخالف للقانون لا تستخدم "اللصوص، المجرم، مثير الشغب".

استخدم: طفل في نزاع مع القانون، طفل مرتكب انتهاك، طفل مرتكب جريمة.

وأخيراً وقبل أن تنشر مادتك الإعلامية عن الطفل، اطرح على نفسك الأسئلة التالية وضعها في قائمة للتدقيق في كل مرة قبل النشر وهي:

1- هل تأكدنا من أننا لا ننشر بيانات عن الطفل أكثر مما يفترض؟

2- هل تأكدنا من عدم كشف هوية الطفل في الحالات غير المرغوب فيها "أطفال ضحايا الجرائم، الأطفال المخالفين للقانون".

3- هل حصلنا على كل التصاريح اللازمة من البالغين المسؤولين عن الطفل؟

4- هل سيتم فهم الرسالة التي نرسلها عبر وسائل الإعلام بشكل صحيح؟ وكيف ستؤثر على الطفل؟

5- التأكد من تجنّب التفسيرات الخاطئة أو الخادعة.

6- هل نحن على يقين أننا لا نقلل من كرامة الطفل الذي نشركه في تقرير للتواصل في قضية خيرية؟

7- هل تأكدنا عند التحدث عن إعاقة طفل ما أنه لن يكون له تأثير سلبي على تقدير الطفل لذاته في المستقبل؟

8- هل تأكدنا من اهتمامنا بسلامة الأطفال الذين نظهرهم في موادنا الإعلامية؟

9- إذا ترددنا بشأن موضوع ما، هل هناك شخص مختص يمكننا طلب النصيحة منه؟

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الإستخدام على أنسبلاش.

هديل عرجا هي صحفية سورية أسست موقع Tiny Hands (أيادٍ صغيرة) وشاركت في برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين. هديل شريكة مؤسسة ومحررة أولى في موقع  Frontline In Focus.com، وعضوة في شبكة ماري كولفين للصحفيات.