لا تحصل أكثر من ملياري امرأة عالميًا على فرص متساوية فيما يتعلق بالحصول على الدخل، وتوجد في أغلب الدول العديد من العوائق القانونية التي تمنع المشاركة الاقتصادية الكاملة للنساء في المجتمع، فضلًا عن وجود عدم المساواة بين الجنسين في أماكن العمل والعلاقات الشخصية والعديد من جوانب المجتمع الأخرى.
وبإمكان المؤسسات الإعلامية المساعدة في تغيير هذا الواقع عبر نشر المحتوى الذي يراعي الفوارق بين الجنسين والذي يكسر الصور النمطية، وتقوم CNN - وهي إحدى أكبر غرف الأخبار في الولايات المتحدة - بذلك من خلال سلسلة "As Equals" التي أطلقتها في 2018 بمنحة تمويلية من مركز الصحافة الأوروبي، ومن خلال النشرات البريدية، والمشاريع الصوتية، والوثائقيات، وغيرها، وتُسلط السلسلة الضوء على شكل عدم المساواة المُمنهجة بين الجنسين اليوم.
وقالت مديرة تحرير المشروع، إليزا أنيانغوي: "لا نروي فقط قصصًا عن النساء، وإنّما نروي قصصًا عن الفائزين والخاسرين في المجتمعات الأبوية".
كسر الحاجز
ويعمل مشروع As Equals مع أعضاء المجتمعات التي لا تحظى بالتمثيل الكافي لإنتاج التغطيات التي تُسلط الضوء على الموضوعات المحظورة حول النوع.
وأوضحت أنيانغوي: "أردنا أن نكون قادرين على كشف أسباب وجود عدم المساواة المُمنهجة بين الجنسين"، مضيفة "هناك بعد جنساني لكل تحد من تحدياتنا العالمية الكبرى، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تغير المناخ، أو عدم المساواة الاقتصادية أو الصحية، أو صعود السلطوية، أو الهجرة الجماعية، أو التحيز الخوارزمي. ويقع على عاتق الصحافة الناقدة والمُثابرة كشف كل شيء".
كما يُعِد مشروع As Equals تقاريرًا عن نساء الشعوب الأصلية، وعدم المساواة بين الجنسين في الرياضات، والعنف القائم على النوع، وتُقدم التغطيات نظرة أعمق على موضوعات مثل تبييض البشرة، والصحة العقلية للأمهات، وحصص النساء في الانتخابات الوطنية، وغيرها.
ولا تُوضح المقالات للقراء شكل عدم المساواة بين الجنسين فقط، وإنما تُوضح أيضًا كيف يتجلى عدم المساواة عالميًا، وقالت أنيانغوي: "نُريد أن نرى الصورة الأكبر من خلال As Equals، ونكشف الأسباب المُمنهجة لعدم المساواة بين الجنسين، ونروي هذه القصص للجمهور العالمي".
مختبر الابتكار
وتصف أنيانغوي As Equals بأنّها مختبر الابتكار لـ CNN، ومكّنت هذه المبادرة المؤسسة الإعلامية من العمل مع صحفيين خارج شبكتها المباشرة، بما في ذلك العديد من الصحفيين الأكثر دراية بالمجتمعات المُهمشة.
وأوضحت أنيانغوي: "نعمل بوتيرة مختلفة جدًا عن باقي غرفتنا الإخبارية، وتسمح لنا المسافة بتجربة أشياء جديدة بإمكانها أن تُفيد الغرفة الإخبارية، ويُمكن لهذه الأدوات أن تُستخدم من قبل الزملاء الآخرين الذين قد يمتلكون الوقت أو الموارد لتطويرها".
وفي 2020، حصلت CNN على منحة قيمتها 3.6 ملايين دولار أميركي من مؤسسة بيل وميليندا جيتس لتوسيع As Equals، وشرحت أنيانغوي: "يسمح لنا التمويل بالتمهل والتفكير في القصص العظيمة والعمل مع المزيد من الصحفيين المحليين وفرقنا عبر CNN لسرد قصص مؤثرة عن النساء، ومن ثم فتح أبواب المحادثات في المجتمعات التي نُعِد التقارير عنها".
خطأ في الأنظمة Systems Error
وفي 2023، أطلقت CNN، خطأ في الأنظمة Systems Error، وهي سلسلة عبر As Equals تُحقق في عدم المساواة بين الجنسين على الإنترنت.
وقالت رئيسة التواصل بشأن التنوع والمساواة والدمج في CNN، إيمي جيه ساندرز: "يكشف فريق Systems Error أيضًا كيف يتجلى عدم المساواة من خلال التكنولوجيات والمنصات الرقمية، كما يكشف كيف تخلق بعض المجتمعات المُهمشة شبكة إنترنت أكثر شمولًا".
وتنشر Systems Error، تحقيقات وتقارير تفاعلية ووثائقيات قصيرة وتحليلات للبيانات، كما تُنتج أدلة للسلامة الرقمية لقرائها أيضًا.
وأوضحت ساندرز: "تهدف السلسلة أيضًا لتقديم وجهة النظر من خلال أعين النساء واللاثنائيات ومجتمع الميم أثناء تعاملهم مع العالم الرقمي، مُسلطة الضوء على حقيقة أنّ النظام الأبوي وكراهية النساء في "العالم الحقيقي" مستمران على الإنترنت ويُمكن القول إنهما مستمران بصورة أكبر".
التكريم
وحازت تغطية As Equals على التكريم عالميًا، فعلى سبيل المثال حصلت أثناء النسخة الثامنة والأربعين لجوائز جرايسي السنوية في 2023 المُقدمة من مؤسسة التحالف من أجل النساء في وسائل الإعلام، على جائزة جرايسي عن قصة حول الحقائق المأساوية لاكتئاب ما بعد الولادة، وتُكرّم الجائزة أبرز الإسهامات المُقدمة من النساء ولأجلهن وعنهن في الأخبار والترفيه.
كما ترشحت سلسلة Whites Lies الصادرة عن المبادرة - والتي تُحقق في ممارسات تبييض البشرة وتكاليفها حول العالم وتكشف الدوافع الكامنة وراء التمييز على أساس لون البشرة - لجائزة الصحافة البريطانية.
وقالت أنيانغوي: "نعلم أنّ النساء والأفراد متنوعي النوع يُشكلون أكثر من نصف سكان العالم، ولكن الصحافة الجادة المستدامة حول حياتهم نادرة بشدة"، مضيفة "تلعب CNN من خلال As Equals دورها في معالجة هاتين الفجوتين الهامتين في الصحافة".
وعلى الرغم من نجاحها، ففريق As Equals محدود في كمية القصص التي بإمكانه سردها نظرًا لمستوى التغطية المتعمقة الذي يحتاجونه. وأوضحت أنيانغوي: "إنّ سرد قصص متعمقة ومميزة والتي يستغرق إنتاجها عدة شهور في مؤسسة سمعتها مبنية على الأخبار العاجلة، قد يُشكل تحديًا".
ومع ذلك، فالآثار مجزية، واختتمت أنيانغوي: "قد تكون عملية محبطة ومُستنزفة عاطفيًا حقًا، ولكنّها تستحق أيضًا لأنّ النتيجة النهائية تُوسع العالم بطرق بناءة أكثر".
الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة The Jopwell Collection.
إقرأوا المزيد من المقالات لـ
