هل ينبغي على الصحفيين مغادرة منصة إكس أم البقاء؟

بواسطة Phineas Hogan
Mar 18, 2025 في الإعلام الإجتماعي
صورة لوجو منصة إكس

منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، التي أعادت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، انضم الصحفيون إلى حشود المستخدمين الذين غادروا إكس، وهي منصة التواصل الاجتماعي المعروفة سابقًا باسم تويتر، والتي كانت تعتبر ضرورية لتغطية الأخبار العاجلة ومتابعة الخطاب العام.

ومنذ استحواذ إيلون ماسك على المنصة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، غادرت بعض المؤسسات الإعلامية أيضًا، من بينها NPR وغرفة الأخبار الإسبانية La Vanguardia. كما أعلنت صحيفة الجارديان مغادرتها للمنصة في نوفمبر/تشرين الثاني، مشيرةً إلى انتشار نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة والمحتوى العنصري، بالإضافة إلى تأثير إيلون ماسك في تشكيل الخطاب السياسي كأحد الأسباب الرئيسية لاتخاذها هذا القرار.

إنّ الغياب المتزايد للصحفيين والمؤسسات الإعلامية على منصة إكس، يؤدي إلى تقليل وصول ملايين المستخدمين إلى المحتوى الصحفي الموثوق، مما يفسح المجال للمعلومات الأقل جودة لتحل محلها.

وبينما يفكر الصحفيون في البقاء على منصة إكس أو مغادرتها، تحدثتُ مع بعضهم حول إيجابيات وسلبيات مغادرة المنصة.

كيف تغيرت منصة إكس؟
من جانبه، قال أليكس مهاديفان، مدير مبادرة MediaWise لمحو الأمية الرقمية التابعة لمعهد بوينتر، إنّ قيمة تويتر، قبل أن يُعاد تسميته إلى X في عام 2023، بالنسبة للصحفيين، تكمن في قدرته على إيصال الأخبار بسرعة إلى الجمهور، بالإضافة إلى دوره كـ"ساحة عامة"، مما يسمح بالنقاش وتبادل الآراء من مختلف وجهات النظر، كما أشار إلى أن المنصة قادرة على الوصول على عدد أكبر من المستخدمين في جميع أنحاء العالم، وبسرعة تفوق غيرها من المنصات.

وأضاف مهاديفان: "باعتبارك مستهلكًا للأخبار، كانت منصة تويتر المكان الأمثل لمتابعة ما يحدث"، مضيفًا: "من خلال نشر تقاريرك الإخبارية، والمحتوى الخاص بك على تويتر، سيضمن ذلك وصوله إلى جمهور أوسع". وقد أوضح أن الهجرة الأخيرة للصحفيين تعود إلى انخفاض جودة المحتوى، والتغييرات التي طرأت في خوارزمية المنصة للحد من تداول الأخبار، بالإضافة إلى أفعال ماسك وخطابه المثير للجدل.

ويعتبر ماسك، الداعم القوي للرئيس دونالد ترامب، والذي يشغل اليوم منصب "موظف حكومي خاص" يتمتع بنفوذ كبير، وهو من أشد المعارضين للصحفيين ووسائل الإعلام السائدة. وقد استخدم ماسك منصة إكس للترويج لآرائه ونشر معلومات مُضللة حول قضايا الهجرة، وتزوير الانتخابات الأميركية، ومؤخرًا حول السياسة الأوروبية، حيث ينحاز في الكثير من الأحيان إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة.

وبعيدًا عن الخطاب السياسي، لاحظ مهاديفان أيضًا تزايد في المحتوى العنصري والتعصب على صفحته الشخصية، مشيرًا إلى أن ذلك كان دافعه الشخصي لمغادرة المنصة.

 وقال مهاديفان إنه قبل استحواذ ماسك على تويتر، كانت المنصة تتبع نهجًا أكثر شمولاً في مواجهة المعلومات المُضللة وخطاب الكراهية. وكان مجلس الثقة والأمان التابع للمنصة ــ وهو مجموعة استشارية من المنظمات المستقلة المعنية بالحقوق المدنية وحقوق الإنسان ــ مسؤولاً عن التصدي للخطاب الضار، واستغلال الأطفال، والتطرف على المنصة. ولكن بعد شراء تويتر، قام ماسك بحل المجلس وفصل الموظفين الذين كانوا يعملون على مكافحة المعلومات المُضللة.

 ومن أبرز التغييرات التي أدخلها ماسك على منصة إكس هو نظام التحقق.
وأصبحت "العلامة الزرقاء"- التي كانت تُميّز الحسابات الموثوقة مثل المشاهير والسياسيين والصحفيين والمؤسسات الإعلامية - متاحة لأي شخص يرغب في الاشتراك في الحساب المميز، بغض النظر عن مصداقيته.  وأصبحت خوارزمية X اليوم تمنح أولوية الظهور للمنشورات الصادرة عن الحسابات المميزة. وفي الوقت نفسه، لم تحقق ميزة الملاحظات المجتمعية على المنصة، والتي تم إنشاؤها للتحقق من صحة المنشورات الخاطئة أو المُضللة، تأثيرًا ملموسًا.  
(في يناير/كانون الثاني، أعلن مارك زوكربيرج، مالك شركة ميتا، أن منصاته ستتبنى نهجًا مماثلاً في مكافحة المحتوى المُضلل، واستبدال مدققي الحقائق التقليديين).

من ناحيته، قال دان جيلمور، الكاتب السابق في صحيفة سان خوسيه ميركوري نيوز والأستاذ المتقاعد في جامعة ولاية أريزونا، إنه في عام 2023 أصبح تويتر غير صالح لاستخدام الصحفيين وذلك بعد فترة وجيزة من استحواذ ماسك عليه، مشيرًا إلى أن الأمر ازداد سوءًا منذ ذلك الحين.

وكتب في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لقد حوّل ماسك المنصة إلى مساحة مثالية لنشاط المتطرفين اليمينيين"، مضيفًا أنه "يتعين على الصحفيين أن يدركوا أن مشاركتهم الفعالة هناك تعني مساعدتهم في تمكين ماسك من تنفيذ هذه السياسات".

قصص نجاح منصة إكس  
وبالرغم من التغييرات الكبيرة التي طرأت على إكس، فإن المنصة التي تضم أكثر من 600 مليون مستخدم يوميًا لا تزال مركزًا رئيسيًا لاستهلاك الأخبار عبر الهواتف المحمولة - وأداة يستخدمها بعض الصحفيين بفعالية.
وعلى سبيل المثال، يستخدم جيك شيرمان، مُؤسس Punchbowl News، وهي منصة إخبارية متخصصة في تغطية السياسة في واشنطن العاصمة، والتي تستخدم منصة إكس لنقل التقارير الحيّة من مبنى الكونجرس الأميركي إلى أكثر من 400 ألف متابع. ويسمح أسلوب منصة إكس في النشر السريع - الذي يقتصر عادة على جملتين  فقط، بحد أقصى 280 حرفًا لغير المشتركين في الحسابات المميزة - لشيرمان وزملائه مشاركة  المعلومات ومواكبة التطورات المتسارعة في الكونجرس.

كما استفاد الصحفيون المستقلون أيضًا من انتشار المنصة لتعزيز أعمالهم. على سبيل المثال، استخدم كين كليبنشتاين قاعدة متابعيه المخلصين على منصة إكس للترويج لمنشوراته على Substack. وقد حصد آلاف المشاهدات والتفاعلات على منشوراته في منصة إكس، مما ساهم في زيادة نسبة الوصول إلى تقاريره بشكل كبير.

ومع ذلك، فإن الفائدة المستمرة للصحفيين وغرف الأخبار من المنصة ليست شاملة للجميع. وعلى سبيل المثال، وجدت NPR أن مغادرتها لمنصة إكس X لم تؤثر سلبًا على حركة المرور إلى موقعها الإلكتروني.

بدائل منصة إكس 
وفي محاولة لجذب ملايين المستخدمين الذين غادروا منصة إكس، قدّمت منصات التواصل الاجتماعي الأخرى نفسها كبدائل محتملة.
وتعتبر Bluesky واحدة من أبرز هذه المنصات، وهي مشروع بدأه جاك دورسي المؤسس المشارك لتويتر، وتتسم المنصة بتصميم ووظائف مشابهة لإكس، لكنها توفر للمستخدمين قدرة أكبر على التحكم في المحتوى الذي يشاهدونه، وذلك من خلال قوائم المتابعين، والموجزات المحددة للموضوعات، وميزات مكافحة الخطاب السام. وأشاد مهاديفان بالمنصة قائلاً: "أشعر وكأنني استخدم تويتر الكلاسيكية على بلوسكاي".
ولقد زاد عدد مستخدمي BlueSky بسرعة بعد الانتخابات الأميركية لعام 2024، ولكن وتيرة النمو تراجعت منذ ذلك الحين، إلا أن المنصة لا تزال تمتلك جزءًا صغيرًا فقط من إجمالي مستخدمي منصة إكس، حيث بلغ عددهم 24.5 مليون اعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول. وقال مهاديفان إن غالبية مستخدمي بلوسكاي هم من الليبراليين الحاصلين على تعليم جامعي.
وأضاف مهاديفان أن مغادرة الجماهير ذات التوجه اليساري من منصة إكس، قد يعمق حالة الانقسام الحزبي في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصبح إكس أو Truth Social، وهي منصة التواصل الاجتماعي المملوكة للرئيس ترامب، ساحة لليمين، في حين تستقطب منصات مختلفة مثل Bluesky أو Mastodon وThreads جمهورًا يساري التوجه، مما يضع الصحفيين، الذين يتمثل دورهم في خدمة الجمهور وليس الانحياز للأحزاب السياسية، في موقف حرج.
وقال مهاديفان إن قرار البقاء أو مغادرة منصة إكس يظل قرارًا شخصيًا. وبالنسبة لمن يختارون المغادرة، لا تزال هناك طرق أخرى للوصول إلى الجماهير المحافظة، مثل القنوات التلفزيونية، وخدمات البث، أو المنصات الإخبارية عبر الإنترنت.
واختتم حديثه قائلاً: "لا يزال هناك أشخاص على منصة إكس يستحقون الحصول على معلومات موثوقة"، مضيفًا: "هذا الجمهور ينبغي الوصول إليه، ولكنهم لا يستهلكون الأخبار على منصة إكس فقط".


الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على موقع Unsplash بواسطة ألكسندر شاتوف.