5 دروس مستفادة حول استدامة وسائل الإعلام من العمل مع الإيكونوميست

بواسطة Linda Ngari
Aug 27, 2024 في استدامة وسائل الإعلام
أشخاص يسيرون على جسر في لندن

يدفع أكثر من 1.2 مليون شخص اليوم مقابل الاشتراكات لقراءة مجلة الإيكونوميست، وسجلت المجلة أرباحًا تجاوزت 60 مليون دولار أميركي خلال العام الماضي، وجاء جزء كبير من الإيرادات من هؤلاء المشتركين.

لقد حظيت بفرصة قضاء أسبوعين هذا الصيف في مجلة الإيكونوميست، باعتباري حاصلة على جائزة مايكل إليوت للسرد القصصي الإفريقي لعام 2024 من المركز الدولي للصحفيين، وودت أن أتعرف على استراتيجيتهم الرقمية الناجحة، وأرى ما إذا كانت هناك دروس مستفادة يمكن تطبيقها على غرف الأخبار في بلدي كينيا. 

وبرزت بضع أمور تعلمتها حول كيفية إبقائهم محتواهم جذابًا، إلى جانب الحفاظ على استدامتهم:

(1) يتطلب الأمر جهدًا جماعيًا

شرح محرر الشؤون الإفريقية في المجلة، جوناثان روزنثال: "الإيكونوميست صوت واحد". سواء كانت قصة عن تغير المناخ أو السياسة أو الصحة، يتمكن المراسلون في جميع أنحاء العالم من مشاركة آرائهم أثناء الاجتماعات التحريرية.

ويقرأ ما لا يقل عن خمسة محررين كل قصة قبل نشرها؛ لضمان الاتساق مع دليل أسلوب غرفة الأخبار، الذي لاحظت أنّه في متناول اليد على مكتب كل مراسل.

وكجزء من أسلوب عمل المؤسسة، غالبًا ما تُعاد صياغة الاقتباسات من المقابلات، ولا يُمكن أن يتجاوز الاقتباس المباشر ثلاثة أسطر على الأكثر، ولا يتم وضع أسماء كتّاب على الموضوعات، وهي قاعدة تحمي سلامة المراسلين في بعض الدول ذات المخاطر العالية.  

وقبل الاجتماعات التحريرية، تلتقي الأقسام بصورة منفصلة للتعديل على أفكار القصص للأسبوع، ويقدم أعضاء فريق الرسوم البيانية مقترحات بشأن تصميم غلاف المجلة، وتراجع فرق الباحثين، وصحفيي البيانات، ومدققي المعلومات، كل مقال قبل النشر.

ويساعد تقسيم العمل غرفة الأخبار في تحديد أولويات المحتوى الهام، وتقليل خطر نشر المعلومات الخاطئة.
(2) فريق تحرير متنوع

يمتلك مراسلو ومحررو الإيكونوميست جميع أنواع الخلفيات، بما في ذلك جاء العديد منهم من خارج مجال الصحافة.

وفي السابق، كان محرر أخبار بريطانيا، ريتشارد كوكيت، محاضرًا جامعيًا في التاريخ والسياسة في جامعة لندن، بينما كانت مراسلة الولايات المتحدة، تمارا جيلكس بور، مُعلمة في مدرسة حكومية. وتمكنت بور من الاستفادة من هذه الخبرة لإثراء القصص الخاصة بالتعليم، بالمعلومات، مثل تغطيتها لرغبة أولياء الأمور في الولايات المتحدة امتلاك أطفالهم للهواتف المحمولة في المدرسة في حالة حدوث عمليات إطلاق النار الجماعية.

إنّ وجود خبراء في الموضوعات ضمن الفريق بإمكانه تحسين السرد القصصي وتعزيز تبادل الأفكار أثناء الاجتماعات التحريرية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تغطية إخبارية أكثر شمولًا.

(3) إبقاء المواهب

من الشائع للموظفين في الإيكونوميست التناوب بين مناصب المحررين والمراسلين، والأقسام، وحتى الدول.

كما توفر غرفة الأخبار تدريبات منتظمة، فعلى سبيل المثال، أثناء فترة وجودي هناك لمدة أسبوعين، استضافت ورشتي عمل عن الذكاء الاصطناعي، وتحاول غرفة الأخبار ضمان أن يتمتع الموظفون بمهارات متعددة بقدر الإمكان، وأن يستمروا في العمل مع المؤسسة.

وقال المحرر التنفيذي دانييل فرانكلين، الذي قضى 40 عامًا في الإيكونوميست: "يقول العاملون في المجلة إنّ الشخص الموجود معهم منذ خمس سنوات لا يزال جديدًا نسبيًا".

إنّ أغلب الموظفين الذين تعاملت معهم قد عملوا في المجلة لمدة 10 سنوات على الأقل.

(4) إعادة الابتكار والتوظيف ووضع الاستراتيجيات

تتيح الإيكونوميست جميع محتواها في النسخة المطبوعة وعلى موقعها الإلكتروني، كما توزع أكثر من 20 نشرة بريدية أسبوعية، وتدير خمس قنوات بودكاست (بالإضافة إلى سلسلة بودكاست خاصة)، وتطبيقين: الإيكونوميست، الذي يُنسق جميع محتوى المجلة، والإسبرسو، الذي يوفر أخبارا يومية بإيجاز. كما يُنتج فريق من غرفة الأخبار محتوى الفيديو للنشر على انستجرام وتيك توك.

ووفقًا للتقرير السنوي لمجموعة الإيكونوميست، فإنّ 86٪ من الاشتراكات الجديدة للمجلة هي اشتراكات رقمية فقط، ويذكر التقرير: "إنّ التحول الرقمي لعملنا يعني أنّه بإمكاننا تقديم المزيد من الرؤى للمزيد من الناس عبر المزيد من القنوات أكثر من أي وقت مضى".

كما أدى التحول إلى المنصات الرقمية إلى زيادة الاشتراكات. وأوضحت كيتنا باتيل، التي تعمل لصالح الإيكونوميست منذ 1996: "اعتدنا الاعتماد على إيرادات الإعلانات من المجلة، ولكن لم نعد نفعل ذلك بعد الآن". وفي العام الماضي، جلبت الاشتراكات إيرادات بلغت قيمتها أكثر من 250 مليون دولار أميركي.

(5) دروس لغرف الأخبار في إفريقيا

بينما أفكر في دروس مستفادة من الإيكونوميست لغرف الأخبار في إفريقيا لتحسين الاستدامة، تتجلى التحديات الأساسية المتعلقة بكيفية تفضيل الناس لمتابعة الأخبار - وما إذا كانوا سيدفعون الأموال مقابل الحصول عليها أم لا.

فعلى سبيل المثال، يتواجد محتوى الإيكونوميست خلف جدار الدفع، وتتيح المجلة سلسلة من الخطط بأسعار مختلفة.  

وليس من الواضح ما إذا كانت جدران الدفع قادرة على أن تكون مصدرًا موثوقًا للإيرادات لغرف الأخبار في إفريقيا. في كينيا، طبقت مجموعة الإعلام الوطنية - التي تأسست منذ 65 سنة - نهجًا للتطوير حيث تعطى الأولوية للمحتوى الرقمي والمنشور على الهاتف المحمول والموجه بناءً على الجمهور؛ أملًا في زيادة الإيرادات. وفي 2021، استخدمت المجموعة جدران الدفع لموقعها الإخباري في كينيا "ذا ناشين The Nation"، وفي 2023، قدمته لـ"ذا زيتيزين The Citizen" في تنزانيا، و"ديلي مونيتور Daily Monitor" في أوغندا.

وأظهر تقييم لاستراتيجية جدران الدفع الخاصة بالمجموعة في كينيا، سلسلة من العقبات التي تواجه نجاحها، فغالبًا ما كان المستخدمون يسجلون الخروج فور مواجهتهم لجدران الدفع، على سبيل المثال، وينسخ المشتركون المحتوى ويعيدون توزيعه.

وقال موظف في المجموعة في الدراسة: "كان المحررون تحت ضغط لضمان عمل جدار الدفع، ونتيجة لذلك، انتهى بهم الحال بنشر أي قصة وإغلاقها خلف جدار الدفع". ودفعت التحديات الناتجة عن فقدان القراء، المجموعة، لتعليق استراتيجياتها الخاصة بجدار الدفع في يونيو/حزيران 2022، لمدة من الوقت قبل إعادة إطلاقها في وقت لاحق. وما يبدو أنه يعمل بشكل جيد هو منح القراء اختيار الدفع يوميًا للوصول إلى المحتوى، وهو ما يفعله نحو 80٪ من مشتركي المجموعة من خلال تقديم الدفعات الصغيرة على هواتفهم الذكية.

وفي نيجيريا، تتيح منافذ الأخبار مثل "ذيسداي THISDAY" و"الجارديان" و"فانجارد Vanguard"، نماذج اشتراكات لنسخها الرقمية، بأسعار تصل قيمتها إلى 30 سنتًا أسبوعيًا، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "كود لإفريقيا". وفي المغرب، أغلب وسائل الإعلام متاحة مجانًا، وتعتمد المنافذ الكبرى مثل هسبريس على الإعلانات عبر الإنترنت.

إن المنفذ الذي يمتلك أكثر عدد من المشتركين في القارة - أكثر من 100 ألف مشترك - هو "نيوز 24"، وتبلغ قيمة خطة الدفع الأساسية التي يقدمها "نيوز 24"، خمس دولارات أميركية شهريًا.

وما هو أكثر وضوحًا أنّ المحتوى الاستراتيجي العالي الجودة يُمكنه المساعدة في تحفيز الاشتراكات المدفوعة.

وبدلًا من التنافس في مجال الأخبار العاجلة، على سبيل المثال، تنشر الإيكونوميست عادة تحليلات مُعمقة ومواد تفسيرية للقضايا المُلحة. وبالمثل إلى حد ما، تبنت غرف أخبار إفريقية مثل "نيوز 24"، ومجموعة الإعلام الوطنية، نموذجًا مجانيًا مع خيارات مدفوعة الثمن "الفريميوم"، إذ تضع قصصها الاستقصائية المُعمقة خلف جدار الدفع، بينما يظل محتوى الأخبار العاجلة مجانيًا.

وفي الختام، سيعود الجمهور دائمًا إلى التغطية الموثوقة، وهي سمعة حافظت عليها الإيكونوميست منذ 1843.


الصورة حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة أنطوني ديلانويكس.