لا تزال الافتتاحيات من أهم المنشورات التقليدية، وأهميتها مستمرة حتى مع تحوّل المزيد من المنشورات إلى الشكل الرقمي.
في مقالٍ سابق، استكشفت شبكة الصحفيين الدوليين الفرق بين الأخبار الحقيقية ومقالات الرأي على الإنترنت، وفي مواجهة هذه التحديات، تعد كتابة مقالات افتتاحية ذات جودة عالية وإنتاجها أكثر أهمية.
تحدثت شبكة الصحفيين الدوليين مع كتّاب ومحررين ومعلمين في أربع مدن أميركية مختلفة لجمع نصائحهم حول كتابة المقالات الإفتتاحية، وفيما يلي أبرز ما جمعته:
(1) شارك معرفتك
ديبورا دوغلاس هي أستاذة الصحافة البارزة الزائرة في مركز بوليام بجامعة ديباو وعضو سابقة في هيئة التحرير في "شيكاغو صن تايمز". من خلال عملها في مشاريع مثل مشروع OpEd - الذي يهدف إلى استقطاب الصحفيات والأصوات الممثلة تمثيلاً ناقصًا لكتابة المقالات الافتتاحية - تشجع الناس على "الظهور في العالم بطريقة أقوى". وتشارك بشكل منتظم مع الأكاديميين من خلال زمالات الأصوات العامة، إذ هناك كثيرون لديهم معرفة قيّمة لمشاركتها.
وأضافت دوغلاس: "يمكن للصحفيين، كمواطنين متعلمين ومطّلعين، أن يستفيدوا من هذا التذكير أيضًا، فالمعرفة المكتسبة من خلال تقديم التقارير هي هدية ويجب مشاركتها من خلال منصات مثل الافتتاحيات".
(2) إجمع وجهات نظر متعددة
عندما تظهر قصة إخبارية كبيرة، لا تلتزم دوغلاس فقط بمصادرها الإخبارية المفضلة، فهي تقرأ ما يكتب في جميع أنحاء البلاد لترى ما يقولونه عنها. وتنصح بالخروج من المنطقة الخاصة بك عن طريق قراءة التقارير الوطنية والدولية لضمان أنك على بينة من جميع وجهات النظر. إستمع، واعترف، واطلع على المعارضة في كتاباتك لبدء الحوار.
(3) إحتضن العصر الرقمي
تقترح دوغلاس أيضًا أن يستخدم الصحفيون وسائل التواصل الإجتماعي كأداة للإعداد التقارير، وخصوصًا المراسلين الأكبر سناً الذين قد يكونون أقل دراية بهذا الميدان. تُعد الإستفادة من الطرق التي توفرها وسائل التواصل الإجتماعي للوصول السهل إلى المعلومات وسيلة أخرى لتوسيع وجهة نظرك والتأكيد على أنك لا تغفل المعلومات المهمة.
(4) أجذب القرّاء
سيبلغ جاي إفينسن، كاتب عمود صحفي في ديسيت نيوز في ولاية يوتا، ومعلم في الكتابة التحريرية في جامعة بريغهام يونغ، الستين قريبًا، ويقول: "يمكن أن يكون ذلك مخيفًا للعبور نحو المطالب الجديدة للصحافة الرقمية".
وعلى الرغم من تغير القواعد، إلا أن جذب القارئ كان دائمًا جزءًا مهمًا من عملية الكتابة، إلى جانب تعزيز وسائل التواصل الإجتماعي، ويقترح إفينسن أساسيات قوية، بما في ذلك العنوان والإفتتاحية التي تجذب القراء، كذلك يجب السرد والكتابة بطريقة مقنعة.
(5) تخلّص من الزوائد العاطفيّة
يؤكد إفينسن أيضًا أن كتّاب الإفتتاحيات يجب أن "يضيفوا شيئًا ذا قيمة ليتم ملاحظتهم وأن يفعلوا ذلك بوضوح".
وكانت صحيفته تنشر ما أسماه "إفتتاحيات الإنطباع"، إذ تخلّص فريقه من الإفتتاحيات العاطفية للتركيز على تقديم معلومات جديدة ووجهات نظر جديدة حول المناقشة العامة.
(6) الوصول إلى جمهورك المستهدف
أعطى إفينسن مثالًا قويًا على إفتتاحية كتبها وصلت إلى "جمهور ضيق ولكنه قوي للغاية"، فقد كانت مقاطعة سولت ليك بولاية يوتا تفكر في تغيير شكل الحكومة، وعام 1997، كتب إيفنسن افتتاحية أدت إلى قيام مشرع بكتابة مشروع قانون لتغيير أسلوب الحكم. ولم تنتشر تلك الإفتتاحية بشكل واسع لكنها بالتأكيد كان لها وقعًا قويًا.
ويعتبر إفينسن أن الكتّاب لا يجب أن يتوقعوا أن تحدث أعمالهم ضجيجًا، وقد لا تشجعهم المشاركة على ذلك، ولكن عليهم أن يصبروا على أفكارهم كي تتجذر فعلًا عندما تقع في الأيدي الصحيحة.
(7) فكّر بالصورة الأكبر
في رأي إفينسن، الإفتتاحية هي أحد الأجزاء المهمة في الصحيفة لأنه يعتبر أن مشاركة معرفة الصحفيين من قبل صوت مؤسسي أمر مهم لديموقراطيتنا. يأمل إيفينسن أن تستمر الإفتتاحيات القوية على الرغم من كل التغيرات في العصر الرقمي.
(8) إبدأ بالكتابة فقط
بعد 12 سنة في العمل كمحرر في صحيفة دنفر بوست، يعمل فريد براون الآن كمدرس في أخلاقيات الصحافة في جامعة دنفر. يقترح براون عند كتابة المقالات الافتتاحية، أن تبدأ فقط بكتابة أفكارك، "أكتب حتى تتعب"، كما يقول: "ثم ألقِ نظرة على قطعتك وسوف تجد وجهة نظرك".
(9) أترك عباراتك الخاصّة
يقترح براون التخلي عن الكلمات والعبارات التي كنت تود رؤيتها في الطباعة، جرّب محو تلك الكلمات ومعرفة ما إذا كانت كتابتك أفضل بدونها.
(10) تشارك مع جمهورك
من جانبه، يقارب ماثيو هول، مدير التحرير في "سان دييغو يونيون تريبيون"، وأمين الصندوق الوطني في جمعية الصحفيين المحترفين الإفتتاحية كمحادثة مباشرة مع القارئ.
بالنسبة له، فإن كتابة المقال ونشره هو مجرد الخطوة الأولى، يجب عليك بعدها مشاركة الإفتتاحية والطلب من القراء إذا كان لديهم أي أسئلة أو تعليقات أو تصحيحات.
ويلفت الى أنّ الصحافة "تدور حول بناء مجتمع أفضل وتحسينه بطريقة أو بأخرى"، وتتمثل فائدة الأخبار الرقمية في أنها تتيح لك القيام بذلك في الوقت الفعلي من خلال تفاعل الجمهور.
(11) كن خلاقًا
مع وجود عدد أقل من الموظفين وقلة التمويل، فإن غرف الأخبار لديها مهمة أكثر صعوبة في جذب القراء. توصّل هول وزملاؤه في الصحيفة إلى النجاح من خلال الافتتاحيات المبتكرة التي تصدر بيانًا جريئًا، مثل مقال نشر في أبريل/نيسان يستخدم أسماء الأشخاص الذين قُتلوا في عمليات إطلاق النار في المدارس على مدى السنوات التسع عشرة الماضية لإيصال الرسالة بشكل واضح. إذ لفت انتباه الناس، حتى أن أحد القرّاء قام بوضع المقال في إطار وعلّقه على الحائط.
ويقول هول: "إذا تكلم الناس عن المقال فهذا أكبر مقياس للنجاح".
(12) تذكّر الخط الرئيسي
كما ذكر هول أن فريقه اتخذ هذه الأساليب المبتكرة في الافتتاحيات "لأننا بحاجة للإستمرار"، مضيفًا أنّ الصحف تحتاج إلى توليد إيرادات للبقاء وهذه القطع الملفتة للنظر هي إحدى الطرق لبناء جمهور.
والجدير ذكره أنّ المشتركين الرقميين مهمون أيضًا، إذ تحافظ صحيفة هول على علامات التبويب على ما يجذب القراء. وفي الأسبوع الذي سبق انتخابات 6 تشرين الثاني/نوفمبر، أهم 25 مقالاً أدت إلى اشتراكات رقمية كانت مقالات رأي.
الصورة الرئيسية مرخصة على بيكسيباي بواسطة stux.