خلال فترة تفشي جائحة "كوفيد 19"، سعت السلطات حول العالم إلى تقديم المساعدة والإغاثة للشركات الصغيرة التي تضرّرت من الإجراءات الصحيّة والإغلاقات العامة والقيود التي فُرضت. وفي هذا الإطار، قامت منظمة إعلامية مقرّها لاغوس بتقديم تمويل للصحفيين الذين يعملون في غرف أخبار محلية في نيجيريا من أجل إجراء تحقيقات حول عمل الحكومة والتدابير التي فرضتها وإذا ما كانت تفي بوعودها على أرض الواقع.
وقد قدّم مركز وول سويينكا للصحافة الاستقصائية منحًا للصحفيين الذين يعملون في غرف الأخبار النيجيرية، كي يعدّوا تقارير استقصائية وتحقيقات توضح الطرق المختلفة التي تدخّلت فيها الحكومة إبّان الأزمة الصحيّة وطرق عملها أثناء الوباء، وذلك ضمن مشروع تقصي حقائق "كوفيد 19".
وعن المشروع، أوضحت المنسقة في مركز وول سويينكا للصحافة الاستقصائية، موتيرايو ألاكا أنّ القيّمين على العمل رأوا أنّ هناك اتجاهًا واحدًا في تغطية انتشار الوباء. وقالت: "أدركنا الحاجة إلى تغيير تركيز برنامجنا لهذا العام، لنستطيع الإستجابة لهذه الأزمة الصحيّة بطرق تساعد على تجاوزها، مثل ما تفعل القطاعات الأخرى، بما فيها الصحة والتعليم"، مضيفةً: "أردنا اكتشاف الواقع الذي يعيشه الناس وإذا ما كانوا يعانون من خدمات حكومية، وعملنا لمعرفة المزيد عن تأمين المياه وشبكات الصرف الصحي، الوضع الأمني، التعليم، إمدادات الكهرباء ونظام الرعاية الصحية".
وقد حظي عدد كبير من الصحفيين بتمويل من خلال مشروع تقصي حقائق كوفيد 19، وأعدّوا قصصًا حول تأثير الجائحة على العاملات في مجال الصحة العامّة والتجمعات الدينية، بالإضافة إلى كيفية تحدّي المواطنين لإجراءات الإغلاق والقيود المفروضة، وإقامتهم حفلات زفاف ومشاركاتهم في جنازات."
إقرأوا أيضًا: مشروع لتقصي الحقائق بمشاركة مؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي
وفي هذا الإطار، قالت ألاكا: "سلّطت التقارير التي أعدّها الصحفيون الضوء على نسبة إصابة الفئة العمرية الشابة بالفيروس أكثر من غيرها، وكيف أنّ كبار السن هم الأكثر عرضة للوفاة لدى إصابتهم بالفيروس، إضافةً إلى انتهاك بعض المواطنين للتدابير المفروضة على السفر بين الولايات وتواطؤ بعض القوى الأمنية بذلك، كما بحث الصحفيون وتحققوا من استخدام الأموال والشفافية في تقاسم المساكن". وبعد توضيحها، علّقت ألاكا قائلةً: "منذ بدء تفشي كورونا، أدركنا أنّ الفيروس هو قطار متحرك، وإذا أردنا الإمساك به، علينا أن نتخطّاه". وأشارت إلى قرار المخاطرة الذي اتخذه الفريق في المركز والذي كان يركّز على التقارير الاستقصائية، لكن مع انتشار الجائحة، وجد الفريق أنّ الوصول إلى المعلومات هو القضية الأهم في الوقت الراهن، وقام بتعديل التركيز وترتيب الأولويات من أجل الاستجابة لتفشي الجائحة وللتمكّن من تقديم المساعدة للنيجيريين."
وقد حصل هذا المشروع على دعم من مؤسسة ماك أرثور. وفي هذا السياق، قالت ألاكا: "إنّ مرونة الجهة المموّلة سمحت للقيمين على البرنامج أن يجروا تعديلًا وتغييرًا خلال تفشي الوباء، الأمر الذي سمح بتحقيق ونجاح مشروع الحقائق المتخصص بكوفيد 19". وعن مسار البرنامج، أوضحت ألاكا أنّ عددًا من الصحفيين تقدّم بطلبات للحصول على تمويل، وبعد مراجعة اللجنة للطلبات، جرت الموافقة على بعض المتقدمين، وقد حظيوا بإرشاد من متخصصين ساعدوهم خلال عملية إعداد التقارير".
من جانبها، أعربت جوليانا فرانسيس، وهي صحفية حصلت على منحة في المشروع وأعدّت تحقيقًا عن حالات الاغتصاب وعن الوفيات في المستشفيات خلال فترة الإغلاق، عن مدى استفادتها من المشاركة في المشروع، والتي مكّنتها تنفيذ عملها الصحفي. توازيًا، أعدّت الصحفية شارون إيجاسان، وهي مراسلة متخصصة بالشؤون التعليمية في إحدى القنوات النيجيرية، تقريرًا كشفَ كيف كان مجتمع المشردين في لاغوس أكثر عرضة من غيره للإصابة بالفيروس ونقله.
إذًا، لم يكن العمل على تنفيذ التحقيقات سهلًا، وفقًا لألاكا التي أوضحت أنّ "التحقيقات تستغرق وقتًا وتحتاج إلى الكثير من الوثائق، كما أنّ إشراك الصحفيين في المشروع كان دونه صعوبات خلال تفشي كورونا، إذ ترتّب عليهم التعامل مع قيود السفر والشؤون المالية أيضًا". وأضافت ألاكا: "شجّعنا الصحفيين المشاركين على المُضي في إجراء التحقيقات، وما ركّزنا عليه كان الحصول على معلومات صحيحة ودقيقة، من أجل المواطنين وأجل الحكومة أيضًا". وبرأيها "توجد بعض السياسات التي وضعتها الحكومة والتي لم تكن فعالة بما يكفي، واستنادًا على هذا الأمر، تحقّق الصحفيون من حصول انتهاكات للقيود المفروضة على السفر بين الولايات في نيجيريا"، مضيفةً: "كان يجب أن تعلم الحكومة أنّ التدابير التي اتخذتها لم تكن فعّالة".
إشارةً إلى أنّ مشروع تقصي حقائق "كوفيد 19" بدأ في نيسان/إبريل من العام الماضي، وأنتج الصحفيون المشاركون فيه ما يقارب المئة قصة وتحقيق حول قضايا متنوّعة في نيجيريا. وقالت ألاكا: "نعتقد أننا تمكنّا من تحقيق هدفنا بالوصول إلى المعلومات في المشروع".
باتريك إيجو هو صحفي نيجيري مستقل يقيم في جوهانسبرج. وهو حاليًا زميل في مؤسسة المجتمع المفتوح حيث يعدّ تقارير استقصائية في جامعة ويتواترسراند، ولديه أعمال منشورة في عدد من المؤسسات الإعلامية والصحف، من بينها فورين بوليسي، أن بي آر، الحجج الأفريقية، صحيفة مافيريك اليومية، وغيرها.
إيفسيناتشي أيوجو هو صحفي نيجيري مستقل ويقيم في ولاية إينوجو. ويعدّ تحقيقات صحفية حول قضايا متخصصة مرتبطة بالسياسة والصراعات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والتنمية.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداعي على أنسبلاش بواسطة برونو كيلزر.