نصائح مهمة للحفاظ على مسيرة مهنية مُستدامة في مجال الإعلام

بواسطة Joy Mazur
Jan 30, 2025 في استدامة وسائل الإعلام
الصورة لغرفة أخبار

في ظلّ معاناة صناعة الأخبار من أزمة في التمويل، وتسريحات الموظفين، وتراجع مستويات ثقة الجمهور بها، والتغيرات السريعة للتكنولوجيا، يضع الصحفيون - من العاملين المستقلين إلى قادة غرف الأخبار- أمنهم المهني والمالي في مقدمة اهتماماتهم.

وكشف تقرير حالة الصحافة Muck Rack’s State of Journalism report الصادر عام 2024 أنّ واحدًا من كل ثلاثة صحفيين قد أبدوا مخاوفهم بشأن نقص التمويل والثقة في الصحافة - كما أفادت نسبة مماثلة بتعرضهم للتسريح أو الحصول على تعويضات إنهاء الخدمة، وذكر أكثر من ثلثي الصحفيين أنهم يعملون أكثر من 40 ساعة في الأسبوع، بينما أشار أقل من نصفهم إلى أن دخلهم السنوي يتجاوز 70 ألف دولار. وفي هذا السياق، فإنه يبلغ متوسط الدخل السنوي المطلوب للعيش بشكل مريح في المدن الأميركية الكبرى، حيث يتمركز العديد من الصحفيين، حوالي 96,500 دولارًا أميركيًا.

وقد تؤدي هذه العوامل مُجتمعة إلى مستويات عالية من التوتر والإرهاق لدى الصحفيين. وهو ما أشار إليه، أندرو ميرسييه، مدير تحرير مجلة Muck Rack في الجلسة التي نظمها مؤخرًا منتدى شبكة الصحفيين الدوليين للإبلاغ عن الأزمات، قائلاً: "لا أعتقد أن هناك سرًا في أن الصحافة مهنة مليئة بالتوتر"، مشيرًا إلى أنه قد صنف معظم الصحفيين أنفسهم على أنهم يعانون من التوتر في العمل بدرجة سبعة، وذلك وفقًا للمقياس الذي تتراوح درجاته من واحد إلى عشرة. 

وقد انضمّ ميرسييه إلى سامانتا دو كارمو، وهي المديرة التنفيذية لجمعية الصحافة البرازيلية، أجور، لمناقشة إستراتيجية بقاء الصحفيين وازدهارهم في بيئة مهنية تتسم بعدم الاستقرار بشكل متزايد. وإليكم أهم نصائحهما:

العمل في ظل تحولات غير مؤكدة

وفي ظلّ تعرض بعض غرف الأخبار لتغييرات هيكلية أو في طبيعة عمل فرق العمل، قد يشعر الصحفيون غالبًا بأن حياتهم المهنية غير مستقرة. وهو ما أشارت إليه دو كارمو، التي يرتكز عملها على دعم مديري غرف الأخبار من المستوى المتوسط، مشددةً على ضرورة أن يعطي المحررون والمديرون الأولوية للشفافية لمساعدة الصحفيين على تجاوز أوقات عدم اليقين.

وأشارت إلى أن قادة غرف الأخبار في البرازيل غالبًا ما يجدون أنفسهم منهكين بسبب ظروف صناعة الصحافة وتذبذب التمويل، وقد يواجهون صعوبة أيضًا في وضع خطط طويلة المدى الطويل. وعلقت دو كارمو على هذا الأمر قائلةً: "تتميز ثقافتنا بميزة مهمة للغاية وهي العفوية لذلك من الصعب على القادة في البرازيل تقدير أهمية الاستراتيجية".

وفي الوقت نفسه، قد تكون حالة عدم اليقين اليومية مصدرًا كبيرًا للتوتر بالنسبة للصحفيين الذين يديرونهم، والذين قد يجدون أنفسهم قلقين ليس فقط بشأن احتمالية تسريح الموظفين، ولكن أيضًا من "تلك اللحظات التي يفتقرون فيها إلى وضع الاستراتيجية، وغياب القرارات".

واستطردت دو كارمو قائلةً: "من المهم التفكير في كيف يمكن أن تؤدي القيادة الضعيفة في ظل ظروف عاطفية سيئة إلى تهديد استدامة المنظمة بأكملها". كما اقترحت أنّه ينبغي على مديري غرف الأخبار الاعتراف بالضغوط التي يعاني  منها الموظفون، وخاصة إذا كانوا يتعاملون مع تسريحات العمال، مضيفةً أن الحوار المفتوح يمكن أن يساعد الصحفيين في إدارة التأثيرات العاطفية والعملية الناجمة عن فقدان زملائهم في العمل.

وأوصت كارمو بأن يحفز قادة غرف الأخبار الموظفين من خلال تجارب صغيرة واقتراح أفكار تركز على الجمهور، وذلك بدلاً من الاعتماد على المشاريع الكبيرة أو التحقيقات التي قد يكون تقدُمها بطيئًا. ومن خلال تبني مشاريع صغيرة وتحقيق انتصارات بسيطة، يُمكن للصحفيين الابتكار والتكيُف مع تلبية احتياجات الجمهور. وبعد ذلك تساءلت كارمو: "ما نوع الخدمة التي يحتاجها جمهورك هذا الأسبوع، على سبيل المثال، في مقال معين؟".

وفي هذا الإطار، تحدثت دو كارمو على أهمية أن يكون الصحفيون واضحين بشأن أهدافهم الشخصية وأهداف فريق العمل الذي يعملون معه، ولتحقيق هذا الغرض، ينبغي على المديرين أن يسعوا جاهدين لجعل الصحفيين الذين يشرفون عليهم قادرين على توضيح استراتيجية غرفة الأخبار، وخطة عملها للمدير الجديد، فهذا النوع من التواصل الواضح يؤدي إلى تحفيز المراسلين ويحافظ على استقلاليتهم.

وقالت دو كارمو: "عندما يعرف الناس ما هي المشاريع، والأهداف، والأساليب التي يتبعونها، يصبح من السهل التعامل مع التحولات والتغييرات".

أدوات مهمة للصحفيين المستقلين

بالنسبة للصحفيين المستقلين الذين يعملون بدون توجيه من أي مؤسسة إعلامية، توجد أدوات إلكترونية، والتي تُوفر لهم الدعم اللازم لإدارة عملهم في مجال مليء بالتحديات وعدم الاستقرار. وفي هذا الصدد، أشار ميرسييه إلى بعض الموارد المفيدة للصحفيين، مثل أداة Muck Rack's Who Shared My Link، التي تساعد الصحفيين على تحليل انتشار قصصهم، وموقع Peter Shankman’s Source of Sources، الذي يساعد الصحفيين في العثور على مصادر موثوقة لدعم تقاريرهم.

كما سلط ميرسييه الضوء على ميزة ملفات التعريف التي يُقدّمها موقع Muck Rack، والتي توفر للصحفيين الذين غالبًا ما يكونون مشغولين للغاية، محفظة لأعمالهم. تقوم هذه الملفات بجمع المعلومات تلقائيًا من الإنترنت للتحديث المستمر للمقالات المنشورة بأسمائهم. مع ذلك، أوصى ميرسييه الصحفيين بمراجعة ملفاتهم بانتظام لضمان تحديثها وإظهار تفاعلهم المهني.

وقد أوضح ميرسييه قائلاً: "عندما تكون أكثر تفاعلاً على هذه المنصات، بما في ذلك أداة Muck Rack، فإنك ترسل إشارة فورية بأنك شخص متمكن، وموجود بقوة في المجال".

بالنسبة لأولئك الذين ينتقلون إلى العمل الحر لأول مرة، نصح ميرسييه ودو كارمو بالتفكير خارج الصندوق عند إنشاء محفظة مهنية، بغض النظر عن المنصة التي تستخدمها. وفي هذا السياق، قالت دو كارمو: "فكر في المواقف الصعبة التي واجهتها، وكيف صممت حلولاً لها"، مضيفةً: "يُمكن أن يكون هذا النوع من التفكير بمثابة محفظة لك أيضًا".
وأشار ميرسييه إلى أن العديد من الصحفيين المستقلين يكتبون محتوى تسويقيًا من أجل الحصول على دخل إضافي. ورغم أن الأمر قد لا يبدو مُثيرًا، إلا أنّ العمل مع علامة تجارية تتوافق مع مهمة ما أو قيم يقدرها الصحفي يُمكن أن يكون مُرضيًا.

وأضاف قائلاً إنه مع توسع الصحفيين في استخدام بعض المنصات مثل Substack وYouTube، من المهم مراقبة كيفية نجاح الآخرين على هذه المنصات، وذلك من أجل التفكير في اتباع أساليب مماثلة.
استكشاف وتنفيذ التقنيات الجديدة 
ومع تطور منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وعادات المستخدمين، وفي خضم ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، أوصى كلا المتحدثين في الجلسة الصحفيين بأن يكونوا منفتحين على التقنيات الجديدة، مع التعامل معها بحذر.
وقد شجّع ميرسييه الصحفيين على استكشاف التكنولوجيا الحديثة بشكل أوسع وذلك من أجل مواكبة التحولات في اهتمامات المستخدمين. وقال: "ما كنا نفعله سابقًا لم يحقق النتائج المرجوة بالضرورة"، وقد جاءت كلماته في إشارة إلى تفاعل الجمهور على المنصات الإلكترونية، وأضاف: "ينبغي علينا أن نجرب بعض الأشياء والأساليب الجديدة".
وفي هذا الإطار، اعترف ميرسييه بأن تجربة أساليب جديدة أسهل في القول من التنفيذ الفعلي، خصوصًا مع صعوبة إدارة منصات التواصل الاجتماعي الجديدة في ظل جدول زمني مزدحم بالفعل. ولذلك، نصح الصحفيين بعدم الشعور بالضغط بشأن التواجد على جميع المنصات، بل ينبغي عليهم أن يكونوا على الأقل على دراية بالخيارات المُتاحة في تلك المنصات، والجمهور الذي تخدمه كل منصة.
وقال ميرسييه إنه ينبغي أن تكون غرف الأخبار مستعدة للتفاعل مع التقنيات الجديدة. ومع تزايد لجوء الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، يجب على المؤسسات الإعلامية أن تتواجد على هذه المنصات، وأن تجرب طرقًا جديدة للوصول إلى جماهير مختلفة بما يتناسب مع تغطيتها، مثل تبني استراتيجيات على منصة تيك توك أو يوتيوب.
ومن ناحية أخرى، اقترحت دو كارمو أن يُخصص الصحفيون وقتًا للتفكير في كيفية ربط أفكارهم الحالية بالابتكارات والاتجاهات الجديدة. وقالت: "نحن نعمل في صناعة تتميز بالإبداع"، مضيفةً: "أحيانًا، كل ما نحتاجه هو بعض الوقت لتنظيم أفكارنا".
ورغم التحديات التي تواجه الصناعة، أعرب ميرسييه عن تقديره للعمل الجاد الذي يبذله الصحفيون والتزامهم بتثقيف الجمهور. واختتم حديثه قائلاً: "لا تزال هناك صحافة رائعة تُمارس في كل مكان"، مضيفًا: "دعونا نركز على ذلك بقدر ما نركز على كل الهجمات العنيفة التي تعترض طريق الصحفيين".
مصادر مفيدة للصحفيين
موقع بيتر شانكمان Peter Shankman’s Source of Sources
مصادر من موقع Muck Rack:
-تقرير حالة الصحافة لعام 2024
-تقرير حالة التوازن بين العمل والحياة في الصحافة
-أداة "من شارك الرابط الخاص بي؟"

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على Unsplash بواسطة براد ويفر.