تمهّد الضجة الكبيرة المصاحبة للدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، المعروف اختصارًا باسم مؤتمر تغير المناخ (COP26)، لحوالي أسبوعين – أو أكثر – من التغطية الصحفية حول أزمة المناخ والبيئة والموضوعات ذات الصلة.
يعتبر كثيرون أنّ دورة المؤتمر هذا العام هي الأهم منذ سنوات، إذ تضمّ مناقشات حول تمويل الحلول لأزمة المناخ. ومن المقرر أن تركز هذه المفاوضات على إشراك الدول الأكثر ثراءً لتخصيص المزيد من الأموال دعمًا لجهود الدول منخفضة الدخل في خفض انبعاثات الكربون من اقتصاداتها. كما ستُعقد خلال هذه الدورة مداولات حول الجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتحييد أثر انبعاثات الكربون ومناقشة عدم تكافؤ الالتزامات بين الدول، حيث تقدم بعضها تنازلات أكثر من غيرها.
وعلاوة على ذلك، يُتوقع أن يحضر المؤتمر في مدينة غلاسكو الاسكتلندية قادة الدول وأشهر النشطاء البيئيين، بما فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن والناشطة السويدية غريتا تونبرغ، إضافة إلى الجماعات المدافعة عن البيئة والناشطين في مجال العدالة المناخية وأهم الشخصيات في قطاع الوقود الأحفوري وجماعات الضغط وغيرهم.
وعلى الرغم من أنّ المفاوضات بين قادة الدول ستكون من أهم عناصر المؤتمر، إلا أن غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أثار القلق بشأن احتمالية عدم التوصل إلى أي اتفاقيات هامة.
وهنا يأتي دور الصحفيين، فأزمة المناخ في أشد حالاتها خطورة وسوف تستمر في التفاقم، لذا ينبغي على الصحفيين أن ينظروا لما هو أبعد من البيانات الصحفية والإعلانات الرسمية لتقديم تقارير ثاقبة لقرائهم. وعلى الصحفيين الذين يغطون المؤتمر أن يسألوا أنفسهم: ما هي الأخبار التي تستحق التغطية في المؤتمر؟
خلال العام الماضي، حضرت جلسات تدريبية ضمن برنامج زمالة العدل المناخي المقدمة من منظمة تعقب الإجراءات المناخية، التي تهدف إلى تقديم الدعم والتدريب والحوافز للصحفيين/الصحفيات الناشئين/الناشئات في الدول النامية من أجل تغطية أفضل لقضايا البيئة.
إقرأوا أيضًا: كيف يمكن للصحفيين تغطية أزمة المناخ على مستوى العالم؟
إليكم أهم النصائح من الجلسات التدريبية حول كيفية تغطية هذا المؤتمر الحاسم، بما في ذلك القضايا الرئيسية التي يجب متابعتها:
انتبهوا لأهداف المؤتمر الرئيسية
تشمل أهم أهداف الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر تغير المناخ الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050؛ والتكيف لحماية المجتمعات والموائل الطبيعية؛ وضمان وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها البالغة قيمتها 100 مليار دولار أميركي من أجل تمويل حماية المناخ؛ والالتزام بالتعاون من أجل مواجهة تحديات أزمة المناخ. ولكن على الصحفيين ألا يكتفوا بما يتم إعلانه – أو لا يتم إعلانه – في المؤتمر، وأن يعتبروا هذه الأهداف خيوطًا لقصص صحفية يمكن تتبعها واستكشافها من زوايا مختلفة.
كما يمكن التواصل مع أهم الجماعات والمنظمات والباحثين والخبراء كمصادر مفيدة للتغطية العالمية أو الإقليمية أو المحلية، بما فيها وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الصحة العالمية. بإمكانك الإطلاع على المزيد هنا.
تابعوا اتفاق باريس
من أبرز أوجه القصور في اتفاق باريس هو غموضه بشأن المساءلة، فقد عجزت الدول عن التوصل إلى اتفاق بشأن الإجراءات الأساسية، مثل كيفية الإبلاغ عن التقدم المحرز والاتفاق على المقاييس والمعايير والجداول الزمنية.
فعلى سبيل المثال، يسمح اتفاق باريس لكل دولة بأن تحدد أهدافها وموعد تحقيقها بنفسها، مما قد يؤدي إلى عدم المساواة في السباق نحو تحييد أثر انبعاثات الكربون والوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر، حيث تقدم بعض الدول التزامات أكثر طموحًا من غيرها.
وهنا يمكن للصحفيين أن يكتبوا عن غياب المساءلة من خلال تغطية التزامات كل دول على حدة وما تفعله للوفاء بها. ويمكنهم مثلًا أن يغطوا الإنجازات التي تم تحقيقها، بالإضافة إلى الخطوات التي تتخذها الدول لتحقيق أهدافها.
تتبعوا المناقشات حول دور كل دول على حدة
يحتاج العالم إلى العمل مع الصين لتحقيق العديد من الأهداف المحددة في اتفاق باريس. ولكن الرئيس الصيني شي جين بينغ لن يحضر المؤتمر بنفسه، كما أنّ الحكومة الصينية مترددة في تقديم تعهد جديد بشأن انبعاثات الكربون، والذي قد يكون ضروريًا لتحقيق العديد من أهداف المؤتمر وجدول الأعمال العالمي المتعلق بتغير المناخ بشكل عام. وعلى سبيل المثال، يمكن تجنب الأضرار المناخية الجسيمة، أو على الأقل التقليل منها، إذا تعهدت كل من الصين والهند وروسيا بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بأكثر من النصف بحلول عام 2030 والقضاء عليها تمامًا بحلول عام 2050.
ونظرًا لأنّ اتفاق باريس يقر بأن الدول الأكثر ثراءً ساهمت بشكل أكبر في أزمة المناخ، فإنه يلزم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرها من الدول بدعم الدول منخفضة الدخل من خلال التمويلات لمواجهة تغير المناخ.
وفي بيانات منفصلة، أيّدت كل من الصين والهند دعوة الدول الأكثر ثراءً إلى تقديم المزيد من الالتزامات المالية الكبيرة لدعم الاقتصادات التي تعاني من نقص الموارد. كما طالبت جنوب أفريقيا، وهي من بين الدول التي قد تستفيد من مثل هذه التمويلات، بدعم تبلغ قيمته 750 مليار دولار أميركي سنويًا. ومع ذلك، فإنّ تعهد الدول المتقدمة بالمساهمة بمبلغ 100 مليار دولار أميركي سنويًا لن يتم الوفاء به حتى عام 2023.
راقبوا المحادثات الخاصة بالفحم والميثان
يعتبر خبراء منظمة تعقب الإجراءات المناخية أن الفحم من بين أهم موضوعات المؤتمر التي ينبغي على الصحفيين الذين يغطون الدول النامية أن ينتبهوا لها، إذ تقدر وكالة الطاقة الدولية أن الفحم وحده مسؤول عن انبعاث حوالي 15 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون سنويًا. وهكذا تستطيع الدول الاقتراب من تحييد أثر انبعاثات الكربون من خلال الحد من استخدام الفحم والاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة.
هناك العديد من الحلول التي يمكن للحكومات أن تتبناها للحد من الانبعاثات الصادرة من المحطات التي تعمل بالفحم، من بينها التقاط انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه أو استخدام المحطات لأغراض أخرى أو وقف تشغيلها. وسوف يتيح المؤتمر للمنظمات الدولية، كالوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن تقدم أفكارًا جديدة للتعامل مع الفحم.
أما غاز الميثان، الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري بشكل أكبر بكثير من ثاني أوكسيد الكربون، فمن المرجح أن يكون محل تركيز رئيسي في المؤتمر. وتشير الأبحاث إلى إمكانية تخفيض انبعاثات الميثان بنسبة 40% بحلول عام 2030، لذا قد يشكل التوصل إلى تعهد بتخفيض انبعاثات الميثان تطورًا هامًا يجب متابعته في المؤتمر.
الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة ماجدالينا كولا مانشي.