نصائح أخلاقية للصحفيين الذين يغطون الصراعات

May 27, 2022 في تغطية الأزمات
مصور للصراعات

مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الثالث، يواصل عمل الصحفيين دوره الفعّال في إعلام العالم بجرائم الحرب المزعومة ومعاناة المدنيين. ومع تغطيتهم للأحداث في أوكرانيا – أو غيرها من مناطق النزاعات التي يتعرض فيها الصحفيون للخطر، كأفغانستان أو اليمن – يحتاج الصحفيون إلى معرفة مهارات السلامة الجادة وكذلك الاعتبارات الأخلاقية المعقدة التي تنفرد بها تغطية النزاعات.

وفي هذا السياق، قدمت عبير سعدي، المراسلة المتخصصة بتغطية الحروب والنزاعات، بعض القواعد الأخلاقية لتغطية النزاعات، وذلك خلال ثاني أجزاء سلسلة الويبينارات التي أقامها منتدى تغطية الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين حول التغطية الصحفية في مناطق النزاع.

 

Conflict Reporting Webinar

 

وإليكم أهم النقاط التي تمت مناقشتها:

تغطية الجماعات المسلحة

سواء كان الصحفي مرافقًا لوحدة عسكرية أو يعمل في منطقة تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فإن معرفة العلاقة بين هؤلاء الفاعلين والصحفيين هو أول ما ينبغي مراعاته في التغطية الميدانية. وفي هذا الصدد، قالت سعدي إنّ "علينا أن نفهم أننا موجودون هناك لأسباب ودوافع تختلف عن تلك الخاصة بالقوات المسلحة. فالعمل في نفس المكان لا يضعنا في نفس الموقف [كالجنود مثلًا]".

وأكدت سعدي على أهمية الاعتراف التام بهوية الصحفي أثناء تغطية المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فقد تتأثر علاقتك بالقوات العسكرية بجنسيتك أو خلفيتك العرقية أو اللغة/اللهجة التي تتحدث بها، أو حتى جهة النشر أو المؤسسة الإعلامية التي تعمل لديها. ويمكن لهذه العوامل أن تؤثر على جانب الصراع الذي تعتقد هذه القوات المسلحة أنك منحاز إليه، مما قد يؤثر بدوره على سلامتك. كما يمكن أن تؤثر خلفيتك الشخصية على رؤيتك للصراع ودور الجيش فيه.

وفي النهاية فإن الصحفي هو المسؤول عن إجراء البحث المناسب حول الأوضاع السياسية والمجتمعية في المناطق التي يغطيها. كما يجب على المراسلين عمومًا التعرف على الخلفية الأيديولوجية للجماعات المسلحة والدعم الأجنبي الذي تتلقاه، وذلك للحفاظ على سلامتهم الشخصية وإعداد تقارير صحفية عادلة ودقيقة حول النزاع.

إجراء المقابلات مع الناجين

يُعد إجراء المقابلات مع الناجين من التجارب الصادمة مهمة حساسة بالنسبة للصحفيين، لذا يتعين عليهم الحرص على ألّا تتسبب المقابلة في أي صدمات إضافية للمصادر. وأوضحت سعدي أنّ "مسؤوليتك هي – على الأقل – ألا تؤذي الناس".

ومن المهم كخطوة أولى لتقليل الضرر أن يضع الصحفي قواعد معينة قبل إجراء المقابلات مع الناجين، مثل التواصل معهم بوضوح وهدوء وإبلاغهم مسبقًا بأن المقابلة ستُنشر أو تُذاع. وحسب نصيحة سعدي، فعليك أن "تعرّفهم عن نفسك وعن عملك، لأنهم ليسوا ملزمين بالرد عليك".

أمّا أثناء المقابلة، فقد حذرت سعدي من طرح أسئلة مثل "كيف تشعر؟"، فقد يكون من الصعب أو الصادم الرد عليها. وبدلًا من ذلك، يمكنك البدء بطرح أسئلة بسيطة حول الحقائق أو التواريخ أو المواعيد، أو عما شهدوه أو سمعوه. ومع ارتياح المصادر، يمكنك أن تدعهم يتحدثون بأريحية من تلقاء نفسهم.

ويجب على الصحفيين أيضًا أن يتجنبوا قطع أي وعود لضيوف المقابلات. ويمكنك بدلًا من ذلك أن تخبرهم بأنك ستكتب القصة وتحاول أن تنشرها، فنشر القصص ليس حتميًا.

معضلة الإنقاذ

في خضم النزاعات، هناك مواقف تفرض على الصحفيين معضلة إنقاذ المدنيين أو الزملاء المعرضين للخطر. وهنا نصحت سعدي الصحفيين بطرح الأسئلة التالية على أنفسهم:

  • هل أنت في خطر؟
  • هل يوجد آخرون يمكنهم تقديم المساعدة؟
  • هل يمكنك تغطية الأحداث وتقديم المساعدة في نفس الوقت؟

وأوضحت سعدي أنه من الجانب الأخلاقي، من المهم للصحفي أن يضمن سلامته أولًا. ففي حالة وجود آخرين يمكنهم المساعدة – كالجنود أو الأطقم الطبية مثلًا – دعهم يقومون بذلك واستمر في التغطية، "فعليك إنقاذ نفسك أولًا ثم الآخرين".

أمّا في حالة غياب الخطر المباشر عليك أو على زملائك، وإذا لم يؤثر الأمر على تغطيتك الصحفية، فعليك أن تتدخل. ولا يتعلق الأمر بالسلامة الشخصية فحسب، إذ يمكن للمخاطرة بحياتك أن تؤدي إلى فقدان التغطية الهامة للأحداث الجارية أو الفظائع. لذا فإن "أكبر مساعدة يمكنك تقديمها كصحفي هي أن تكون موجودًا وأن تغطي ما يحدث، فوجودك في غاية الأهمية"، بحسب سعدي.

معضلة النشر

في بعض الأحيان، قد يشكل نشر مقابلة أو صور أو إذاعة لقطات معضلة أخلاقية. لذا من المهم في هذه الحالات أن تفكر فيما إذا كان نشر القصة أكثر ضررًا من عدمه. فوفقًا لسعدي، يُعد المحتوى الذي يمجد العنف – مثل صور الجثث التي يمكن التعرف عليها بوضوح، وخاصة جثث المقاتلين الخصوم – مثالًا على المواقف التي ينبغي فيها الامتناع عن النشر.

وفي الحالات التي يكون فيها قرار النشر غير مؤكد، اقترحت سعدي وضع ثلاثة أمور بعين الاعتبار: أولها هو ما إذا كانت التغطية ضرورية للجمهور. فعلى سبيل المثال، عند اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، نُشرت صورة للمسلحين وقت الاغتيال، وقدمت سياقًا هامًا ولقطة سريعة للجمهور – وهو ما أمكن تحقيقه من دون إظهار جثة السادات.

ثانيًا، ضع في اعتبارك الضرر الذي قد يتعرض له الناجون إذا نُشرت القصة، خاصة إذا تم الكشف عن هويتهم. فيجب أن يكون لدى الصحفيين تبرير واضح لقرارهم بالنشر في سياق النزاعات، وبعد التفكير مليًا في الخطر الذي قد يشكله ذلك من حيث إشعال المزيد من العنف.

وأخيرًا، من المهم للغاية أن يفهم المراسلون الذين يغطون النزاعات في مختلف أنحاء العالم مسؤوليتهم ودورهم كصحفيين. وهنا أوضحت سعدي أن دورها "ليس إقناع الناس، بل تقديم أكبر قدر ممكن لإعلام الناس [بما يحدث]".

وأشارت إلى "سياسة العدالة"، قائلة "إنك لست هناك لتجعل الناس يبكون بشأن هذا النزاع، بل إنك تحتاج إلى إبلاغهم بما عليهم فعله وكيفية التصرف وماهية الوضع. وعليك أن تثبت أن هناك مدنيين على الأرض في حاجة إلى الحماية".


الصورة الرئيسية من بيكساباي بواسطة حسني صلاح.