واجه محررون في مؤسسة "داون" الإعلامية في باكستان حواجز وعقبات عندما قرروا إجراء تحقيقات متعمقة عن انتشار الانتحار في باكستان، وذلك بظلّ الافتقار للسجلات الرسمية التي تغطي هذا الموضوع الذي نادراً ما يناقش علنًا.
ويهدف المحررون من خلال البحث في هذه القضية الإجتماعية وإنتاج تحقيقات مستخدمين الوسائط المتعددة إلى التوعية حول "مشكلة الانتحار الصامت في باكستان"، وكان عليهم أولاً أن يجدوا طريقًا يتجاوز الحواجز الدينية والثقافية في البلاد.
وفي هذا السياق، أوضح المحرر جاهانزيب حق أنّ لا فهم جيدًا للصحة العقلية في باكستان، حيث يتم تجاهل الانتحار الذي لا يُغطّى بشكل خاص، مشيرًا إلى أنّه يعدّ من المحرمات والأمور التي لا تُناقش، وقال "إنّ الافتقار إلى الإحصائيات المتاحة والبحوث المحلية هي التي دفعتنا لاستكشاف القضية بتعمق".
لكنّ الفريق لم يتمكّن من العثور على أي بيانات حول هذا الموضوع، لهذا قرّر المحررون جمع بياناتهم، وفي كانون الأول/ديسمبر 2018، نشروا استطلاعًا للرأي على الإنترنت طلبوا فيه من المشاركين تبادل أفكارهم وآرائهم المتعلقة بالانتحار. واستعان المحررون خلال وضع الأسئلة باستطلاعات مشابهة متصلة بالانتحار أجرتها منظمات دولية، ثمّ راجعها طبيب نفسي باكستاني وباحث في هذا الموضوع قبل نشرها.
من جهتها، أكدت المسؤولة المشاركة في المشروع عتيقة رحمن أنّه لم يحصل هكذا تحقيق من قبل، والنتائج فاقت التوقعات. فقد تلقّى الفريق5,157 ردًا وتضمّنت أكثر من ألفي إجابة تفاصيل شخصية عن صراعات مع الانتحار، أو تجارب مباشرة وقعت في العائلة ومع الأصدقاء.
وأشارت رحمن إلى أنّها تأثرت بكثير من التجارب، فيما أعطتها قصص أخرى دروسًا بالقوة، ولفتت إلى أنّ الفريق استعان بالطبيب النفسي وناقش الآراء التحريرية لاختيار ماذا يُمكن نشره، وقد أثرت البيانات خلال فحصها على المحررين.
وقام الفريق الذي يقود هذه الدراسة بتقسيم البيانات حول سبب انتحار الباكستانيين، وتنظيمها في فئات مواضيعية تشمل الاعتداء الجنسي، الإدمان، الضغط المالي، اضطرابات الطعام، الهوية الجنسية، الإيذاء المنزلي وأمورًا أخرى.
وخلصت نتائج الاستطلاع إلى أنّ 40٪ من المجيبين يعرفون شخصًا أنهى حياته، فيما سُجلت نسبة 45٪ من المستطلعين الذين كشفوا أنّ أفكارًا انتحارية راودتهم في الماضي.
كذلك فقد قدّمت رحمن توجيهات للصحفيين الذين يرغبون بإعداد مشروع مماثل، ناصحةً بالتعاون مع متخصص بالصحة العقلية والحصول على إرشادات منه، إضافةً إلى عدم محاولة تقديم القصص على أنّها مثيرة. ولفتت إلى أنّه على الصحفيين تقديم قوائم بالأطباء والمتخصصين بالصحة العقلية وغيرها من الموارد التي يمكن أن يلجأ إليها القراء. وأوضحت أنّه يجب إرفاق البيانات بتنبيه القراء بأنّ بعض المعلومات قد تؤدي إلى ردود فعل سلبية.
الصورة الرئيسية ملتقطة من مشروع داون حول "مشكلة الانتحار الصامت في باكستان"