كصحفي فإنه يجب عليك أن تجمع المعلومات وتجري المقابلات مع المصادر بشكلٍ سريع، من ثمّ تفسّر ما تعلّمته بإيجاز ووضوح. عندما تنتهي من كل هذا فستميل لإرسال كتاباتك إلى المحرّر أو إلى النقر على زر النشر على مدوّنتك الخاصة.
قاوم هذا الإغراء. فيجب عليك أن تقوم بأمر إضافي لتتأكد من احتواء قصتك على معلومات غير منحازة، دقيقة وقمت بالتحقق منها: يستوجب ذلك أن تحرر قصتك بنفسك من خلال قراءة كل سطر بسطره.
قام الصحفي الإستقصائي نيلز هانسون بمشاركة نصيحته حول عملية تحرير كل سطرٍ بسطره في مؤتمر إعلاميون من أجل صحافة إستقصائية عربية (أريج) في القاهرة.
حضر هذا المؤتمر أكثر من 200 صحفي وأكاديمي من منطقة الشرق الأوسط، والذي تخلله ورشات تدريبية وفرص للإختلاط والتعارف بين صحفيين إستقصائيين عالميين ومدربين حاضرين.
هانسن الذي يعمل مراسلاً لحساب القناة الإخبارية السويدية المشهورة SVT بالإضافة إلى كونه أحد الأعضاء في مجلس أريج، قدّم هذه النصائح حول العملية التحريرية للتأكد من دقّة المعلومات:
ابق على دفتر العناوين والملاحظات بمتناول يدك
احرص على إبقاء قائمة المصادر والمعلومات المتاحة للتواصل معهم بالإضافة إلى الملاحظات التي وضعتها خلال المقابلات بمتناول يدك. من الممكن أن تحتاج إلى إعادة النظر في بعض الحقائق للتأكد من صحتها خلال عملية التحرير.
ابق على ذهنية منفتحة
"هل أنت من الأشخاص الأحاديي الإتجاه أو الرؤية" هذا هو الفخ الكبير،" بحسب قول هانسن. الرؤية الأحادية أو كما يصفها هانسن الرؤية على شكل نفق واحد هي الميل إلى التمسك باعتقاد معيّن على الرغم من أنّ الأدلة تشير إلى اتجاه آخر. يتخذ الصحفيون في بعض الأحيان هذا الإتجاه من دون إدراك ذلك فعلاً كما قال هانسن، لذا حافظوا على ذهنية منفتحة عند كتابة وتحرير قصتكم.
أنصت للأشخاص المشككين، اختبر واستنطق الخبراء، وسائل الضحيّة كما أكمَل هانسن القول. فكر بالفضيحة الأخيرة لقناة بي بي سي، حيث زعمَ أحد ضحايا الإعتداءات الجنسية أنه قام باتهام أحد السياسيين السابقين بالتحرش الجنسي وكان هذا الإتهام باطلاً. "فهل يكن للضحايا إثبات إدعاءاتهم؟"
تفحص كل حقيقة من الحقائق على حِدة
إسأل نفسك إن كانت هناك من معلومات مهمة ناقصة وإن كانت كافة التأكيدات الموجودة متّصلة فعلياً بحقائق. ضع إشارة على كل إسم، حقيقة، صورة، أو إقتباس في قصّتك ومن ثم تحقق منها. "احذر من الجمل العامة، "كالجميع يقول" أو "أنهم لم يفعلوا شيئاً"،" بحسب نصائح هانسن.
تحقق من كافة البيانات، من ضمنها الإحصائيات. ويضيف يجب التحقق "حتى من المعلومات التي صدرت عن من أجريت معهم المقابلات."
قيّم مصادرك واتخذ قرارك إن كنت تحتاج إلى المزيد من المقابلات
هل تصل مصادرك إلى محصلات بأنه سيتم إنتقاد آرائهم من قبل الغير؟ أبرِز ذلك. يجب على المراسلين الصحفيين أن يحرصوا على التحدث مع العديد من الأشخاص، إن كانوا لا يستلطفونهم أو هؤلاد بدورهم لا يحبون الصحفي. كذلك يجب على الصحفيين أن تتضمن أعمالهم الأشخاص الذين يخلقون الجدل حولهم، فيكونوا مختلفين وغريبين بعض الشيء، أو ببساطة مخطئين بنظر الصحفي.
"هل يملك الأشخاص الذين انتقدتهم أو تكلّمت عنهم أو عن أعمالهم حقّ الرّد على الكلام الذي صدر ضدهم؟" سأل هانسن. وأكمل شرحه "أنظر إلى الصورة العامة للعمل، وتفقّد إن كانت غير منحازة أو أنها مكتوبة بلهجة إتهامية، "واسأل نفسك من أو ما هو الشيء الذي يمكن أن يظهر صورة مختلفة؟"
احم مصادرك وتفقّد حقوق النشر
تأكّد من عدم ظهور أحد المصادر الذين وعدتهم بعدم نشر أي معلومة تعرّف عنهم، في أيٍّ من المواد المنشروة إن كانت ملفات، صور أو فيديو. كذلك تحقق من الرسومات البيانية وحقوق النشر من ضمنها الشعارات والإحصاءات التي تمّ الكشف عنها بواسطة مخططات أو رسوم بيانية.
تفقّد مدى الشجاعة التي تملكها
بعد التحقق من تحقيقك كلِّ سطر بسطره، ينصحك هانسن بأن تسأل نفسك سؤالين ختاميين.
أوّلاً، إسأل نفسك "إن كنت منزعجاً أو مضطرباً من شيء معيّن؟"، إن كان الجواب نعم، فكن صادقاً مع نفسك أولاً ومع محررك ثانياً بالبوح بما يقلقك.
أخيراً إسأل نفسك عمّا "قد يجلب النقد؟" ولا تستعجل باستئصال هذه الأجزاء أوتوماتيكياً بل على العكس عالج هذه الإنتقادات في قصّتك نفسها.
إن قمت باتباع هذه الخطوات، فلن تلجأ على الأرجح لإجراء أي تصحيح أو لن تشعر بأي ندم على نشرك القصة أبداً.
رنا ف. سويس هي صحفية مستقلة وباحثة إعلامية تغطي مواضيع الإصلاح السياسي واللاجئين والقضايا الاجتماعية في الشرق الأوسط. تعمل أيضاً كباحثة أساسية في الأردن لصالح معهد المجتمع المفتوح-برعاية دراسة خرائط الإعلام الإلكتروني. يمكنكم زيارة الموقع الخاص بها هنا ومتابعتها على تويتر هنا.
الصورة لروج سان ميديا، تحت رخصة المشاع الإبداعي.