منذ أن تسبب النظام المصرفي في الولايات المتحدة في أزمة مالية عالمية عام 2007، أُتهم الصحفيون بالفشل في تغطية هذه الأحداث في وقت مبكر. وتساءل الخبراء الماليون وحتى الصحفيون حول ما إذا كان هناك تغطية أفضل للتطورات الاقتصادية في وقت مبكر لكان العمل السياسي قد منع الأزمة المصرفية من أن تصبح أزمة عالمية تسببت في خسارة الملايين من الناس لوظائفهم.
هذا الموضوع هو جوهر كتاب جديد بعنوان: "تغطية الأزمة: دور الإعلام في تغطية الأزمات المالية"، نُشر مؤخراً من قبل مركز الصحافة الأوروبية، الذي يتخذ من هولندا مقراً له. وقد نشر الكتاب بموجب رخصة العموميات الخلاقة غير التجارية، أو ما يعرف بالإنكليزية بـ Creative Commons أو اختصاراً (CC).
ويشمل الكتاب نصوصاً من مؤتمر دولي عقده مركز الصحافة الأوربية عام 2009 في بروكسل تحت العنوان ذاته. وناقش في المؤتمر السياسيون وعلماء الاجتماع والمراقبون الماليون وموظفو القطاع المصرفي وغيرهم من الخبراء من أوروبا والولايات المتحدة دور التغطية الصحفية المالية والنظام النقدي الدولي.
وقال ويلفريد رويتين، مدير مركز الصحافة الأوربية، "إن الفكرة [وراء المؤتمر] هي جمع الجميع في غرفة واحدة، والسماح للجميع بالتحدث بأكبر قدر ممكن من الحرية". لقد قاموا بدراسة ما إذا كان الصحفيون- أو ينبغي أن يكونوا- قد رأوا الأزمة المالية قادمة.
وقال رويتين بأن الصحفيين الذين يغطون الأسواق المالية كانوا "قريبين جداً" من هذا الموضوع. وأضاف أنهم "لم يتراجعوا للخلف وينظروا إلى الصورة الأكبر".
لكن مارك غيلبرت، رئيس مكتب "بلومبيرغ نيوز" في لندن، لم يوافق رويتين الرأي، ودافع عن التغطية في متن صفحات الكتاب. وقال: "سأجادل بأننا رأينا الأزمة مقبلة. وعلقنا عليها. لقد أشرنا إليها وجميع المؤشرات وقتها بأنها ستكون أزمة كبيرة وسيئة".
ويرى الناقد الإعلامي داني شيتشتر، الملقب بـ "مشرّح الأخبار" أنه كان ينبغي تغطية الأزمة المالية كقصة جريمة، وليس كقصة مالية. شيتشتر هو مؤلف كتاب "جريمة عصرنا" الذي يتناول ذات الموضوع.
وقال شيتشتر في كلمة ألقاها في المؤتمر "لو نظر صحفيو الجرائم فعلاً كيف كانت هذه الحيل والمخططات تجري، لكانوا قد أثاروا انتبهنا بشكل أسرع بكثير من صحفيي الشؤون المالية".
وسلّطت دراسة صدرت مؤخراً عن مركز "PEW للأبحاث من أجل التميز في الصحافة" الضوء على مدى جرأة الصحافة في تغطية الأزمة المالية في الولايات المتحدة. وتشير الدراسة إلى أنه بشكل عام، قام الصحفيون بتغطية خُمس قصص قضايا الأزمة المالية فقط. ولكن، وبحسب الدراسة، كانت درجة اهتمام وسائل الإعلام متغيرة بحسب القضايا، حيث أن القضايا الأكبر تميل للحصول على تغطية إعلامية أقل، في حين تحظى القضايا الأصغر بتغطية أكبر.
ويعود ذلك، وفقاً لروتين، أساساً لأن الصحفيين محكومين بمواعيد النشر. وقال "يقع الكثير من اللوم على كبار المحررين. كان عليهم أن يروا أن هناك الكثير من القصص القصيرة تتناول هذا الموضوع، وكان عليهم السؤال ’هل هناك صورة أكبر وراء هذه القصص‘؟".