في الوقت الذي تواجه دولٌ كثيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أزمات اقتصادية، عدم استقرار سياسيّ، وتداعيات التغيّر المناخي، تسعى المؤسسات الإعلاميّة إلى تغطية جميع هذه القضايا، من بين أمور أخرى من أجل ضمان استدامتها، وتبحث عن حلول لتأمين إيرادات، إضافةً إلى المعارف والأدوات الجديدة التي تُساهم في صناعة المحتوى المناسب الذي يجذب الجمهور، وكيفية وضع خطط استراتيجيّة والحصول على تمويل وتسويق المواد الإعلاميّة.
في هذا السياق، يأتي دور برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلاميّة الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يستمرّ 10 أشهر لمدّ يد العون ومساعدة مسؤولي المؤسسات الإعلامية الرقميّة وأصحاب المشاريع الناشئة لتطوير أعمالهم، وذلك بمساعدة موجّهَين خبيرَيْن في هذا المجال. وفي ديسمبر/كانون الأول، حضرَ المشاركون/ات تدريبات مكثّفة لمدة يومين، وشاركوا في الملتقى السنوي الذي تُقيمه شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)، الذي عُقد عن بُعد.
في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين قال الموجّه رمزي تسدل، وهو مؤسس الموقع الإخباري المستقلّ في الأردن "حبر" والمدير التنفيذي لمنصة البودكاست "صوت": "أنا سعيد جدًا بالعمل مع مؤسسات إعلامية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ففي الوقت الذي لا تزال الصعوبات كثيرة والتحديات حقيقيّة، يدفعني التفاؤل من أجزاء مختلفة من المنطقة العربية إلى الأمل في أنّ التغيير قادم وأنّ المستقبل سيكون أفضل ممّا مضى". وأشار تسدل إلى أنّ "تطوير وسائل الإعلام والابتكار يشكلان جزءًا مهمًا من مجتمعاتنا وأيضًا طريقة رائعة للترفيه".
من جهته، أوضح الموجّه أحمد عصمت وهو مدير "منتدى الإسكندرية للإعلام" وخبير في ريادة الأعمال والابتكار والتسويق الرقمي وإدارة المشاريع الإعلاميّة "التحديات التي يواجهها الصحفيون في المنطقة العربية، وأبرزها أهمية مواكبة أساليب طرح المواضيع بشكل مبتكر والإلمام بما توفّره الأدوات والتكنولوجيا والبرمجة كما ينبغي، إضافة إلى كيفية مواجهة الخلل المعلوماتي".
وأضاف عصمت أنّ "مركز التوجيه يسدّ ثغرات عدّة للصحفيين/ات في المنطقة، لا سيما بما يتعلّق بالعمل المهني والمحترف الهادف إلى تعزيز ريادة الأعمال والإبتكار وعرض المحتوى بطرق متنوّعة".
هذا العام، منحنا التمويل الأوّلي لجميع المشاركين/ات لدعم نمو مشروعاتهم الواعدة. إليكم نظرة على المشاركين/ات والمشروعات التي قادوها:
شحاتة السيّد
مصر
يدير الصحفي الاستقصائي شحاتة السيد منصّة إعلامية واعدة إسمها "دليل المصادر المفتوحة - للصحفيين العرب". الآن، عقدَ المشارك شراكات مع الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (انسم)، وشبكة الفاحص للتحقق من المعلومات في العراق، ومؤسسة الصحافة الإنسانية في اليمن، ومع الشبكة اليمنية للإعلام المجتمعي، إضافة إلى التعاون مع مبادرة جوجل للأخبار لإطلاق سلسلة ورش تدريبية متخصّصة بصحافة البيانات والسرد القصصي باستخدام الخرائط ومواضيع أخرى.
في حديثه عن تطوّر مشروعه خلال المشاركة في برنامج مركز التوجيه، قال شحاته: "تمكّنتُ من تطوير المشروع، لاسيما من ناحية تحديد العملاء المستهدفين، وضع خطة الاستدامة، تحليل المنافسين، بناء الشراكات، التسويق، إعادة صياغة المشروع، تحديد الأهداف، وضع خطة سنوية وحلول للتمويل وغير ذلك".
فادي الحسني
فلسطين
تمكّن الصحفي الفلسطيني فادي الحسني من تطوير منصّته المستقلّة "آخر قصة" التي تهتم بالسرد القصصي خلال المشاركة في البرنامج هذا العام.
تحدّث الحسني عن تجربته قائلًا: "شهدت مبادرتي الإعلامية الرقمية تغييرًا كاملاً من حيث تطوير الفكرة وإعادة البناء الكامل لها وفق النماذج والخطط والتدريبات التي حصلت عليها من مركز التوجيه، وصولاً إلى الحصول على تمويل من المؤسسة الأوروبية لأجل الديمقراطية".
إشارةً إلى أنّ "آخر قصّة" أصبحت محطّ اهتمام الصحفيين المستقلين، وأتاحت مساحة لمساعدة الفئات المجتمعية المهمشة وصولاً لتعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية.
الجزائر
تدير حنان بطاش مؤسسة أقواس الإعلامية في مدينة أدرار بدولة الجزائر وتهتمّ بالشأن المحلي وتقدّم خدمات إشهارية وتدريبات لطلاب الصحافة.
وعن مشاركتها تقول: "عرفت مبادرتي الرقمية تغييرًا على مستوى تحديد الفكرة والمحتوى، وبفضل توجيهات المدرب تعلّمت التواصل مع الجهات المانحة وكتابة المقترحات بعدما مرّت مبادرتي بظروفٍ ماديّة صعبة قبل المشاركة في مركز التوجيه".
نجوى هماميتونس
تقول نجوى الهمامي وهي صحفية استقصائية تونسية وأستاذة جامعية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، ومديرة إذاعة السيدة أف أم، التي تُعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان: "خلال المشاركة في البرنامج، تمكنتُ من التعريف بالإذاعة في تونس وفي عدد من البلدان العربية، وأصبحت الإذاعة متاحة على موجات أف أم وليس فقط عبر الموقع الإلكتروني".
وحققت الهمامي نجاحات في المجتمعات المحليّة وتمكّنت من متابعة القضايا الإنسانيّة الملحّة. وقالت: "أثّرنا إيجابيًا في الأحياء الشعبيّة وأصبحنا همزة وصل بينها وبين المسؤولين في الدولة، كما غيّرنا الفكرة المتداولة عن أنّ الحي الشعبي تكثر فيه الجرائم والمخدرات وصوّبنا اهتمام الجميع حول الجانب الإنساني فيه". ولفتت إلى أنّ "الإذاعة أصبحت معروفة ما دفع المانحين لمعرفة المزيد عن العمل وتقديم الدعم من خلال التدريبات وشراء المعدّات وغير ذلك".
يوسف أسكور
المغرب
يوسف أسكور، هو صحفي مغربي، أسّس منصة مغرب الثقافة المتخصصة في الشأن الثقافي، التي توفّر محتوى باستخدام وسائط رقمية متعددة.
تعليقًا على مشاركته في البرنامج، قال: "أصبحتُ قادرًا على تحديد الهدف من العمل وسمح لي البرنامج بالمشاركة في فعاليات محلية ودولية"، مضيفًا: "تمكنتُ من الحصول على دعم من وكالة التعاون الاعلامي الفرنسي".
دارس البعداني
اليمن
دارس البعداني هو رئيس المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي ينتج التقارير وقصص النجاح والفيديوهات والبرامج الصوتية الحقوقية ويستخدم لغة الإشارة و"برايل" لإيصال ما ينتجه المركز إلى كلّ من يعاني من صعوبات بصريّة أو سمعيّة. يقول دارس: "كان لمركز التوجيه الدور الكبير في نمو وتطوّر عملنا لما من شأنه توجيه العمل بشكل صحيح".
وتحدّث عن مسلسل "بديع وأمل" الإذاعي الذي أنتجه المركز بواقع 30 حلقة إذاعية تمّ بثها على 13 إذاعة محلية في صنعاء وحضرموت وعدن والحديدة ومأرب وشبوة والمهرة وإب وتعز، وهو أول مسلسل متخصص بمناقشة قضايا وحقوق ذوي الإعاقة في اليمن، وقد كان له أثر كبير في تغيير الوعي المجتمعي بحقوق وقضايا ذوي الإعاقة.
وأشار البعداني إلى أنّ المسلسل تطرّق إلى قضايا مهمّة كالعنف ضد الفتيات ذوات الإحتياجات الخاصة، ومصادرة الحريات ومشاكل أخرى.
محمد غزالة
لبنان
يدير محمد غزالة، شبكة أخبار الزهراني الإخباريّة. وبعد رحلته في برنامج مركز التوجيه، يقول: "شهدَ العمل تطورًا لافتًا، خصوصًا على مستوى البحث عن فرص جديدة للتطوّر، إضافة الى ما يتعلق بمهارات التخطيط والتقويم وتحديد الأهداف بدقة". وأشار إلى التمكّن من تنظيم عمل الشبكة بشكل أفضل الآن، وتوزيع الأدوار داخل الفريق، إضافةً إلى تنمية العضوية".
إشارةً إلى أنّ غزالة أطلق أكاديميّة للتدريب الإعلامي في لبنان خلال المشاركة في البرنامج.
هدى حربي
اليمن
أطلقت هدى حربي بالتعاون مع عدد من الصحفيات منصة "نسوان فويس" التي تهدف من خلالها إلى إيصال أصوات النساء في اليمن. وعن مشاركتها في مركز التوجيه تقول: "استفدتُ كثيرًا من الورشات التدريبية لا سيما تلك التي تتعلّق بصناعة المحتوى".
خلال المشاركة في البرنامج، تمكّنت هدى من إبرام شراكة مع انتر نيوز لمدة عام. كما قامت بتحضير خطة عمل لمدة ثلاثة أشهر بالتعاون مع الموجّه، حدّدت فيها المواضيع وتمكّنت من وضع ميزانية افتراضية لما سوف تعمل عليه وتنتجه خلال ثلاثة أشهر، بحسب ما أوضحت.