ظهور "صحافة واتسآب": الإيجابيات والسلبيات

Jan 6, 2022 في صحافة الموبايل
شعار واتسآب

في عملي كصحفية مستقلة منذ حوالى 25 سنة، شهدت تغييرات كثيرة في عملية جمع الأخبار، فقد غيرت التكنولوجيا التغطية الإخبارية بشكل كبير وسريع، بدءًا من تقديم الأخبار عبر الفاكس وإرسال أول رسالة عبر البريد الإلكتروني، وصولًا إلى استخدام تطبيقيْ "سكايب" و"زووم" لإجراء المقابلات. وكان ظهور ما أطلق عليه "صحافة واتسآب" من بين الاتجاهات الجديدة التي لاحظتها مؤخرًا، لا سيما خارج الولايات المتحدة.

وأصبح واتسآب منذ إطلاقه عام 2009 أشهر تطبيق للرسائل في أكثر من 100 دولة، إذ يستخدمه اليوم أكثر من 2.5 مليار شخص حول العالم، كما أنه من التطبيقات القليلة التي تخطى عدد مرات تنزيلها الخمسة مليارات.

كيف يستخدم الصحفيون واتسآب؟

يستخدم العديد من الصحفيين تطبيق واتسآب لإجراء المقابلات مع المصادر باستخدام خاصية الرسائل الصوتية، وخاصة في الأماكن التي لا يمكن الاعتماد فيها على خطوط الهاتف.

في هذا الصدد، يقول أمجد تادرس، الصحفي الحائز على جائزة إيمي ومراسل شبكة سي بي إس الأميركية في العاصمة الأردنية عمّان، إنه يستخدم التطبيق كثيرًا، "وخاصة عند تغطية الأخبار في اليمن، حيث يصعب الحصول على خط هاتف آمن"، مضيفًا إنه يرسل أسئلته عبر واتسآب ليتلقى الإجابات في صيغة رسائل نصية أو صوتية.

أما نبيه بولس، مراسل الشرق الأوسط لدى صحيفة لوس أنجلس تايمز الأميركية، فيقول إنه يستخدم واتسآب في تغطيته الصحفية ما لا يقل عن "50% من الوقت".

ويوضح بولس في حديثه إلى شبكة الصحفيين الدوليين أنه يستخدم واتسآب في التغطية الصحفية "سواء كان ذلك للبحث عن القنوات الإخبارية التي ترسل التنبيهات أو للتواصل مع الناس في حالة وجود خدمة إنترنت وانقطاع خطوط الهاتف أو لمتابعة المصادر"، مضيفًا أن التطبيق "ببساطة ضروري".

وعلاوة على ذلك، يقول بولس إنه استخدم واتسآب في سوريا للتواصل مع الناس، إذ يسمح التطبيق للمستخدمين الاحتفاظ بأرقامهم حتى بعد الانتقال إلى دول أخرى. ويضيف: "عندما كنت أغطي أزمة المهاجرين عام 2015، كنا نلتقي بالناس على طول الطريق، وكنا نتمكن من التواصل معهم عبر واتسآب عندما يحصلون على اتصال بالإنترنت".

ووفقًا للخبير مات نافارا، مستشار التواصل الاجتماعي، فإن واتسآب قد يكون أداة قيّمة للصحفيين لأسباب عدّة:

  • يمكن استخدام واتسآب لطرح الأسئلة على المصادر أو الشهود أو الخبراء، مما يجعل المحادثة مع الصحفي أقل رسمية. ويُعد التطبيق مفيدًا بشكل خاص عندما يكون المتحدث قلقًا أو حذرًا في إجاباته.
  • إنّ رسائل واتسآب المشفرة، هي أمر مهم بشكل خاص عند الحديث إلى المبلغين عن المخالفات أو المصادر التي تتطلب ظروفها السرية والخصوصية بشكل تام. وقد يجد الصحفيون أنّ استخدام واتسآب مريح للمصدر، على عكس المكالمات الهاتفية أو البريد الإلكتروني أو المقابلات الشخصية، مما قد يجعلهم يشعرون بأنهم أكثر عرضة للخطر.
  • يمكن لرسائل واتسآب الصوتية أيضًا أن تزود الصحفيين بإجابات أكثر دقة، وهو ما قد يغيب في الردود المكتوبة.
  • يمكن لواتسآب أن يساعد الصحفيين في تغطيتهم أثناء التحرك أو إذا اقترب موعد التسليم. كما أن واتسآب وغيره من تطبيقات الرسائل المشفرة يتيحون للصحفيين أن يلتقطوا أهم التفاصيل بسرعة وبشكل آمن وأن ينقلوها فورًا إلى زملائهم في غرف الأخبار.

إقرأوا أيضًا: نصائح وأدوات للصحفيين لتصوير فيديوهات عبر الهاتف

عيوب التطبيق

يأتي استخدام واتسآب مصحوبًا بمجموعة من المخاطر والعيوب.

في هذا الإطار، يقول بولس إنّ مشكلته مع صحافة واتسآب هي أنّ "الصحفيين يعتمدون على التطبيق بشكل حصري للحديث إلى أشخاص لم يسبق لهم مقابلتهم وجهًا لوجه"، مضيفًا أنه واجه هذه المشكلة في سوريا لأن الوصول إلى المصادر كان صعبًا، "فكان الصحفيون يتواصلون مع أشخاص يزعمون أنهم في منطقة معينة، ولم تكن هناك أي وسيلة لإثبات ذلك".

ويوضح الصحفي أن أكثر ما يشغله هو مدى سهولة التضليل عبر واتسآب، محذرًا من "السقوط في فخ التعرض للخداع ونشر قصص غير دقيقة". وإضافة إلى ذلك، تمثل الخصوصية والسرية مشكلة أخرى عند استخدام واتسآب.

من جهته، يوضح نافارا أنّ على "الصحفيين الحفاظ على أعلى مستويات الأمان في أجهزتهم المحمولة من أجل حماية الخصوصية والسرية في عمليات تبادل رسائل واتسآب مع المصادر". وينصح باستخدام خصائص أمنية إضافية، مثل "خاصية التعرف على الوجه (Face ID) لفتح واتسآب والرموز وكلمات المرور المعقدة للولوج إلى الأجهزة. كما يمكن لخاصية اختفاء الرسائل أن تكون مفيدة عند مناقشة المعلومات الحساسة عبر واتساب".

أما بالنسبة لتادرس، فأحد عيوب استخدام واتسآب في التغطية الصحفية هو فقدان الطبيعة العفوية للعمل الصحفي والمناقشات الحية. ويلفت إلى أن "الضيف [عبر واتسآب] لديه ميزة التفكير المسبق في الإجابة، مما يجعلها تفقد قيمتها".


الصورة الرئيسية من انسبلاش بواسطة ديما سولومين.